مكاشفة
[c1]أخي الصائم ..[/c] إن النعم كلما ازدادت قيمة في نفوسنا كلما ازددنا حرصاً عليها نشفق عليها أن تنزع من أيدينا أو تنال منها مصيبة أو جائحة لا قدر الله .هذا المجتمع الآمن الذي ترفرف على ربوعه راية التوحيد هو من أعظم المكاسب التي يجب علينا أن نحافظ عليها ولا نسمح لأحد أن يخدش جمالها وإن وجود بعض الظواهر الاجتماعية المؤثرة على صبغته الهادئة والوادعة لتمثل تشويهاً حقيقياً كأنه بثور متقيحة في وجه حسناء وهي ظواهر تمثل إفرازاً سيئاً لتلاقح المجتمعات المفتوح دون حدود عبر الفضاء والشبكة العنكبوتية وتقليداً محضاً لما يشاهد هنا وهناك . صورة محزنة شاهدتها في شهر رمضان بالقرب من منزلي حيث يحلو السهر الشبابي الطائش .. أحد كبار السن في حينا على عتبات الثمانين من عمره خرج يريد قضاء حاجة له من أحد المحلات التجارية القريبة من منزله وفي الطريق رأى جمهرة من الشباب قد اصطفت على جنبات الطريق لاتألو جهداً في إثارة الفوضى تتفنن في إزعاج الحي والمارة بوسائل لا تنقصها الهمجية تخجل العائلات المحترمة حين تضطر للخروج لحاجتها , وتلجئ السيارات العابرة للحوادث المرورية وترعب المارة , وتعرض عشرات الأطفال المغرر بهم للخطر الداهم كل ذلك من أجل استعراض سمج للمهارات الخارقة التي يتمتع بها أحد الشباب المتهور وهو يرقص سيارته أو يدور بها في غطرسة , والتي قد تنتهي بانقلاب السيارة , أو الاصطدام في سيارات , أو ربما الدخول في أحد جدران المنازل القريبة كما حدث ذلك ورأيته .لن أنسى شيخنا الوقور وهو يراقب هذه المهزلة مرغماً غير مختار , لأنه يقف محتاراً على حافة الشارع ينتظر الفرج ولو للحظات ليقطع الشارع إلى مكان حاجته , وفجأة انزلقت سيارة مجنونة إلى موقع الشيخ لترديه قتيلاً في لحظات , ليكون واحداً من ضحايا التجمعات الشبابية المشبوهة في الطرق العامة .وإذا كان سرد الحادثة كافياً لتكون عبرة للشباب , فإن الكلمة التي يجب أن تقال يجب أن توجه لأولياء الأمور , الذي منحوا هذه السيارات لمن لا يستحقها , ومن لا يعرف كيف ينتفع بها , ولا يقدر مدى خطرها ويبقون هم غافلين عن فلذات أكبادهم لاهين عنهم بشؤن الحياة التي لا تنتهي , حتى إذا وقعت الكارثة واستدعي أحدهم إلى دائرة الأمن بدأ يتلفت يميناً وشمالاً يبحث عن مخرج لولده من ورطته ويذهب أمثال هذا الشيخ القتيل يشكو إلى ربه من قتله ومن تسبب في قتله .[c1]أخي الصائم .. [/c]أليس أولادنا من أعظم الأمانات عندنا ؟ أو ليسوا مسؤولين أمام الله عن شبابهم فيم يبلونه , فلماذا.. لماذا نرخصهم فنسلمهم لرفقاء السوء في مثل هذه التجمعات الموبوءة , التي لا تخلو من مواعيد مشبوهة ومد الجسور في علاقات تبدأ في الشارع , وتنتهي في مغارة من مغارات الفساد وعصابة من عصابات المخدرات , لا قدر الله ..ومهما يكن من شيء فإن هذه التجمعات لا تمثل الوجه النقي الطاهر لشهر رمضان المبارك , الذي ينبغي أن نصطبح به ونتمسى وقد اغتسلنا من أدراننا وخطايانا .أخي الصائم .. ترفق بابنك , وانتشله من هذه الوهدة التي لا يدري قاع هاويتها حين يطل عليها بعين المتعة فيراها بركة زرقاء توج بلآليء الضوء المتوهج , فتغريه بالعومة التي قد لا ينجو من فكيها .أعتذر لك أخي الصائم إن كنت قد جرحت مشاعرك بمدية الحقيقة , ولكن عذري أنني أحبك , وأحب لك الخير الذي أحبه لنفسي .