مثل يوم الـ 11 من سبتمبر المشؤوم نقطة تحول رئيسية في حياة البشرية في التاريخ المعاصر حيث أفرز هذا اليوم الاسود معطيات جديدة في شكل وجوهر العلاقات السياسية بين شعوب العالم قاطبة لتشكل بعد ذلك قنوات وآليات عمل جديدة لمحاربة ما يسمى بالإرهاب . ويعلم الجميع أنه لايوجد تعريف محدد لهذا الوباء اللعين لفكر وسلوك وآلية عمل ولكن يمكن أن نقول وقلت ذلك في تناوله سابقه إنه أي الارهاب نتاج طبيعي للبلطجة السياسية وسياسة الكيل بمكيالين في أعقد قضية سياسية على الساحة الدولية الا وهي قضية الشرق الأوسط المتمثلة في الصراع العربي الاسرائيلي وضياع حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة وإقامة دولته على ترابه الوطني الذي اغتصبته اسرائيل بمساعدة مجموعة من الدول العظمى على رأسها الولايات المتحدة الامريكية الأم الحنون لهذا الكيان الشاذ والغريب في المنطقة والذي يعتبر النواة الرئيسية والفيروس الحقيقي لاستشراء وباء الارهاب في العالم واتساع دائرته كما أن الحرب التي تشنها إدارة البيت الابيض لن تؤدي ابداً إلى القضاء على الإرهاب بل على العكس تماماً ستولد جماعات جديدة من رحم القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى أكثر شراسة ودموية فالعنف لا يولد إلا العنف بالطبيعي وستنتشر رائحة الموت في أرجاء العالم ولن يستطيع أي مخلوق أو أي قوة عسكرية في العالم الحد منه أو حتى التقليل من حدة الهجمات هنا وهناك.إن أكبر غلطة ارتكبها الرئيس جورج بوش وساعدت على تنامي حدة الإرهاب في العالم هو تعطيله لعملية السلام في الشرق الأوسط وسماحه لاسرائيل ببناء الجدار العازل والمستوطنات إضافة إلى غزوه العراق والعبث بسيادته ومقدراته فهذا كله زاد من كراهية العرب والمسلمين والعالم الحر لسياسة البيت الأبيض وبريطانيا وحلفائهما وسمماً عقول جديدة كان بالامكان تنقيتها من بعض الشوائب بالحوار والمعالجة السياسية والفكرية المسؤولة بروح انسانية حقيقية لا تسلب الآخرين حقوقهم من خلال معالجة الجرح الانساني الغائر في الشرق الأوسط على طاولة المفاوضات لقلع الارهاب من جذوره.إن الديمقراطية التي تريد أمريكا وبريطانيا وحلفاؤهم نشرها عن طريق الدبابات والبارجات الحربية والقنابل الغبية لن تزيد الأمر الا تعقيداً فالديمقراطية هي مسلك انساني راق لتداول السلطةة سلمياً يجدده كل شعب بقناعة ذاتية ووفق خصوصية قد يكون غزو امريكا وحلفائها لافغانستان أمراً مبرراً على اعتبار أن من حقها آنذاك ضرب حركة طالبان والقاعدة كردة فعل طبيعية على قيام الأخيرتين بضرب برجي التجارة في نيويورك والبنتاجون في واشنطن والتسبب بقتل أكثر من 3 آلاف معظمهم من المدنيين الامريكيين الذين لا ذنب لهم.ولكن ضرب العراق وعملية السلام ومحاولة احتلال الجنوب اللبناني عبر اسرائيل التي فشلت في تحقيق الهدف كل هذا ضرب من العبث والبلطجة والافلاس السياسي وكل ذلك ادى إلى تزايد وتيرة العمليات الارهابية وظهور جماعات مسلحة في أكثر مناطق العالم وبخاصة الأماكن التي تشهد مواجهات مسلحة.إن الاخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الولايات المتحدة الامريكية لمعالجة الضربة العنيفة التي تلقتها في 11من سبتمبر وسعت رقعة الارهاب اضعاف الاضعاف مما كانت عليه قبل هذا التاريخ والدليل أن العالم بشكل عام اصبح مضطرباً (أوروبا + افريقيا + آسيا والخليج بشكل خاص وأماكن كثيرة في العالم ).لقد أصبح العالم اليوم اشبه بفوهة بركان تتطاير منها حمم الارهاب بشكل يدعو إلى القلق والخوف على مصير سكان الأرض عموماً فماذا لو امتلكت هذه الجماعات أسلحة دمار شامل ماذا سيحدث .في ظل هذا العداء الكبير بين الشرق والغرب .. في ظل هذا الصدام العنيف بين الحضارات في ظل الحرب النفسية الدائرة بين رجال الدين؟!لا أجامل إذا قلت إن ساسة اليمن والسعودية بشكل خاص كانوا حكماء بمعنى الكلمة فقد اتصفت سياستهم لمواجهة الارهاب بالشدة والمرونة المطلوبة والتسامح والحوار الجاد المسؤول مع الكثير من المغرر بهم الذين عادوا إلى جادة الصواب فعلاً واصبحوا رجالاً حقيقيين وشباباً مفيدين ومخلصين لشعوبهم وأوطانهم.لقد ضرب قادة هاتين الدولتين مثالاً رائعاً في الكيفية المثلى لاستئصال سرطان الارهاب من حياة شعبيهما وإن كانت المخاوف لا تزال قائمة بسبب ادارة الرئيس جورج دبليو بوش ( المتطرف رقم واحد في العالم ) وتواجد مصالح غربية في الدولتين اضافة إلى السبب الأهم والرئيس وهو توقف عملية السلام وتوتر الاوضاع السياسية في الشرق الأوسط ومضى اسرائيل في سياستها الاستيطانية لدعم امريكي مادي ومعنوي يجسده ( الفيتو) قبل أي شيء.وهو أي( الفيتو الامريكي) سبب رئيسي من أسباب انتشار الإرهاب في العالم.إن الحروب التي تشنها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وحلفاؤها هنا وهناك عامل أساسي لنمو الارهاب في العالم ومن المستحيل جداً تحقيق السلام في اي مكان في العالم عبر الجيوش والدبابات وأسلحة الدمار الشامل ومن يعتقد ذلك فهو إما غبي أو مغرور متكبر وينظر إلى نفسه كثيراً المرآه.إن السلام الذي ننشده جميعاً لا يمكن أن يتحقق إلا با لحوار والمعالجة الفكرية والسياسية .. المعالجة التي لا تلغي أحداً ولا تغتصب حق شعب بكامله .. المعالجة التي لا تعرف سياسة الكيل بمكيالين .. المعالجة التي لا تجبر أحداً على السباحة في الرمال والجري فوق الماء.
معركتنا ضد الإرهاب هي في الأساس فكرية
أخبار متعلقة