د/ فهد محمود الصبرييواجه العالم العربي مثل غيره من مناطق العالم النامي تحديات المشكلة السكانية ، ويكاد يتفق الأكاديميون والساسة وغيرهم من المعنيين بالقضايا السكانية على أن النمو السكاني المتزايد يضع قيوداً جمة أمام جهود التنمية في البلاد النامية وقد عمق المؤتمر الدولي للسكان والتنمية والذي عقد في القاهرة عام 1994 هذا الارتباط الوثيق بين قضايا السكان وقضايا التنمية في جوهره وفي عنوانه كما عبر برنامج العمل الذي تبناه المؤتمر عن حقيقة أساسية وهي أن جملة التحديات التي تواجه المجتمعات النامية وعلى رأسها الفقر والبطالة والأمية وتدني مستوى المرأة تساهم كلها في ارتفاع معدل الخصوبة والوفيات وانخفاض الإنتاجية الاقتصادية ويرتبط مفهوم التحول الديموغرافي بالتحولات النوعية الناجمة عن التغيرات الكمية في الخصائص السكانية فالمعروف أن التغيرات الكمية تفضي إلى تحولات كيفية فانخفاض معدلات الوفيات والخصوبة ومن ثم انخفاض معدل النمو السكاني وتباطئه ليصل إلى مستوى الإحلال ، يصل بالسكان إلى مرحلة كيفية هي التحول الديموغرافي الذي يمنح المجتمع فرصة سكانية تسمى( النافذة السكانية) إن التحول الديموغرافي بالمعنى الذي سبق توضيحه ذو علاقة وثيقة بالتنمية الشاملة في المجتمع ، إذ يفتح فرصاً أوسع للعمل والإنتاج والادخار والاستثمار والتنمية الاقتصادية وزيادة معدلات التحضر فضلاً عن نمو الخصائص السكانية التي تنعكس بالإيجاب على المستوى الاجتماعي والثقافي للمجتمع ويؤثر التحول الديموغرافي على التنمية الشاملة من خلال ثلاث عمليات هامة هي : عرض العمل، والادخار ، وتنمية رأس المال البشري .إذ يؤثر التحول الديموغرافي في حجم عرض العمل على نحو تلقائي ومباشر نتيجة لتزايد أعمار الأطفال ، فيصلون الى سن العمل 15-64 عاماً ويكونون نتيجة لتمكينهم صحياً وتعليمياً ومعرفيا أكثر تهيؤا العمل ، ويؤثر هذا إيجابا في الإعالة ، حيث انخفاض معدلات المعالين مقارنة بالعائلين - المنتجين - ويصاحب هذا زيادة في الإنتاجية والإنتاج ، ويرتبط بهذا التحول ثانياً تمكين المرأة صحياً وتعليمياً فيتناقص حجم أسرتها ومن ثم تتزايد قدراتها ورغباتها للمشاركة في سوق العمل كما يشجع التحول الديموغرافي على النمو الاقتصادي ، من خلال تزايد فرص الادخار وبالتالي وبالتالي تزايد معدلات الاستثمار. فالناس تميل إلى الادخار في المرحلة العمرية مابين 40-65 عاماً حيث يقل إنفاقهم على أبنائهم ويكونون أكثر تحسباً لبلوغهم عمر التقاعد ينعكس انخفاض الخصوبة والوفيات مباشرة على نسبة الطبيعية للسكان حيث تشير إسقاطات الأمم المتحدة ( الرابد)( الاحتمال المعتدل) انخفاض هذه المعدلات بصفة أسرع في الدول التي تقدمت فيها عملية التحول الديموغرافي إذ نلاحظ في حالة البلدان التي لا تزال في مراحل بدائية في انخفاض الخصوبة مثل حالة بلادنا ، أن معدل الزيادة السكانية يبقى مستقراً خلال الفترة 2000-2020 ويأخذ في الانخفاض البطيء بعد ذلك ليصل إلى حدود 22% خلال الفترة 2040-2050 ويبقى له شوطاً لبلوغ استقرار الوضع الديموغرافي ، ويختلف نسق هذا الانخفاض في حالة الدول التي تقدمت في مراحل إنخفاض الخصوبة مثل تونس ولبنان حيث ينخفض معدل الزيادة الطبيعية تدريجياً ليصل إلى حدود ال(0) في نهاية النصف الأول من هذا القرن وهي حالة الاستقرار التام للوضع الديموغرافي وتشير نفس الإسقاطات أن معدل الزيادة الطبيعية للسكان ستنخفض الى مادون 1% خلال الفترة 2020-2025 في غالبية الدول العربية التي تقدم فيها التحول الديموغرافي مثل الجزائر والمغرب والبحرين وتونس وقطر لا والإمارات بينما تفوق2% في موريتانيا 3.4% في اليمن.كما ستغير التركيبة العمرية للسكان حيث ترتفع نسبة السكان فيسن العمل 15- 59 سنة ونسبة المسنين بينما تنخفض نسبة الأطفال دون 15عاماً وسيبقى لفئة الشباب وزن لأبأس به في كل الدول العربية . ستعيش غالبية الدول العربية فترة رفاهة من الناحية الديموغرافي إذ ستبقى نسبة السكان في سن العمل مرتفعة إلى حدود 2020 أوما بعد ذلك حسب البلد ففي تونس مثلاً سترتفع نسبة السكان في الفترة العمرية 15-59 سنه إلى حد 2015-2020 ثم تأخذ في الانخفاض التدريجي لتصل إلى ما تحت 60% في حدود 2040 بينما يكون ارتفاعها متواصلا إلى حدود2035-2040 في كل من الجزائر أما في اليمن فستواصل هذه النسبة في الارتفاع إلى ما بعد النصف الأول بين النمو السكاني وبين النمو الاقتصادي في بلادنا .. وهذا ما أكده البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية الذي أولى الجانب الصحي والسكاني اهتمام كبير وأكد على تحقيق هذا التوازن الذي أصبح ضرورة وليس خيارنا في اليمن وشجعني على كتابة هذا المقال وما وجدته في برنامج الحكومة لعام 2009م للعمل بجدية من أجل استكمال تطبيق برنامج فخامة الرئيس السابق الذكر والذي يجب أن تكون هذه الأرقام والمؤشرات حاضرة في كل خطوة تخطوها لتحقيق لنتذكر دائما كبر المسئولية والسباق مع الزمن الذي يتجلى من خلال النظر في الأرقام السابقة كما تستدعي هذه البيانات إعادة التفكير في طبيعة الخدمات الصحية خاصة في إطار عمليات الإصلاح الصحي إذ أن البرامج الصحية الحالية ترتكز في غالبيتها على معالجة الأمراض المعدية وعلى الوقاية ولم تأخذ بعين الاعتبار الارتفاع في الأمراض غير المعدية والمزمنة والتي تتطلب استثماراً كبيراً في التجهيزات وفي تكوين الأطر الصحية وفي وجود طرق علاجية مختلفة وإعداد البرامج الصحية والاجتماعية اللازمة لتلبية الطلب على الخدمات الصحية وخدمات الصحة الايجابية.[c1]المراجع:[/c]برنامج رئيس الجمهورية الانتخابيبرنامج الحكومة لعام 2009موثائق المنتدى العربي للسكان بيروت 2004محافظ شقير - التحول الديموغرافي في الدول العربية واثارة
التحول الديموغرافي .. الضرورة
أخبار متعلقة