سيئون /14 أكتوبر:في حضرموت و تحديداً في ثلاثينيات القرن المنصرم ولدت أول قصيدة حديثة وبها كانت الريادة الحقيقية للشعر الحديث ( التفعيلة ) للشاعر حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف من خلال قصيدته المشهورة ( درب السيف ) التي نظمها في ثلاثينيات القرن الماضي , قبل نازك الملائكة أو بدر السياب اللذين أتيا في النصف الثاني من أربعينيات ذلك القرن أي بنحو تسع سنوات بعد حسن السقاف الرائد الحقيقي للقصيدة الحديثة ( التفعيلة ) .
د . علوي عبدالله طاهر
و قد تعاطى حسن السقاف هذا النمط الشعري غير المسبوق والذي لم يكن معروفاً حينها في أي موضع من عموم الوطن العربي , حيث بدأت بعد ذلك بسنوات طويلة نازك والسياب ومن تبعهما , فقد كان السقاف ينثر لآلئه الشعرية الحديثة (التفعيلة ) بتلقائية بين رفاقه وأصدقائه من أمثال المؤرخ والناقد العربي أحمد بن محمد الشامي والأديب إبراهيم الحضراني وصالح عباس و أحمد جابر عفيف وغيرهم , ولأن مركز الشهرة والإعلام حينها كان متمركز في بعض العواصم العربية كبغداد والقاهرة ودمشق فقد كانت صنعاء و حضرموت بعيدة كل البعد عن ذلك , ولذا لم يجد حسن السقاف فرصته في أخذ حقه , إلا أن طباعة ديوانه الأول (ولائد الساحل ) المطبوع سنة 1362 هـ / 1943م عن شركة مكتبة ومطبعة الحلبي بمصر , المتضمن قصيدته المشهورة ( درب السيف ) المشار إليها , تؤكد أحقية الشاعر حسن بن عبدالرحمن ين عبيدالله السقاف بالريادة الحقيقية للشعر الحديث ( التفعيلة) في عموم الوطن العربي , والشاعر السقاف لم يكن على إطلاع بالشعر الانجليزي أو بترجماته أو حتى بالسماع به على الإطلاق , ولذا كانت هذه الريادة الحقيقية حضرمية يمنية خالصة , خاصة أنها كانت في مقتبل عمر هذا الرائد , ونص القصيدة بقول: أهو البحر المحيط ؟أو هو البر المحيط ؟ها هنا الدأماء لا تبصر فيها عوجاو هنا الكثبان كالدأماء فازت لججا سفن جاريات و نخيل باسقات و الهواء الطلق كالموجة البشوشأو كأنفاس الحبيبأيها الغادون في هذا السبيل ها هنا الظل الظليلخلفوني و دعوني علني أنسى شجونيإنني آنست قرب الله في هذا المكان و نسيت الناس والحرب الهوانوتباريح الزمان إنها الرحمة مدت هاهنا أطنابها و السماوات إلينا أرسلت أسبابها فاسلكوها و اسكنوهاوهنا قيثارة الحب تغنيبأناشيد السلامو الوئام يا رفاقي أسعفوني بالوفاققدسوا هذا الجمالو الجلال أين انتم ذاهبون ؟أنظروني أتملى من جمال و فنونو رويدا أنت يا هذا الذي دقة السيار في قبضتهإنه يا صاح جبار عتي أفرغ اللطف على شدته.
صورة جماعية لأعضاء المنتدى
هذه مقدمة مختصرة لمحاضرة مهمة بعنوان ( تأملات في شعر رائد القصيدة الحديثة الشاعر ـ حسن بن عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ) , ألقاها في مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون بحضرموت اليمن , الباحث والأديب الدكتور علوي عبدالله طاهر , ضمن فعاليات تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 1431 هـ ـ 2010 م.وخلال المحاضرة تناول المحاضر نبذاً من قصائد و سيرة حياة الأديب حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف(1915م 1985م ) هذا الرائد الذي كان بطبعه لا يميل إلى الوهج الإعلامي والشهرة شأن الكثير من علماء حضرموت على الرغم من سعة وأبعاد ثقافته الدينية والأخلاقية والأدبية العالية التي بذر نواتها في أعماقه والده العلامة الشهير مفتي حضرموت السيد عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف 1299 ـ 1376 هـ , حيث كان الشاعر هو المعني بتأليف الكتاب الضخم ( العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي ) وقد أطنب المحاضر في وطنية ورومانسية الشاعر حسن السقاف حيث حفل ديوانه ( عبر وعبرات ) بالعديد من القصائد الوطنية التي شملت العديد من المدن اليمنية والأحداث الوطنية في عموم اليمن منذ أكثر من نصف قرن . كما أكد المحاضر بأن الشاعر حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف لم يتخل عن التعاطي مع البيت المستطيل ذي الشكل التقليدي والإيقاع الرتيب، بل غلب على شعره نظم قصيدة البيت ذي التفاعيل المتساوية في شطريه الصدر والعجز. فهو على دراية بتفاعيل الخليل بن احمد الفراهيدي، و التزم في معظم شعره بموسيقى الوزن الرتيبة المنتظمة، و التي يمضي بها في طريق محددة المعالم، وفي خط مستقيم لا يحيد عنه إلا فيما ندر، ذلك انه لم يكن من السهل على الأذن المحكومة بموسيقى الوزن الرتيب أن تأتلف بيسر مع الأنغام غير المنظمة، لافتقاد هذه الأنغام للوحدة الأساسية التي يتميز بها البيت المستطيل في القصيدة القديمة.المحاضرة في معطياتها هامة فقد حسمت كثيراً من الجدل حول إشكالية الريادة في الشعر الحديث وقد أكدت بأكثر من دليل بأن حسن بن عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف هو الرائد الحقيقي للقصيدة الحديثة (التفعيلة ) بكل تأكيد , المحاضرة وثيقة أدبية و إضافة نوعية متميزة لمحاضرات مركز ابن عبيدالله السقاف وهي متاحة للباحثين في أي وقت .