يظن البعض أن الديمقراطية لا تختلف, بل تنسجم مع الفوضوية التي تغيب فيها القوانين وتلغي في مضمونها كل أنواع السلطة في المجتمع, وهم بذلك يسعون سعياً حثيثاً إلى تحقيق مآربهم غير المنطقية ويدفعون بمشاريعهم إلى الوسط الاجتماعي ملبسينها أثواب الحرص والحرية وغيرها من المصطلحات ذات الجاذبية وهي ليست إلا مشاريع وأطروحات جوفاء لا تتصل من قريب ولا من بعيد بأحلام وأمنيات الناس ومتطلباتهم , لتبقى في الأخير أدوات هدامة للحاضر والمستقبل .. وهذه هي الفوضوية بذاتها وليس الديمقراطية التي لا تزال مجردة من حقيقتها حتى اليوم.. ما عدا توافر البهرجة والشطحات بأننا نعيش الديمقراطية ونطبقها كاملة.. فهل نعود إلى رشدنا؟..وصحيح إن بعض الظن إثم. ويظن البعض أن التحايل على القانون واستغلال المال العام للمصلحة الشخصية سلوكيات عادية وقدر لا مفر منه, بل يعدونها من الناحية السلوكية للفرد صفة مميزة تنم عن مقدرته الكبيرة وذكائه الخارق. “ فتح الله عليه “ ..عبارة ترددها الألسن عند صدور قرار تعيين أحد الموظفين وتكليفه بمنصب حكومي كبير.. “ فتح الله عليه “ تؤكد أن المنصب الجديد ما هو إلا باب فُتح لصاحبه لجني و(هبر) المال العام واستغلال النفوذ لصالح أقاربه وأفراد أسرته وقريته الذين تطالهم النعمة وتتقرب إليهم الوظائف الحكومية ولو كانوا بدون مؤهلات فمقدرة المسئول على اختراق القانون هي أساس نجاحه..المشكلة أن مظاهر الفساد صارت أكثر تنظيماً وتطوراً من كل شيء بل صارت هي الظاهرة الوحيدة المتنامية وما عداها في تدهور وغياب. ويظن البعض أن نظام السوق الحرة هو السبب في عدم قدرة الدولة على ضبط الأسعار في السوق اليمنية.. هذه السوق التي تعيش كل أنواع الغوغائية والفوضى دون رقيب أو حسيب ,فجميع السلع تعيش حالة غليان وتفاوت في الأسعار بين ساعة وأخرى , فيما الحقيقة هي عدم قدرة الحكومة والجهات الخاصة على ضبط التجار المتنفذين ,وخاصة تجار المواد الأساسية فهؤلاء صاروا يشكلون وللأسف - حكومة ظل بدل المعارضة التي لا عمل لها ولا قضية سوى قضية تعديل قانون الانتخابات ، وما عداه من قضايا - ولو مات الشعب جوعاً- فهي غير مسئولة عنها.ويظن الصحافي أن كل ما يكتبه يقرؤه الناس, وأن كلماته قد تحدث زلزالاً في أوساط المجتمع, وتسمع من به صمم, أو أن مقاله المنشور على صدر صفحات بعض الصحف سوف يحدث ردة فعل لدى مسئول ما في الدولة أو لدى تلك “ الجهات “ بل ويتخيل الكاتب أنه بمقاله الذي ظل طيلة الليل يبحث عن كلماته وينقب عن معلوماته سوف يجد الكثير من الإعجاب والتقدير.. فيما الحقيقة مجردة من كل ذلك وقد ظن إثماً ,فالمجتمع لم يعد سوى متلق للأخبار والعناوين الرنانة دون أن تحرك فيه ساكناً فاليأس والإحباط قد أصابه حتى أخمص قدميه و لسان حاله يقول:”يا فصيح لمن تصيح”.
أخبار متعلقة