موسكو/14 أكتوبر/ رويترز : في ردها على تساؤلات كثيرة تثار عن دورها في اللجنة الرباعية، تقدم روسيا نفسها على أنها صديق مشترك للفلسطينيين والإسرائيليين، ففي مارس الماضي استضافت اجتماع الرباعية، وهي تستقبل من حين لآخر قادة من السلطة الفلسطينية، بل إنها قاومت في فبراير/شباط الماضي ضغوطا غربية واستقبلت قادة من حماس على اعتبار أن الحركة الموصومة غربيا بـ«الإرهاب» ممثل حصل على ثقة الشعب الفلسطيني عبر الانتخابات. وخلال فترة التوتر والخلافات الأميركية الإسرائيلية على ملف الاستيطان بعد تولي الرئيس باراك أوباما السلطة، اعتقد بعض المسؤولين الروس أن بلادهم قادرة على لعب دور الوسيط الموثوق به في عملية السلام بالشرق الأوسط. ويقول نائب محافظ إقليم بريموريا في أقصى شرق روسيا أندري نورين، إن روسيا قدمت مبادرات عبر مجلس الأمن الدولي التي هي عضو دائم فيه من أجل حل سلمي للصراع، وهي قادرة، من وجهة نظره الشخصية، على العمل مع الأطراف المعنية من أجل تسوية الصراع سلميا، بيد أنه تحفظ عن تسمية مبادرة بعينها. وعلى عكس أيام الحرب الباردة عندما وقف الاتحاد السوفيتي مع العرب وأميركا مع إسرائيل، تبدو روسيا اليوم، في سعي حثيث لأن تكون نقطة التقاء بين الأطراف المتصارعة مع ترجيح لكفة المصالح وهي مستعدة لمقاربات في قضية الشرق الأوسط تكسبها الغرب الذي يمسك بالكثير من ملفاتها ولا تفقدها الفلسطينيين والعرب زبائن السلاح والسلع. فروسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي لها علاقات قوية مع إسرائيل في كل المجالات. فالعلاقات العسكرية متماسكة، وكذا الاقتصادية التي يعززها وجود جالية يهودية قوية في روسيا، ومهاجرين روس، أبقوا لغتهم الأصلية حية في إسرائيل، وتقلبوا في مناصب الدولة العليا. ومع تصالحها مع الماضي الذي كان يحد فيه الاتحاد السوفياتي السابق من هجرة اليهود الروس لإسرائيل، ترى روسيا اليوم في المستوطنين الناطقين بالروسية إحدى أدوات تعزيز الثقة مع إسرائيل. ويرى نورين أن هجرة اليهود الروس خاصة من منطقته بريموريا، خلقت علاقات قربى في إسرائيل، لكنها حسب ما يقول لن تؤثر على نظرة روسيا «الموضوعية» للقضية «لأنها معنية باستقرار الشرق الأوسط».وأضاف المسؤول الروسي أن كثيرا من يهود منطقته الذين هاجروا عادوا من إسرائيل بعد أن أدركوا عدم قدرتهم على التأقلم مع الوضع هناك. وبينما يشعر الفلسطينيون بالاستياء من الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، وهو على حسابهم في كثير من الأحيان حسب ما يقولون، يجادل الروس على مستوى الشارع بأن بلادهم قادرة على خلق توازن من خلال الرباعية الدولية، التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وفي معيتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويشير هؤلاء إلى تاريخ العلاقات الروسية مع الفلسطينيين الذين درس الكثير منهم اللغة الروسية. ويعتقد يفغيني (29 عاما) وهو مدرس موسيقى، أن دراسة الكثير من الفلسطينيين وإتقانهم الروسية وهجرة يهود يتحدثون هذه اللغة سيجعل روسيا، تحس بإمكانية تدخلها وسيطًا يقرب وجهات النظر عبر معطى اللغة على حد قوله.لكن محللين آخرين يرون أن مشاركة روسيا في الرباعية شرفية أكثر منها عضوية فاعلة، ففي حين لا تثق إسرائيل في الدور الروسي، لا يرغب الفلسطينيون أيضا في الرهان عليه وهم يدركون أن مفاتيح اللعبة في أيدي الأميركيين. وروسيا التي يمثل المسلمون 20 % من سكانها ولديها علاقات وثيقة مع العرب والمسلمين، ترغب في وساطة تحللها من تبعات التاريخ السوفياتي «المحابي للعرب» أيام الحرب الباردة وتفهم أكبر من حلفاء الأمس لمصالحها اليوم. فتمدد حلف الناتو حتى أوكرانيا وجورجيا والتدخل الغربي في دول الجوار التي تعتبرها موسكو منطقة نفوذها التقليدي وعضوية منظمة التجارة العالمية، تكتسب أولوية على جدول الأعمال الروسي. وتقول القيادة الروسية الحالية إنها متمسكة بسياسات الرباعية وهي على ما يبدو لن تجازف بالخروج عن خطها مرة ثانية خشية أن تدفع ثمنا سياسيا باهظا.