أمين عبدالله إبراهيم ظهرت مفاهيم الموارد البشرية ورأس المال البشري في غمار التركيز الشديد على خطط وسياسات التنمية وأثرها على النمو الاقتصادي، وهذه المفاهيم لم تخرج بنظرتها عن المألوف وهو أن الموارد البشرية عنصر من عناصر الإنتاج مثل الأرض ورأس المال، بل رأت أنها أهمها، وهذا أمر مفروغ منه، حيث لا يمكن الاستغناء عن عنصر العمل في أي نشاط إنتاجي.وبناء على ذلك انطلقت مفاهيم الموارد البشرية ورأس المال البشري من نقطة تعظيم الناتج ورفع إنتاجية العمل كمبرر للاستثمار ( كالتعليم والتدريب )، ومن ثم هدفت برامج تنمية الموارد البشرية - باعتبار البشر قوة العمل - إلى الاهتمام بالعمر الإنتاجي للإنسان وإهمال المراحل العمرية الأخرى نوعاً ما غير أن معنى التنمية البشرية ليس مجرد معاني ألفاظ : تنمية الموارد البشرية ، فمفهوم تنمية الموارد البشرية - كما رأينا - يدعو إلى استثمار البشر لتوفير قوة العمل القادرة على إنتاج المزيد من السلع والخدمات وتقاس كفاءة هذه التنمية ( من منظور اقتصادي ) بالإنتاجية بصفة عامة التي تلعب فيها التقانة دوراً مهماً من خلال رفعها لإنتاجية الموارد البشرية.كما أن لها دوراً في كثافة رأس المال على حساب كثافة اليد العاملة، وتتطلب استثمارات أكبر في التعليم والتدريب لتهيئة الكوادر البشرية القادرة على التعامل مع هذه التكنولوجيا، بينما تسعى التنمية البشرية إلى توسيع نطاق الخيارات المتاحة أمام الناس بالتركيز على الخيارات التالية : أن يحيا الناس حياة طويلة خالية من العلل، وأن يتعلموا ( أي: يكتسبوا المعرفة )، وأن يكون بوسعهم الحصول على الموارد التي تكفل لهم مستوى معيشياً لائقاً، كما تركز أيضاً على مستوى ما حققه الناس من رفاهية. أما عن العلاقة بين تنمية الموارد البشرية والسكان فإن الأدبيات المهتمة بتحليل هذه العلاقة - رغم كثافتها وتنوعها - لم تسع إلى دمج المسألة السكانية في قضايا التنمية وبصورة محسوسة إلا في السنوات الأخيرة، حيث تعاظم الاهتمام بعلاقة السكان والنمو السكاني بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وبتنمية الموارد البشرية وتأكيد المؤتمرات الدولية على هذه العلاقة خاصة خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م، حيث أكد ذلك برنامج عمل المؤتمر في فصله الثالث خصوصاً في ما يتعلق بتنمية الموارد البشرية، وضرورة أن ينال الاستثمار في هذا المجال الأولوية في الاستراتيجيات السكانية بهدف الوصول إلى المعلومات والتعليم والمهارات وفرص العمل لجميع السكان ذكوراً وإناثاً. ومن ناحية أخرى يمكن الإشارة أيضاً إلى أن تزايد الاهتمام بمسألة السكان والتنمية بما في ذلك تنمية الموارد البشرية لم يحصل لمجرد الرغبة في تعميق فهم مدلول هذه العلاقة وحسب، بل جاء في غالبيته نتيجة لضغوط الواقع الصعب الذي فرضه حصاد التنمية للعقود الماضية بالنسبة للدول النامية وخاصة في بداية الأزمة الاقتصادية الدولية في ثمانينات القرن الماضي. فقد برز جلياً عمق الاختلالات التي رافقت أنماط التنمية دافعة إلى المزيد من التحقيق والبحث عن فهم أكبر ومعالجات أكثر فعالية لتجاوز وآثارها السلبية الواسعة، فالحقائق المريرة جاءت معبرة عن شمولية المعاناة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية المتعددة، ومن ذلك : تجاوز معدلات النمو السكاني - وبمراحل - معدلات نمو دخل الفرد، وثبوت عدم قدرة الدول النامية ومنها بلادنا على استيعاب الأعداد المتزايدة من القوى العاملة في قطاعات منتجة، وتعاظم البطالة المكشوفة والمستترة بمعدلات تفوق النمو السكاني، وانتشار ظاهرة ترافق النمو اقتصادي مع تقليص فرص العمل، وظهور عولمة الغني وإلى جانبها عولمة محزنة للفقر.
تزايد الاهتمام بقضايا السكان والتنمية
أخبار متعلقة