ما أن ينتصف شهر شعبان حتى تعج المساجد في بريطانيا بالنشاطات الاسلامية بمختلف أشكالها، من جمع التبرعات الى طباعة أوقات الصلاة التي تحتوي على إمساكية الشهر.ولكن ما أن يأتي اليوم الاخير من شعبان حتى لا تكاد تصدق شركات الهاتف كم المكالمات الصادرة من وإلى بريطانيا وخصوصا الرسائل الالكترونية التي تحمل مباركة المسلمين لبعضهم البعض بهذا الشهر الكريم.شهر رمضان له خصوصيته في بريطانيا، فهو شهر لا يعرف الكسل بل تنتشر فيه قراءة القرآن وعمل الخير والعبادات. أما ليل رمضان عند اغلب ابناء الجالية المسلمة في بريطانيا فهو لا يعرف الا «الجد» أيضا من صلاة التراويح بالمساجد او المراكز الاسلامية او في المنازل مع العوائل. ولكنه يحفل أيضا بما لذ وطاب على المآدب في الشهر الكريم. وتحظى تلك الموائد بأطباق عامرة، فهو الشهر الذي يتضاعف فيه العمل والجهد من اجل الدعوة في سبيل الله.والشهر الكريم يتميز بطقوسه وعاداته وتقاليده التي تتباين من مجتمع مسلم لآخر، مع الاحتفاظ بعامل مشترك بين كل المسلمين في شتى البقاع وهو الجانب الروحي والإيماني، وصلاة الجماعة والتراويح.. لكن ماذا عن رمضان في بلاد الغربة حينما يكون المسلمون أقلية صغيرة مشتتين في أنحاء متفرقة؟ هل يشعر المسلم بروحانية رمضان؟ هل ثمة طقوس وعادات يمارسها الصائم في وسط جماعة من المسلمين فيشعر بفرحة الصوم والإفطار؟لهذا فإن كثيرا من المسلمين في الغربة يحاولون البحث عن هذه التقاليد ليشعروا أولادهم بدفء شهر رمضان الكريم وبروعة الصوم فيه. وشهر رمضان شهر مبارك، تفتح فيه أبواب الجنان وتوصد أبواب النيران، تحلق فيه طيور الأمل في فضاءات ملكوتية، طاردة بأجنحة الرحمة غربان اليأس من روح الله.فنرى المركز الاسلامي يعد مجموعة من البرامج الاسلامية لاستقبال ابناء الجالية المسلمة خلال الشهر الكريم، منها تقديم وجبة افطار لما يزيد على الف زائر يوميا، بالاضافة الى محاضرة يوميا بعد العصر يقدمها مجموعة من العلماء والمشايخ والائمة بلغات مختلفة منها العربية والانجليزية والاوردو والبنغالية ، وهناك لجنة الاغاثة والتبرعات التابعة للمركز الاسلامي تعقد يوميا بحضور ممثلين عن الجالية المسلمة لدراسة تقديم اعانات للمحتاجين او الذين يمرون بظروف صعبة خلال الشهر الكريم ، وتقام صلاة التراويح التي تختتم بختم القرآن يوم 27 من شهر رمضان، «وما أن يؤذن لصلاة العشاء حتى ترى المساجد تكتظ بالمصلين من كل جنس ولون حتى أننا بتنا نألف رؤية المسلمين البريطانيين بيننا وهذا والله ما يجعلنا نفرح بالشهر أكثر».إن المساجد في لندن وفي مثل هذا اليوم تكون قد امتلأت بكل أصناف الحلويات ترحيبا بضيوف مساجد الرحمن.وما أن تقضى الصلاة حتى ترى جميع المصلين مستبشرين يبارك بعضهم لبعض بقدوم هذا الزائر الذي انتظره الجميع منذ فترة طويلة. وقبل صلاة الفجر تنظم العديد من المساجد جلسات سحور وبما تيسر من طعام لمرتادي بيت الله وخاصة من الطلاب أو المحتاجين.وترى المصلين في صلاة الفجر كل منهم فرح بما اتاه الله من فضله مستبشرين بعام جديد يكون خيرا لهذه الأمة. وهكذا يمضى النهار حتى يأتي وقت الإفطار فترى المساجد قد فرشت بالموائد لكل قادم لها مرحبة بزوار بيوت الرحمن.يجلس الجميع إخوة في هذا الدين يتبادلون الحديث بينما يأكلون بعد صلاة المغرب، ثم يشترك الجميع في تنظيف المسجد وتجهيزه لصلاة التراويح.عادة في صلاة التراويح تقوم كثير من المساجد بختم القرآن الكريم، وهكذا إذا قضيت الصلاة ذهب الجميع لبيوتهم فمن قام قام ومن نام نام منتظرين يوما جديدا من أيام الشهر الكريم. والوضع في لندن يختلف كلياًحيث يسعى المسلمون على مستوى عوائلهم جاهدين إلى استغلال فرصة الصوم لتعليم أبنائهم عاداتهم وتقاليدهم ، التي كانوايعيشونها في شهر رمضان حينما كانوا في أوطانهم . وبشكل عام الجالية المسلمة في بريطانيا مشغولة ومهتمة كثيراً بالشهر المبارك، ويظهرذلك من خلال كثرة ترددهم على المحل للتسوق، كذلك من خلال صلاة الجماعة بخاصة في المساء وكذلك صلاة الجمعة حيث يتجمعون في المساجد وكذلك يقومون بتبادل الزيارات بين العوائل. أما ابناء الجالية فيميلون لتقليص ساعات عملهم من اجل التفرغ للشهر الكريم ، ويحاولون أن يتواجدوا في الأماكن العربية والإسلامية حتى يعيشوا أجواء الشهر الكريم من خلال الافطار الجماعي وأداء الصلوات جماعة وكذلك الاحتفال في المناسبات الإسلامية في هذا الشهر».وشهر رمضان ليس حكراً على المسلمين فقط بل أجواؤه يعيشها العرب من غير المسلمين ويقول احد المصريين الاقباط إننا ننتظر قدوم شهر رمضان بشوق كبير لأن جميع أصدقائنا من المسلمين وأكثرهم يصومون في هذا الشهر ذي الأجواء الجميلة. وكتقليد دأبنا عليه منذ الصغر نتجمع مع جيراننا المسلمين وقت الأفطار ولا نشعر ان هنالك أي فرق بيننا وبينهم والأمر نفسه نفعله هنا في لندن مع أصدقائنا المسلمين حيث ندعوهم للافطار في بيتنا وكذلك نحتفل معهم بعيد الفطر المبارك، وتولم الكنيسة القبطية في منتصف الشهر لابناء الجالية المسلمة في افطار حافل من اطايب المأكولات». وفي قرية لندن العربية بشارع ادجوار رود الشهير وسط لندن حيث يوجد عدد كبير من المطاعم والمقاهي العربية التي تزدحم بالزبائن بعد صلاة التراويح وحتي الفجر.وفي ما يتعلق بالأطعمة والوجبات التي تقدمها المطاعم فهناك حرص على تقديم أكلات خاصة لكل يوم من أيام الشهر المبارك بخاصة الأكلات الشرقية العربية المعروفة مثل (القوزي والشوربة والباجه والدولمة) بالإضافة إلى صحن اليوم والحلويات من الكنافة والقطايف والبقلاوة والارز باللبن. أما في عيد الفطر المبارك فهناك حفلات خاصة حيث يتوافد على المطاعم الكثير من أبناء الجالية للاحتفال بالعيد ولتهنئة بعضهم البعض.
واحة رمضانية في قلب لندن
أخبار متعلقة