إعداد/ زكي نعمان الذبحانيمهما تغير شكل الرضاعة الطبيعية،سواء حصل عليها الرضيع من أمه أو من مرضعة أخرى أو ما كان منه معتصراً من الثدي،فإن هذا اللبن كافٍ لمد الرضيع بكل ما يحتاج إليه من غذاء وماء حتى عمر ستة أشهر من دون الحاجة إلى إعطائه أغذية أو مشروبات إضافية.ويرى خبراء التغذية وكذا الأطباء ذوو الاختصاص أنه لا مشكلة مواصلة الأم اهتمامها بإرضاع طفلها رضاعة طبيعية في شهر رمضان المبارك،طالما استطاعت التوفيق بين الإرضاع والصيام،وإلاّ فالأولى لها الإفطار إذا خشيت على طفلها الضرر بسبب ضعف إدرار الحليب من جراء الصيام.وهذا ما ذهب إليه- أيضاً- رأي جمهور العلماء،فلا ضرر ولا ضرار.ومهما تكن بدائل لبن الأم مغرية- كالحليب الصناعي وحليب البقر أو الغنم- فلن تحقق قطعاً الفوائد التي يحققها لبن الأم،وذلك لأنه فريد بمقوماته وعناصره الغذائية،ووحده يكفي لمد الرضيع باحتياجه من الغذاء والماء طوال الأشهر الستة الأولى من عمره من دون أي مضاعفات.كما أنه غني بالبروتينات والدهون والسكر والفيتامينات والحديد والماء،ويمتاز بنظافته وخلوه من الجراثيم والميكروبات،لاحتوائه على أجسام مناعية مضادة تساعد جسم الطفل على مقاومة الالتهابات،كالتهابات الجهاز التنفسي والرشح والسعال،وأيضاً يعمل على الوقاية من الإسهال ومن الاضطرابات الهضمية وسوء التغذية،ويشعر الرضيع بالدفء والحنان.ومع الرضاعة الطبيعية تتولد علاقة حميمة بين الأم وطفلها منذ الولادة،محدثة استجابات حسية بصورة مشتركة،تكون العاطفة معها في أبهى صورها،ويتنامى معها الإحساس عند الأم وتتحرك فيها نوازع الأمومة في مزجٍ متكامل من الرحمة والمحبة الخالصة.علاوة على أن صحة الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية تكون أفضل بنسبة (80 %) من الذين يرضعون حليباً صناعياً.في حين أجمعت الدراسات على إن إرضاع الأم لطفلها من ثدييها إذا مورس بانتظام دون انقطاع يساعد الأمهات على تأخير الحمل بتأجيله الدورة الشهرية، ويساعد على تقلص الرحم وعودة الجهاز التناسلي إلى وضعه السابق قبل الحمل والولادة،ويقلل نسبة الإصابة بسرطان الثدي.إن حاجة الطفل إلى الرضاعة من ثدي أمه واعتماده عليه اعتماداً كاملاً يكون في الأشهر الأولى من عمره،لذلك يجب أن يتصدر أولويات الأم؛ثم يكون لها الاستمرار بالرضاعة الطبيعة بعد الشهر السادس من تزويد الطفل بأغذية تكميلية حتى يكتمل عامه الثاني.فكل أم مناط بها أن ترضع طفلها رضاعة طبيعية من الولادة حتى الفطام .. ولا يليق بها أن تحيد عنها وتقبل ببديل مغاير، كسائر الأنواع الأخرى، الطبيعي منه والمصنع.يقول الحق تبارك وتعالى:” والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف،لا تكلف نفس إلا وسعها،لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده..” سور البقرة الآية233.وعلى الطرف الأخر لخصوصية المزج بين الرضاعة الطبيعة والصيام خلال شهر رمضان إذا كانت الأم المرضع مصابة بمرض شديد أو حاد أو إذا ما شعرت بالتعب والإرهاق ورأت أن استمرارها في الرضاعة الطبيعية وهي صائمة سيؤثر سلباً على صحتها وصحة مولودها،بما يتوافق مع الحكم الشرعي في المسألة،فعليها أن تفطر.كذلك الأمر إذا لم يحصل الرضيع على ما يكفيه من لبن الأم خلال الأشهر الستة الأولى من عمره ولكونه معتمداً عليه اعتماداً كلياً،لما يحويه من مكونات وعناصر غذائية مهمة لنموه لا يحتويها أي حليب آخر،وإذا خشيت على صحة طفلها الرضيع من أن تسوء فعندئذٍ عليها أن تفطر دفعاً للضرر.أما بعد تلك المرحلة العمرية عند بدء إعطاء الأم وجبات إضافية للرضيع إلى جانب لبنها بما يؤمن احتياجه من الغذاء ويساعده على النمو السليم،فإن هذه الوجبات الإضافية يمكن أن تعوضه عن نقص اللبن نتيجة صومها.على كل،الأم المرضع مطالبة بمواصلة الإرضاع ،إذا عزمت على تأدية فرضية الصوم،فعليها التوفيق بين صيامها ومعيار حفظ صحتها وصحة الرضيع،بأخذها قسطاً كافياً من الراحة الجسدية والنفسية،وعليها أن تهتم بغذائها كماً ونوعاً.فالاهتمام بالرضاعة الطبيعة لابد أن يقترن بالاهتمام بالتغذية المحتوية- قدر ما أمكن- على العناصر الغذائية الضرورية لتكوين الحليب.كما يجب أن تكثر من شرب السوائل بما يعادل لتراً ونضف إلى لتر إلى لترين يومياً،وتكثر أيضاً من تناول الفواكه والخضروات الطازجة،والأطعمة المدرة للحليب،كالبروتينات الموجودة في اللحم والحليب ومشتقاته والأسماك والدجاج إضافة إلى النشويات والسكريات والدهون؛وأن تتجنب البهارات الحارة والبسباس،وتؤثر الابتعاد على التدخين والقات والتخفيف من المنبهات،كالشاي والقهوة.على ألا تتناول هذه المشروبات مطلقاً عقب تناول الوجبات كي لا تعيق عملية امتصاص الحديد في الجسم،المؤدي إلى فقر الدم.بهذه الطريقة تستطيع أن تصوم وفي الوقت نفسه تواصل الإرضاع ما لم تكن تعاني مشكلة أو مرضاً ما.وحتى تتلافى حلمة الثدي لا ينبغي لها الاستمرار في الإرضاع من ثدي واحد لأكثر من ربع ساعة،بل يفضل أن يتوزع الإرضاع على الثديين لفترة لا تزيد على ربع ساعة لكل ثدي على حدة.بقي أن أقف على مرحلة إضافة الأغدية المكملة (المساندة للرضاعة الطبيعية)،للعمل على تأمين التغذية الملائمة للرضيع،ووصول الرضيع إلى هذه المرحلة التي تبدأ عقب بلوغه الشهر السادس من العمر مباشرة..يحتم استمراره بالرضاعة الطبيعية.ويؤكد خبراء التغذية ضرورة أن تتألف الأغذية التي تعطى للرضيع من مزيج متنوع من الأطعمة الغنية بمحتواها من المغذيات،وأن تعطى له في البداية لينة بكمية قليلة،ثم تتدرج من حيث الكمية والصلابة شيئاً فشيئاً بما يناسب نمو الرضيع وسنه..وبالتالي وجباته المساندة يجب أن تتضمن الخضروات المطبوخة والمهروسة والحبوب والبقوليات والفواكه،بالإضافة إلى السمك والبيض والدجاج ومنتجات الألبان لتزويده بالفيتامينات والمعادن.ومن الضروري- أيضاً- أن تعطى الرضاعة الطبيعية بعد الأغذية المساندة لضمان حصول الطفل على كفايته من لبن الأم إلى أن يكمل عامه الثاني،بينما من الخطأ إعطاؤه اللهاية (الكذابة) أو إرضاعه من زجاجة الحليب (الرضاعة)،لتسببهما بتشوهات في نمو الأسنان وإنقاص إنتاج لبن الثدي.فضلاً عن أنهما تنقلان الأمراض ومن المسببات الرئيسية للإسهال،لتعرضهما للتلوث بسهولة.مع أطيب التمنيات لجميع صائمي الشهر الكريم بالصحة والعافية؛ودمتم سالمين.
الرضاعة الطبيعية ومزاياها في رمضان
أخبار متعلقة