لقد أخرجت أبانا آدم وأمنا حواء من نعيم الجنة شجرة عندما وسوس لهما الشيطان عدوهما وعدو الله فأكلا منها ونسيا أمر الله لهما بعدم الأكل أو الاقتراب منها.نحن في اليمن قد ابتلينا بمضغ أوراق شجرة خبيثة يسمونها القات شبهها أبو الأحرار الزبيري رحمه الله : “بشيطان في صورة شجرة”.. وكتب عنها الكثير والكثير شعراً ونثراً وبحوثاً علمية وصحية واجتماعية وثقافية لأنها حولت الإنسان اليمني في نظر غيره إلى كائنات تأكل العشب والعياذ بالله وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر وجعلت الآخرين يتندرون بنا وعلينا ويذكروننا في مجالسهم ومنتدياتهم بأننا أصحاب الأوداج المنتفخة التي تشبه من لديه ورم سرطاني في شدقه أو في خده والعياذ بالله..والذي دفعني للكتابة حول هذه الشجرة الملعونة ذات الغواية والتحرش بكل إنسان طيب في بلادي هو كيف أن هذه الشجرة الخبيثة قد أحكمت السيطرة على إرادة وكيان كل فرد داخل مجتمعنا وجعلته ينظر إليها وكأنها معشوقته الوحيدة التي سحرته بجاذبيتها وجمالها وحلاوتها ومنحته سويعات يقضيها منتشياً يمضغ أوراقها الغضة الطرية في قيلولته وفي حله وترحاله وفي حالة عمله وانشغاله وهو يعلم بأنها تهدر أغلب وقته وتستنفد ماله وعمره وتقتطع سويعات أجله في مضغ غصونها وأوراقها الممزوجة بالسميات والكيماويات المتنوعة والخطيرة على جهازه الهضمي وعلى كل جسمه وعقله ووجدانه. والغريب والعجيب في الأمر أن الإنسان (المخزن) يحاسب نفسه على كل صغيرة وكبيرة أنفقها على قوته الضروري أما إنفاقه على كيفه وقاته وسيجارته ومزاجه فلا يلتفت إليه بل يفكر في كيفية الحصول على ثمن تخزينة (الغد) أو اليوم الآتي وكأن القات أصبح هو القوت الضروري نفسه.والعجيب والغريب أيضاً أن يشتكي كل مخزن للقات من الغلاء الفادح وارتفاع الأسعار وأن راتبه الشهري لا يكاد يغطي مصاريف المعيشة والماء والكهرباء والمواصلات وتكاليف الدواء أو التلفون أو متطلبات الأبناء والمدارس وغيره.والجديد في مقالتي هذه هو التصريح الذي أدلى به خبير دولي اقتصادي كبير عندما قال : “صحيح أن اليمن بلد فقير ونامٍ ويحتاج إلى الدعم والتعاون معه من كافة الدول المانحة من اجل انتشاله من وضعيته المتخلفة ودعم اقتصاده والتنمية فيه لأنه من البلدان المتخلفة والأقل نمواً.. لكنه لا يستحق هذا الدعم ولا هذه المنح المقدمة له والمساعدات المالية لأنه يهدر كل ماله ووقته في مضغ شجرة القات ولم يساعد نفسه في التخلص من هذه العادة السيئة فهل تنتظر من مجتمع بكامله يمضغ شجرة القات أن يبني اليمن السعيد ويبني الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة أو يعمل فيها على تنمية اقتصاده أو يستثمر طاقات أفراده المهدورة في مضغ القات، وكيف يتم له ذلك وهو يهدر موارده المالية المتعلقة بقوته الضروري وحاجياته ويهدر الساعات الطويلة من عمره في مضغ هذه الشجرة الساحرة، هذه مشكلة اليمن العويصة..”هذا رجل أجنبي يشخص لنا مشكلة القات فهل ننتظر من الآخرين أن يشخصوا لنا المرض الذي نعاني منه ونحن قادرون على معالجته بأنفسنا فهل عميت أبصارنا أم نحن مسحورون بهذه الشجرة الشيطانية كما وصفها أبو الأحرار رحمه الله؟!.وبصفتي فناناً تشكيلياً محسوباً على الثقافة فقد قررت أن أساهم في توعية مجتمعي الذي أنتمي إليه وأن أدلي بدلوي حين قمت بإبداع (28) عملاً فنياً تشكيلياً تناولت جميعاً أضرار القات الاجتماعية والاقتصادية والصحية بل والأخلاقية وأن هذه العادة السيئة عادة مضغ القات سبب رئيسي يعيق تقدمنا وازدهارنا وتطورنا ويجعلنا نراوح في مكاننا على غرار قول المدرب لجنوده “محلك سر” أي امشوا في أماكنكم دون أن تتجاوزوها أو تتعدوها أو تخرجوا منها أو تتقدموا إلى الأمام..إن هذه الشجرة التي تكاد أن تخرجنا من جنة الدول التي تبني نفسها ويعمل أفرادها كخلايا نحل دؤوبة من أجل تنمية وتطوير ورفاهية بلدانهم وازدهارها على الرغم من وجود ما هو أخطر من شجرة القات لدى تلك الدول كالمخدرات وغيرها لكننا لم نسمع أو نشاهد مجتمعاً بكامله يكرس حياته من أجل الحصول على شجرة القات مثل مجتمعنا أكثر من البحث عن القوت الضروري أما نحن فلا نعمل إلا ونحن مخزنون ولا نفكر في أي مشروع إلا ونحن مخزنون ولا نعمل أي شيء إلا والقات معنا كالحبوب المنشطة الني تساعدنا على الحركة والعمل فإذا انعدمت هذه المنشطات فإن الخمول والكسل سيعترينا وسنتحول إلى كائنات لا فائدة مرجوة منها ولا عزيمة لديها وشعارها ولسان حالها يقول : لا حول ولا قوة إلا بالقات بدلاً من أفضل الأقوال :( لا حول ولا قوة إلا بالله).
أخبار متعلقة