مشاهدات وانطباعات يمنية من نيويورك
نيويورك/ محمد علي صالح:حرصت صحيفة(14 أكتوبر) خلال زيارتها الاستطلاعية الانطباعية للولايات المتحدة الأمريكية على معرفة أحوال المغتربين اليمنيين في عدد من الولايات التي يتواجد بها أعداد كبيرة من المهاجرين والجلوس معهم والتحدث إليهم حول همومهم ومشاكلهم مع الغربة وقضايا أخرى ذات أهمية متعلقة بطبيعة العلاقة بين المغترب ووطنه في الزمن الذي لم يعد فيه للاغتراب ذلك المعنى الذي كان سائراً الى وقت قريب والذي كان التواصل فيه مقتصراً على المراسلات عبر صفحات الورق فقط والذي أصبح بمقدور أي انسان ان يكون حاضراً في نفس اللحظة في صنعاء ونيويورك معاً- ولم تعد فيه للمكان أي قيمة- وان يتواجد في أكثر من مكان في العالم في وقت واحد!!(14 أكتوبر) من خلال ذلك النزول الميداني أمكن لها ان تتعرف على أوضاع المغتربين وأحوالهم المعيشية والأعمال التي يقوم بها الغالبية منهم ومستوى اندماجهم وتعايشهم مع محيطهم الاجتماعي وكيف ينظرون الى مايجري في وطنهم ومدى استعدادهم للمساهمة في خدمة وتطوير بلدهم والمشاركة بفعالية في كافة التحولات التي تشهدها الساحة اليمنية للنهوض بعملية التنمية..من أين يبدأ المرء حديثه عندما يجد نفسه محلقاً في السماء على متن طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت وبمقدورها أن تحلق وتجوب فضاء العالم من أدناه إلى أقصاه في ظرف ساعات ودقائق.وماذا بوسعه ان يقول عندما يجد نفسه يعبر المحيط الأطلنطي لأول مرة.. وكأنه توق لإعادة اكتشاف العالم الجديد القديم الذي سمع وقرأ وكتب عنه الكثير والكثير- وللتعرف على موطن الهنود الحمر الذي حلت بهم لعنة “ كولمبس” بعد ان حل ضيفا عليهم ذات يوم من ايام حقب الأزمنة الاستكشافية الاستعمارية ما وراء البحار وعاد من أطراف ذلك الإبحار لإعلان اكتشافه لقارة أمريكا القارة البكر التي سرعان ماتحولت إلى منطقة تكالب وصراع بين القوى الاستعمارية والى مستعمرات خاضعة وتابعة لنفوذ القوى الاستعماري المباشر.ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان المرء سيجد صعوبة في الامساك بناصية الكتابة عندما يعرف ان ذلك العبور تخلف وجاء متاخراً كثيراً وبعد ان جرت مياه وأحداث تحت الجسور.. وبعد ان أصبح العالم اليوم قرية صغيرة تدار بـ” الريموت كونترول” .. وبعد ان أضحت الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأحادية الممسكة بزمام الأمر العامية التي جاءت من “ ماوراء البحار” لبسط سيطرتها وهيمنتها على العالم كله. وسوف تزداد تلك الصعوبة عندما نعرف ان الإمساك بناصية الكتابة والذهاب الى إعادة اكتشاف امريكا في هذه الأثناء وفي زمن اليوم يحتاج الى إلمام ودراية بكثير من الحقائق الجيويولبتكية والاتصالية والمعرفية التي على ضوئها يتم معرفة وقياس عوامل القوة والتأثير والتفوق التي تنفرد وتميز بها هذه الدولة اوتلك عن الاخرى ويتم تحديد حجم ومكانة ودور وتأثير كل دولة في الحياة الدولية ويحتاج إلى فهم وإدراك لطبيعة التحولات والانجازات العلمية والمعرفية التي شهدتها الحياة الدولية خلال القرنين الماضيين من عمر البشرية ويحتاج الى استيعاب خلاق ومبدع لسيروره عملية التطور والتقدم المعاصر والانقلاب والتحول الذي حدث في حياة وتفكير المجتمعات البشرية الذي نقلها من عصر الظلمات الى زمن الانفجار الضوئي. ولكننا رغماً عن تلك الصعوبة سوف نحاول الذهاب بالقارئ في هذا التناول والعبور من على صفحات (14 أكتوبر) للتعرف على مدينة نيويورك التي كانت المحطة الأولى التي وطأتها أقدامنا خلال زيارتنا للولايات المتحدة الامريكية التي استغرقت بضعة ايام التي بدأت انطلاقتها ذات مساء من صنعاء على متن الخطوط الجوية اليمنية المتجه الى مطار” فرانك فورت” بالمانيا الاتحادية التي وصلنا إليها في الصباح الباكر بعد رحلة متواصلة لاستمرت 7 ساعات والذي توجب علينا التوقف في ضيافة ألمانيا- ترانزيت طوال ساعات نهار اليوم التالي قبل ان نستأنف رحلتنا صوب أمريكا على متن خطوط شركة طيران الدلتا الأمريكية التي عبرت بنا المحيط في رحلة متواصلة دامت حوالي 7 ساعات حتى وصلنا مطار” جون كنيدي” بسلام في مساء اليوم الثاني. الذي يبعد عن وسط نيويورك وحي مانهاتن حوالي قرابة الساعة – التجاري العالمي الشهير ومطار جون كنيدي الذي نزلنا فيه هو واحد من المطارات الأربعة الحديثة التي تتوزع في أنحاء مختلفة من المدينة التي تم تقسيمها الى اربعة احياء كبيرة ومترامية الاطراف ويقع على البحر وفي حي (PRONX) وبعدما ان توقفت محركات الطائرة اذن لنا قائد الطائرة بالنزول والمغادرة .. جاء دور سلطات الهجرة التي كانت بانتظارنا لاخذ البصمات والقاء نظرة على هوية وبيانات كل قادم وبعدما تتأكد من ان جميع المعلومات والبيانات سليمة وخاصة اذا كنت قادماً من بلد عربي او اسلامي – تأذن لك بالتوجه لأخذ حقائبك والدخول الى الاراضي الامريكية.وماذا بعد..؟!إذا لم يكن احد في انتظارك عند بوابة الوصول فان عليك ان تأخذ احد التاكسيات المرابطة عند بوابة الوصول وسوف تجد ان سائق التاكسي فور صعودك معه يسألك عن العنوان والمكان المراد الوصول إليه ثم يضغط على مؤشر وعداد المسافة الذي يبدأ من 2،50 $ عملية العد لاحتساب قيمة الأجرة التي ينبغي عليك دفعها له فور وصولك إلى وجهتك وبحسب القراءة التي استقر عليها العد لحظة توقف المحرك عن الاندفاع إلى الأمام وتقدر الأجرة بحوالي 40$ اذا كنت قد أخذت ذلك التاكسي إلى حي مانهاتن مثلاً واستغرق الوقت قرابة الساعة.وبعد ان يكتمل مشهد الارتسام لقوس العبور الجميل الى بلد العم سام من نقطة الانطلاق الأولى من مدينة أزال موطن الحضارة الأولى وارض التاريخ والأمجاد ...! بعد ذلك يكون الزمن قد دار دورة كاملة وبدأ باحتساب الفارق الحضاري.وتعني علينا بعد ذلك إعادة عقارب الزمن الى الوراء وضبطها على توقيت نيويورك إذ يصل فارق التوقيت بينها وبين صنعاء إلى 8 ساعات تأخير إلى الوراء وخمس ساعات على توقيت جرينتش.وبعد ان ضبطنا ساعاتنا على وقع الزمن الأمريكي وأخذنا قسطاً من الراحة . حان موعد الاستيقاظ مبكراً لملاقاة صباحات نيويورك وقراءة ملامح ووجه التفرد الجمالي والمعماري للمدينة .. مركز التجارة العالمي وعاصمة المال والأعمال قبلة الزائرين من جميع أنحاء العالم.وعندما اردنا ان نذهب في جميع الاتجاهات للتعرف على مدينة نيويورك تعين علينا ان نفكر ملياً في كيفية عمل شبكة المواصلات التي تربط المدينة ببعضها التي نستطيع من خلالها التحرك في مختلف أرجائها للتعرف على اهم المعالم التي تتميز بها.ومن الأهمية بمكان القول ان المرء الذي يحل ضيفاً على المدينة لأول مرة- بحاجة الى صديق مقيم فيها لكي يعرفه على طبيعة النظام الذي تعمل بموجبه وسائل المواصلات وعلى محددات اتجاهات حركة الباصات والقطارات ومحطات مرورها وتوقفها والمناطق التي تغطيها وتصل إليها التي تعمل بنظام البطاقة الممغنطية وقد حرصت سلطات المدينة على وضع خارطة تفصيلية توضح كيفية عمل شبكة المواصلات (القطارات والباصات) بوسع أي شخص الحصول عليها من اقرب محطة للقطارات المنتشرة في عموم المدينة ولاشك ان المرء سيحتاج الى وقت لكي يعرف ويلم بنظام عمل شبكة المواصلات في المدينة.ولكنه عندما يأخذ فكرة عامة كيف يتحرك سيجد نفسه اذا كان يعرف يتحدث اللغة الانجليزية- تلقائياً قادر على التنقل والحركة في مختلف أرجاء المدينة مستعين بالسؤال لاي شخص يقابله كي يدله على أي اتجاه او مكان يريد الوصول اليه . اذا كان ملم بدقة بالعنوان والمكان الذي يحتاج التعرف عليه.ومدينة نيويورك عبارة عن جزيرة يحيط بها الماء من جميع الجهات وتتوزع الى أربعة أحياء رئيسية هي (MANHATTAN)-كوين- QUEENS-بروكلن-BROOKLYN- برونكس BRONX وتلك الاحياء مقسمة بدقة متناهية الى شوارع طويلة ومتقاطعة هي الـ (STREET مع – AVENUE) تأخذ تسميات وارقاماً مختلفة. ومن خلالها يتم الاستدلال للتعرف على كل نقطة وعنوان في المدينة وجميع المباني معرفة بالأرقام الترتيبية المتسلسلة ثم الارقام المتفرعة للشقق والمنازل والمحلات التجارية والمنشأت والمرافق العامة والخاصة .. ويتواصل النظام الى تحديد طرق لسير السيارات والمارة في الشوارع بالاشارات الضوئية التي ينبغي على الجميع الاحتكام لها والتحرك بموجبها وهكذا يبدأ الارتسام والتشكل بصورة المدينة لدى الزائر الذي سيجد نفسه- يتطلع الى المباني الشاهقة التي تعانق السحاب- وامام تحفة معمارية وجمالية من الطراز الحديث تلك الصورة الجمالية الذي لايمكن ان تكتمل للناظر الا عندما يصعد الى اعلى برج في المدينة يصل ارتفاعه الى اكثر 200م- من على برج EMPEERSTATE BULDING “ “ تستطيع ان تشاهد والصورة الساحرة والرائعة المطرزة باضواء النيون وتقتطف ماتيسر من المناظر الخلابة لوجهة نيويورك من على ذلك الارتفاع الذي تحول الى مزار يومي للسواح من جميع بلدان العالم الذي يشمخ وسط حي مانهاتن وتم استثماره وذلك سياحياً على اكمل وجه من سلطات المدينة الذي اخذت عاتقها تنظيم عملية الصعود الى اعلى البرج وجعلها تأخذ شكل مرتب ومنظم يبدأ تسديد الرسوم المطلوبة التي تبدأ من 16$ وتصل الى 36$ لمن يريد ان تسبق عملية الصعود الى اعلى البرج مشاهدة صورة بانورامية للمدينة تأخذه فيها على متن طائرة الى كافة أنحاء نيويورك لمشاهدة كافة المعالم الجميلة التي تتميز بها ثم بعد ذلك تتم عملية الصعود الى الأعلى لرؤية المدينة من مختلف الاتجاهات ويسمح لك ان تبقى في الشرفة لالتقاط الصور والمناظر المختلفة مع المجموعات التي صعدت لاكثر من عشرين دقيقة حتى يحين موعد المغادرة لكي تفسح المجال للأمواج الأخرى المنتظرة دورها في الصعود الى شرفة البرج. وتخضع العملية لاجراءات أمنية مشددة تحسب لاي طارئ ناهيك ان كل من يصعد يتم تصويره بمعية زميلة وبعدما ينتهى الزيارة تجسد في طريق المغادرة الصورة في انتظاره ولكنه لايستطيع أخذها الا اذا دفع مبلغ 25$ ثمنها وتحفظ الصورة كتذكار في ارشيف الزائرين للبرج . وقد اخذ ذلك البرج أهميته بعد 11 سبتمبر 2001م على اثر اختفاء برجي التجارة العالمية اللذين كانا يشكلا احد أهم معالم نيويورك لزمن طويل ويبقى تمثال الحرية الرابط في جزيرة المقابلة لحي مانهاتن احد اهم المزارات الذي يقصده السواح وتتم عملية الدخول اليه بواسطة القوارب المتواجدة على الشط التي بدورها تاخذك الى الضفة الاخرى لمشاهدة التمثال والتقاط الصور مجانية للذكرى الى جانب الجسور المعلقة ذات الاحياء الاخرى وولاية نيوجرسي المجاورة. التي تعبر عليها القطارات وكافة وسائل المواصلات الاخرى وكذلك المشاة ايضاً على امتداد نهر “ هدسن” التي يمر في قلب المدينة.!!وتمثل حديقة “السنتر بارك “CEMTER PARK” أهم المتنفسات للمدينة التي تبلغ مساحتها 30 %من مساحة حي مانهاتن ويقصدها الناس في جميع الاوقات من ابناء المدينة والزائرون من مختلف انحاء العالم ولايستطيع المرء ان يتجول فيها سيرا على الاقدام لاتساعها الكبير ويتم الاستعانة بعربات الخيول وسيارات الأجرة للتجول فيها والتنقل بين ارجائها وتوجد فيها بحيرة اصطناعية وترع مائية كثيرة ولاتستطيع ان يكمل التنزه فيها لمدة يوم كامل.