مركز الطفولة الآمنة بعدن ملاذ آمن لأطفال يبحثون عن الأمان
أجرى اللقاءات/ ميادة عبد الرقيب سلام
تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع إحدى الظواهر التي تؤرق الحكومة اليمنية سيما أن أطفال الشوارع منتشرين في العديد من محافظات الجمهورية .. وحتى لاتتفاقم هذه الظاهرة الاجتماعية بين أوساط الشعب اليمني ونظرا لما تسببه من كوارث اجتماعية ونفسيه عديدة .. فقد سعت الحكومة اليمنية للحد من هذه الظاهرة ومحاولة القضاء عليها.ومن هذا المنطلق تم إنشاء العديد من المراكز التي تعنى بأطفال الشوارع والمشردين في الأحياء والأزقة اليمنية.يعد مركز الطفولة الآمنة في محافظة عدن أحد المراكز المهمة والرئيسية في اليمن وقد تأسس عام 2003م وفقا لنتائج الدراسات التي أعدتها منظمة «اليونسيف» بالتعاون مع مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل التي أثبتت وجود نسبة كبيرة من الأطفال المشردين في اليمن .الأخ أيوب ابوبكر مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة عدن ذكر بان المركز بدأ بفكرة ومع مرور الوقت اصبحت حقيقة تستهدف الاطفال الذين يقعون تحت ظروف اجتماعية صعبه كمن لا مأوى لهم( النازحين من الريف الى المدينة) وكذا الأطفال العاملين في بعض المهن الرخيصة.. واشاد بالجهود الجبارة التي تبذلتها قيادة المركز في تطوير وتأهيل وتعليم الأطفال من خلال مختلف الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية والترفيهية التي يقدمها المركز والتي تتناسب مع ميول الأطفال والإمكانيات المتاحة.واوضح الأخ ايوب ابوبكر في سياق حديثة بان المركز يعاني شحة الإمكانيات بالإضافة الى عدم توظيف العاملات المتطوعات في المركز وإخضاعهم للمفاضلة في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل.
وقد اوضحت الأخت هيام مبارك رئيسة مركز الطفولة الآمنة عدن ان المركز بدأ بسبعة أطفال وافدين من المحافظات المجاورة ووصل العدد حاليا الى (70) طفلا من مختلف محافظات الجمهورية ..واضافت ان المركز يستوعب العديد من الحالات تبدأ من سن (4) سنوات حتى سن (14) سنه بعد ذلك يتم إرجاعهم الى أهاليهم ومتابعة مدى استقرارهم الأسري والتعليمي والصحي مع تلك الأسر..اما عن اهداف المركز فقد ذكرت ان المركز يسعى الى إعادة تأهيل الأطفال نفسيا واجتماعيا وتعليميا ومهنيا وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لهم .. بالإضافة الى إعادة تأهيلهم ودمجهم المجتمعي والمؤسسي وإيجاد برامج متخصصة في رعايتهم .. كما يسعى المركز إعادة خلق علاقات جيدة بين الأطفال وأسرهم ليتسنى له دمجهم مع دويهم لاحقا .وعن اسباب بروز ظاهرة اطفال الشوارع فترى الاخت هيام مبارك ان غلاء المعيشة والتفكك الأسري تعد من اهم اسباب هروب الأطفال من أهاليهم ولجوئهم الى الشارع كحل مثالي ( من وجهة نظرهم).. مضيفة ان المركز حاليا يوجد به قسمان .. قسم الاستقبال النهاري يضم (40) طفلا من مختلف مديريات محافظة عدن يتلقى الأطفال خلال هذه الفترة خدمات المركز التعليمية والصحية والتربوية والغذائية ثم يقوم المركز بإعادتهم الى أسرهم.. اما القسم الاخر فهو قسم الايواء الدائم ويشمل الاطفال الوافدين من مختلف محافظات الجمهورية والبالغ عددهم ( 30)طفلا تتراوح اعمارهم بين 4_14 سنة تم دمجهم في عدد من المدارس الحكومية .وعن المشاريع المستقبلية اشارت الى ان هناك توجيهات جديدة من قبل نائب رئيس الجمهورية ومحافظ محافظة عدن خلال زيارتهما الاخيرة للمركز ببناء دور اضافي ثالث للمركز لاستيعاب حالات جديدة بعد سن 14 سنه تحت مسمى (الرعاية اللاحقة).. كما انه سيتم بناء مركز جديد في منطقة الممدارة بمديرية الشيخ عثمان يعنى بالفتيات اللاتي يعشن نفس الظروف القاسية واللاتي لا مأوى لديهن .الطفل مازن جمال من محافظة عدن هرب من اسرته الى المركز نتيجة للتفكك الاسري .. لديه اربعة اخوة يبلغ من العمر 12 سنة متفوق في دراسته يهوى كرة القدم يجد في المركز الملاذ الامن الذي طالما تمناه يقول ان المركز يقدم له كل مايتمناه كما انه يقوم بزيارات لاسرته مرتين في الشهر في محاولة من المركز اعادة خلق علاقة طيبة مع اسرتي .اما الطفل ابراهيم محمد عبدالله البالغ من العمر 12 سنة الذي قدم من محافظة اب بمعية والده للعمل في محافظة عدن وقد وجد نفسه ذات يوم وحيدا في قسم الشرطة الذي سلمته لمركز الطفولة الامنة بعد ان اودع والده السجن. قال ابراهيم: عندما اودعت المركز كنت لم اتجاوز التاسعة من العمر لا اجيد القراءة او الكتابة وقد وفر لي المركزالمأوى والمدرسة والامان الذي افتقدته منوها انه الان على اتصال بأهله من خلال المركز بالاضافة الى تفوقه العلمي.بينما الطفل طلال احمد محمد، الذي هو من ابناء محافظة عدن فقد اشار بأن سبب وجوده في المركز هو طلاق والديه والمشاكل الاسرية التي نتجت عنه.. ولم يجد من يعوله سيما وانه اخ لعشرة اطفال اخرين فأتجه الى الشارع وظل يتسكع فيه الى ان دله احد الاطفال المنتسبين للمركز وشجعه على الانضمام للمركز واضاف قائلا انه قد وجد نفسه في المركز ويتمنى حينما يكبر ان يكون طبيباالطفل هشام محمد عبدالله هو اخ لابراهيم قدم الى عدن والتحق بالمركز بعد ان شهد التغير نحو الافضل الذي حدث مع اخيه الاكبر ابراهيم وقرر ان يحدو حدوه كي يضمن لنفسه مستقبلا افضل مما لو ظل في ابأما الطفل محمد حسن نور، البالغ من العمر 13 سنة المتفوق في دراسته ويعشق رياضة كرة القدم والسباحة فقد قدم إلى عدن وحيدا من منطقة القبيطة ليعمل في احد المطاعم كعامل نظافة وقد دله على مركز الطفولة الآمنة احد رواد المطعم الامر الذي وفر له المكان النظيف والفصل الدراسي المنتظم والأمان وهو يتمنى ان يكون رئسا للجمهورية عندما يكبر كي يحبه الناس ويذكرونه بالخير كما يحدث مع الرئس الصالح حفظه الله ـ بحسب تعبيره.بينما الطفل محمد مهدي البالغ من العمر تسع سنوات فقد انضم الى المركز منذ خمس سنوات بعد ان فقد والديه واصبح يتيما وحيدا ليس لديه من يرعاه حيث تكفل المركز برعايته وهو طفل ذكي متفوق في دراسته، يهوى كرة القدم والجري ويتمنى ان يكون ضابطا كي يحافظ على الامن ويحمي الاطفال ـ خاصة اطفال الشوارعاما الطفل الاخير هيثم سعيد هائل وهو من شرعب ـ محافظة تعز فقد افاد انه هرب من اسرته بسبب المشاكل الاسرية التي لم تنته مما اضطره لمغادرة شرعب صوب عدن وبالرغم من انتقال اسرته مؤخرا للعيش في منطقة البساتين بمحافظة عدن الا انه فضل ان يبقى في المركز مشيرا إلى انه وجد الهدوء والاستقرار والراحة النفسية في المركز ويتمنى في المستقبل ان يكون قاضيا كي يحكم بالعدل بين الناسان هذه النماذج من اطفال الشوارع هي بمثابة جرس اندار يلفت الانتباه الى وجود اخرين لم يجدوا من يدلهم على مركز كهذا وبالتالي مازالوا يصارعون الحياة ويكابدون شظف العيش حيث نجدهم يجوبون الشوارع نهارا ويفترشونها ليلا منتظرين الأيادي البيضاء لاتقادهم من هذا الواقع المأساوي.
