بمناسبة تكريمه الادبي والشعبي والفني
[c1]كنت أخاف من الظلام فكنت اؤنس نفسي بالغناء لابدد الخوف عند مروري بأزقة وطرقات الحوطة لخدمة الأسرة وجلب متطلباتها [/c]الحلقة الثانية سلوى صنعاني تواصلاً مع الحلقة الاولى التي نشرتها صحيفة 14 أكتوبر عن تكريم الاستاذ الفنان والمطرب عبدالكريم عبدالله توفيق الذي اقيم في منطقة الحوطة تحت رعاية السلطة المحلية واتحاد الادباء والكتاب اليمنيين لحج وفرع الثقافة في حضور اتسم بالضخامة والكثرة لنخب الادباء والفنانين وممثلي المنتديات والجمعيات والاتحادات الفنية والادبية وجموع غفيرة من محبيه وعشاق فنه حفلة جميلة ورائعة كان عروسها هو.عبدالكريم توفيق من مواليد منطقة الحوطة لحج في العام 1946م في السادس والعشرين من نيسان. ونيسان ذلك العام لم يزخر بعطاءاته من زهوره وورده وروائحه الشذية العبقة بل حبا لحج والفن اليمني برمته اجمل بلابله الشاذية الصداحة وهو الفنان عبدالكريم.متزوج وله ثلاثة ابناء ابتدأ مشواره الفني منذ نعومة اظافره وانضم إلى الندوة الموسيقية اللحجية في العام 1958م ــ حضنه عمالقة الفن انذاك واعطوه عصارة ابداعاتهم لتثمينهم لهذه الثروة المتميزة بالصوت الرخيم الشجي، وحصل على معظم اعمالهم وبروائعهم قبل التحاقه بهذا الاطار الفني الابداعي الذي تخلق وتشكل خلاله الفنان الصغير عبدالكريم كانت هناك ممهدات.[c1]يتحدث لنا عبدالكريم عن الفترة التي سبقت التحاقه بالندوة قائلاً: [/c]عندما كنت صغيراً في سن مبكرة لاتتجاوز الخامسة كان منزلنا الكائن بحارة الجامع الكبير وهو حي معروف باحتضانه لحفلات (الزواج) المخادر نظراً لسعة ساحاته كنت ابات مصغياً لغناء المطربين الذين يحيون الحفل واحفظ عنهم تلك الاغاني لارددها. وفيما كنت احضر مجالس الشعر وهي احدى المنابر الادبية والفنية التي تتميز بها الحوطة كنت استمع إلى غناء والدي المتمتع بصوت جميل عقب كل مساجله شعرية. وكان خالي الفنان هادي سعد قد شكل الاضافة لكل ماذكرت من تأثيرات على ذهني لتغذية بذرة الفن وعشقي له.وكنت اوؤنس نفسي في الازقة والطرقات عندما يرسلني الاهل لشراء احتياجاتهم من السوق لانني كنت اخاف في الليل من الظلام نتيجة المحازي (الاساطير) التي يحكيها لنا اهلنا عن (المكحل بالدقيق) و(الطويل جاكم خبوا عيالكم) وحكايات (الجبرتي) وكلها تصب في بعث الخوف في نفوس الصغار عن الجن حتى يخلدوا للنوم مبكراً.ولاني اخاف وخوفي كما اسلفت اسبابه كنت اصدح بصوتي .. وهكذا تعودت شوارع الحوطة وازقتها على صوت الصغير عبدالكريم وشاع صيته بين الاهالي.ثم التحقت بالمدرسة المسحنية وهناك كنت اغني مع زملائي من التلاميذ، هنا التفت الي الاستاذ والمربي والاب الفنان/ حسن عطا الذي كان أحد اساتذة المدرسة وفي الوقت نفسه كان مربي صفي الذي انتمي اليه.والاستاذ حسن عطا استاذ جليل ومطرب وفنان ذائع الصيت ومن المطربين الذين يحظون بشهرة كبيرة سواء في سلطنة لحج انذاك، او خارجها لانه قدم العديد من اعماله الفنية للاذاعة في عدن التي كانت تثبت بحيث يصل صوت الفنان إلى ماوراء البحار وهو عماد فني من اعمدة ندوة ابناء الجنوب التابعة لحزب الرابطة.هذا الفنان والمربي والاستاذ، عرفني عن قرب وشده صوتي، فحاول تنمية هذه الموهبة فقام بتشجيعي واتاحة الفرصة لي بالغناء في ساحة المدرسة اثناء الاستراحات الفصلية.فللاستاذ حسن عطا كان الفضل في اكتشاف موهبتي الغنائية .. فقام بضمي إلى عضوية الندوة الموسيقية اللحجية ابان قيادة الاستاذ فضل اللحجي لها وذلك عقب توقف (ندوة ابناء الجنوب) لاسباب سياسية.في ذلك الوقت كانت الندوة الموسيقية اللحجي قد سطع نجمها وذاع صيتها في الآفاق، فقد كانت ترتكز على ابرز اساتذة الفن وعمالقته الاستاذ الكبير ابي واستاذي الفنان محمد سعد الصنعاني والاستاذ الامير عبده عبدالكريم والاستاذ صلاح ناصر كرد مع مجموعة من الفنانين من مطربين وعازفين.ولاني كنت صغيراً وللأهل تحفظات تجاه ابنائهم الصغار والتحاقهم بالفن. فالفضل الأول في اقناع والدي بالانضمام إلى الندوة، وتبناني فنياً واشرف على رعايتي وقدم لي العديد من الاعمال الفنية الناجحة هو استاذي القدير عازف الكمنجة البارع صلاح ناصر كرد، وكذلك صاحب الالحان الراقصة الرائعة والاعمال الفنية التي كانت وراء شهرتي وانتشاري استاذي الجليل وابي الحبيب الاستاذ محمد سعد الصنعاني .. هكذا بدأت مشواري الفني الذي امتد على مدى اربعة عقود وإلى الآن.اثناء وجودي في الندوة حصلت على اعمال كثيرة ومنها (لوعتي) (بالعيون السود) (بكشفه للثام) (ردد التغريد) (ياشاكي غرامك قلبك غريم)وهي من اروع ما لحنه الاستاذ محمد سعد الصنعاني (وكم يقول لي الليل توب) (يامعذب في الهوى ما اصبرك) (في عينيه نور الامل) (تقول العين ذا ملكي).هذه الاعمال سجلت في الاذاعة وتم توثيقها ثم تركت الندوة وانتقلت إلى عدن للالتحاق بالعمل في السلك العسكري وبقيت على صلة باساتذي كما اضاف انتقالي إلى عدن إلى رصيدي الفني واتيحت لي فرصة كثيرة للتوسع.وقمت بتشكيل الفرقة الوترية للقوات المسلحة مع زميلي الاستاذ والموسيقار المرحوم جميل غانم في العام 72م وهي أول فرقة تمثل البلد في الداخل والخارج قبل الوحدة المباركة.ثم انتخبت في العام 80م سكرتيراً لاتحاد الفنانيين محافظة عدن وسكرتير للعلاقات الداخلية وشغلت امين عام لاتحاد الفنانين في عموم الجمهورية.كانت فترة خصبة اذ تمكنت وزملائي في الاتحاد بالتنسيق مع وزارة الثقافة التي كانت تدعمنا دعماً مادياً ومعنوياً جمعنا كافة اعمال الفنانين في عموم الجمهورية وعملنا على التواصل معهم وتوثيق اعمالهم في مختلف انواع الفن سواء المسرحي أو الغنائي أو غيره.وقدمنا طلباً إلى رئيس الوزراء باعتماد رواتب شهرية كاعانة ثابتة لهؤلاء المبدعين المهملين الذين سحقهم الفقر وهم الذين اعطوا الفن عصارة اعمارهم واجمل اعمالهم وتم ذلك .. وهكذا كفلت الدولة هؤلاء المبدعين ودعمتهم.وعقدنا اتفاقيات مع بعض الاتحادات الموسيقية في الخارج عادت علينا بالخير ومن خلالها منحنا منح طبية للمرضى الفنانين للعلاج في الخارج واخرى ترفيهية وسياحية تمكن الفنانين من الخروج إلى الخارج والاطلاع على التجارب الفنية لدى البلدان التي اعطتنا تلك المنح .. وهناك منح دراسية اتاحت الفرصة للعديد من فنانين من الالتحاق بالمعاهد الموسيقية العالية وحصلوا خلالها على شهادات الماجستير من تلك الدول.وتم تشكيل فرق منها العازفة والغنائية ومنها الراقصة ..وتوجهنا إلى بلدان عديدة كرسل للفن .. قدمنا خلالها مختلف فنوننا التي حازت على اعجاب تلك الجماهير في الدول الشقيقة والصديقة وحازت على العديد من الشهادات!!وكان لنا مقراً في مدينة كريتر يحوي على ناد وساحة عرض سينمائي مع معداتها وكان المقر المؤلف من طابقين يحتوي على كافة المعدات كمجلس خاص بالبروفات مع آلاته الموسيقية ومجلس للمقيل .. وغرف خاصة بالنوم مزودة بكافة الاثاث .. ولكن وآه من لكن!!هنا توقف الحديث لنتواصل مع الفنان عبدالكريم توفيق في الحلقة القادمة من مصادرة وبيع المقر ونهبه .. وعن ذكرياته الاخرى في مجال الفن .. وعن الجديد الذي سيفاجىء جمهوره به.