أقواس
مع أن كثيراً من الأقلام قد تناول الحدث الثقافي الأبرز - أو الذي يفترض أن يكون هو الأبرز - وهو معرض الكتاب في عدن فإننا لانجد حرجاً في المساهمة في الحديث عن المعرض ولاسيما من زاويته كواجهة ثقافية وملمح عصري لمدينة عدن التي ننشدها .. فعدن التي تسعى لاستعادة دورها كمدينة ثقافية، ومدينة للفنون والآداب والتفاعل العصري مع الثقافات، عدن كانت تأمل أن يكون معرض الكتاب فاتحة لعهد جديد وأن تكون أولى الصفحات في زمنها القادم السعيد إن شاء الله..وللأسف الشديد فإن المعرض قد مثل خيبة أمل كبيرة على أكثر من صعيد:أولاً : ضآلة المشاركة، فقد اقتصرت المشاركة على مكتبات محلية وعربية وعلى بعض دور النشر المحدودة وذات الاهتمامات المشتركة بحيث تشابهت العناوين والمعروضات في كل الأجنحة تقريباً.. ولست مع الذين يتهمون النمط المعروض بالتطرف أو غيره من النعوت فهذا جزء من الثقافة السائدة والموجودة في بلادنا وتراثنا ويهم شرائح مختلفة من المجتمع..، والعناوين ذات النزعة التعصبية والمتطرفة قليلة جداً، إلا أن الملاحظة تنصب حول : لماذا الاقتصار على إتجاه معين أو إتجاهات متقاربة واستبعاد أنواع متعددة من الكتب الدينية، وأنواع كثيرة من الكتابات والاجتهادات الفكرية والفقهية ومن يمثلها من دعاة التجديد والتنوير فالانحصار في نمط واحد من المؤلفات وعدد معين من الكتب هو الذي قاد إلى بعض الاتهامات بالتطرف والتعصب.ثانياً : غياب الكتاب الأدبي والكتاب السياسي وكتب النقد والتاريخ والفلسفة، والكتب العلمية، والكتب المترجمة.. وكثير من المؤلفات في المجالات المختلفة..، وهو غياب يكاد يكون كاملاً.. مما يضع كثيراً من علامات الاستفهام عن أي معرض كتاب نتحدث..؟ معرض يفتقد إلى الكتاب الثقافي بمعناه العام.. كتاب الشعر والرواية والنقد والتحليل السياسي، كتب الرحلات والمذكرات، كتاب التأملات الفلسفية والنظرات الاجتماعية والقراءات التاريخية..ثالثاً : بالنسبة للمنظمين فلا شك في حسن نواياهم، وفي سلامة توجهاتهم لخدمة الثقافة وخدمة الوطن، إلا أننا نرى أن هناك مايدل على الاستعجال وعدم الترتيب جيداً للمعرض، وبكل الود والمحبة نناشد المهتمين وعلى رأسهم محافظ عدن أن يولوا المعرض القادم الاهتمام اللازم والترتيب المسبق، وأن يحرصوا على مشاركة دور النشر متنوعة محلياً وعربياً وخارجياً، فمعرض الكتاب يمكن أن يكون - ويجب أن يكون - واجهة حضارية لعدن الجديدة، وأن ينصب الاهتمام على توسيع المشاركة، وشمولية وتنوع المطبوعات، والحرص على البيع بأسعار مناسبة بتقديم التسهيلات لدور المكتبات المشاركة.. أن عهداً طويلاً أخذ يفصل عدن عن شخصيتها العصرية الإبداعية الثقافية، وقد حان الوقت كي نعيد لواحة الفن والفكر والثقافة في اليمن توهجها الجميل وروحها الأصيل.عوض الشقاع