صبـاح الخـير
[c1]فريد محسن علي[/c]حققت بلادنا في العقود الأخيرة من القرن العشرين العديد من الانجازات على مختلف الاصعدة ، وقد كان ابرزها اعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م ، وشهد الوطن اليمني تحولات جذرية سياسية واقتصادية وتنموية ، واختار الشعب الديمقراطية لادارة شؤونه السياسية ، كما اعتمد مبدأ المشاركة الشعبية سبيلاً في التنمية المحلية الشاملة .ومنذ تحقيق الوحدة خاض اليمن تجربة فريدة ومتميزة في العمل التنموي مستندة إلى الافادة من معطيات العصر وتجارب العالم في خدمة الاغراض التنموية ، ومن بين تلك التحولات التوجه نحو اللا مركزية الادارية والمالية في تسيير الشأن المحلي وذلك من خلال تطبيق نظام السلطة المحلية وجاء الانتقال من نظام المركزية الى نظام اللا مركزية الادارية والمالية ترجمة لضرورات توطيد الخيار الديمقراطي ، واستجابة لمقتضيات الادارة التنموية الشاملة التي تبناها برنامج الاصلاح الاقتصادي ، باعتبارها أداة من ادوات الاصلاح الشامل الذي انتهجته بلادنا ، وقد اصبح نظام اللا مركزية الادارية والمالية اليوم واقعاً مهماً لتحقيق توجهات التنمية المستدامة ، بل وأداة من ادوات التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي ينشده المواطن .وينشد المجتمع اليمني من تطبيق اللا مركزية الادارية والمالية تحقيق أهداف ترتبط بمدى توفر المقومات اللازمة والاستفادة من كل معطيات العصر المتاحة لرفع كفاءة الاداء في تطبيق نظام السلطة المحلية ، ومن بين أهم هذه المقومات يأتي عنصرا المعلومات والتوثيق ، والتقنيات المرتبطة بها كونها تمثل شرطاً أساسياً لنجاح نظام السلطة المحلية ، فقد غيرت نظم المعلومات والتوثيق مفاهيم الادارة التقليدية ، وادى التطور التقني المعلوماتي الذي يشهده العالم الى رفع كفاءة الاداء الاداري والمالي ورفع معدلات الانتاج ، وبالتالي اصبح خيار المعلومات ركيزة اساسية وشرطاً مهماً في الادارة الحديثة والتي تحولت لتصنع المستقبل بدلاً من أن تنتظره .وقد سعت مختلف البلدان النامية للاستفادة من نظم المعلومات الحديثة ومخرجات تقنية المعلومات وتطبيقاتها في تخطيط وتنفيذ برامجها التنموية .. أما التوثيق فهو ذاكرة الشعوب ، والذاكرة الحية ، فاتخاذ القرارات السليمة واعداد الدراسات للمشاريع التنموية وتنفيذها لا يمكن نجاحها الا اذا توفرت المعلومات الكاملة التي تعتمد اساساً على التوثيق والحصول عليها بأقل كلفة وأقرب وقت وأقل جهد ، ولن يتم ذلك الا بتطبيق نظام الحفظ والفهرسة والتصنيف وبشكل دائم .وبلادنا كغيرها من البلدان النامية تسعى لتحقيق تنمية مستدامة ، وقد كان خيارها الأخذ بمبدأ اللا مركزية الادارية والمالية في ادارة الشأن المحلي ، كخيار استراتيجي في ادارة التنمية ، ومن هنا فقد حُظي هذا الجانب بدعم ورعاية فخامة رئيس الجمهورية الأخ / علي عبدالله صالح والحكومة وذلك من خلال الاهتمام بتوفير المقومات اللازمة لتطوير الاداء الاداري والمالي لأجهزة السلطة المحلية ، باعتبارها مرتكز الادارة التنموية للبلد ، ويأتي في مقدمة المقومات المطلوب الاستفادة منها عنصر المعلومات والتوثيق نظراً لصلتها الوثيقة والهامة في دعم كفاءة الاداء الذي تنشده السلطة المحلية في ادارة مواردها وتنفيذ المشروعات وتقديم الخدمات للمواطنين .إن مفهوم التطوير الاداري يرتبط بتغير الدور والمهام المسندة للادارة بمختلف مستوياتها ، ويشمل عدداً من الجوانب من أهمها تحسين العلاقة بين المواطن واجهزة السلطة المحلية .. وانطلاقاً من الاهمية التي تكتسبها المعلومات في اجراء التطوير الاداري ، فمن الضروري ان يرافق عملية التطوير الاداري بناء نظام معلومات يرتكز على منظومة شبكة ، يضمن سرعة الاستجابة في توفير المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب وبالكيفية اللازمة ، الأمر الذي سيحقق التطور المنشود ، ويضمن كفاءة الاداء في ادارة الشأن المحلي ، كما ان اجراء عملية التطوير الاداري لأجهزة السلطة المحلية يحتم الاخذ بالاعتبار أهمية التوثيق بمختلف مراحل وخطوات عملية التطوير ، حيث إن تنفيذ التطوير الاداري سوف يؤدي الى تغيير تركيبة ونوعية الوثائق الادارية المعمول بها جزئياً وكلياً ، وبالمقابل فان بناء وتطوير نـظام توثيق حديث للسلطة المحلية سيؤدي الى تطوير اداري حقيقي في مختلف مستويات الادارة المؤسسية للسلطة المحلية .فغياب المعلومات والتوثيق حتماً سيؤدي الى عشوائية الادارة وضعف تنفيذ العمليات الادارية المختلفة ، كما ان وجود نظام توثيق حديث سيضمن تناسق اتخاذ القرارات وسرعة استرجاع الوثائق والمعلومات وتسهيل عملية المقارنة وتتبع جذور المشكلات ، وتسهيل اتخاذ القرار وانتقاله الى طور التنفيذ بصورة متسلسلة ومتناسقة .