مليحة الشهاب حينما لاحظ الأب علامات النبوغ في ابنته، استيقظ حلمه بأن يصبح أحد من ذريته طبيبا، لتجد "خديجة" كلمة دكتورة تلتصق بها منذ خطوتها الأولى في المرحلة المتوسطة. ولقد استطاعت أن تختم مرحلتها الثانوية بمعدل 98%، الأمر الذي مكنها من الالتحاق بكلية الطب، لتضع لبنات الحلم على أرض الواقع.. وفي سنتها الخامسة من الدراسة، توفي الأب، لتغدو خديجة تحت وصاية أخيها، وكل حياتها من ماض وحاضر ومستقبل بين أنامل مزاجيته، ليصدر أول قرار يقضي بخروجها من كلية الطب، وحجته أن الطب فيه اختلاط وهو يخشى على شرفه من أن يمسه الهواء..!.. إن قضية ولي الأمر فيها كثير من الإشكالية، وقد تكون مدعاة للحيف ومعينة على الجور، وأكثر ما يتجلى ذلك في ولاية الأخ والابن. وما هذه القصة التي ذكرناها إلا أنموذج لمئات الآلاف من الفتيات اللائي شاء لهن القدر أن تصبح حياتهن محكومة بأخ أو ابن صار وليا لأمرها، آخذا سلطة مطلقة حاكما ومتحكما في شؤونها بلا قيد أو شرط!. نجد أحيانا في نظام ولي الأمر أنه لا يراعي البديهة القائلة: إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وإن هذا التنظيم فرضه شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي وتوسل بالدين لتثبيته.لكنه في أغلب حالاته لم يعد مقبولا ومتسقا مع التطور الذي شهده المجتمع على كافة الأصعدة، بل أصبح عثرة تعيق حركة التقدم بما هي سنة كونية قام الدين عليها في منظومته التشريعية، ولنا في ابن القيم قدوة حيث نجد في كتابه (أعلام الموقعين) عنوانا عريضا وهو (تغير الفتوى بتغير الأزمنة والأحوال).وأمام الكم الهائل من قصص الظلم التي تقع على المرأة تحت غطاء ولي الأمر مما ثبت ضرره أكثر من نفعه، نرى أننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر والتقييم في أمر الولاية على المرأة، والحد من السلطة المطلقة المكفولة للولي، وعلى الأخص الأخ والابن، لأنهما الأكثر ضررا على المرأة؛ إن استخدما الولاية بما يؤذي ولا يفيد. ونؤكد ضرورة اعتماد مبادئ حقوق الإنسان عند وضع القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة، فهي من دون جدال أضعف حلقات هذا المجتمع. [c1]نقلاً عن صحيفة "الوطن" السعودية[/c]
ولاية الأخ .. والظلم الاجتماعي على المرأة
أخبار متعلقة