حدثني احدهم قائلاً: ذهبت في شهر رمضان الماضي لأحد المساجد لأداء صلاة (التراويح)، ويبدو أن مجموعة من الرجال الأتقياء المتحمسين (للتعدد) ـ أي المشجعين والحاثين على الزواج بـ (مثنى وثلاث ورباع) من النساء، يبدو أن هؤلاء الرجال قد وزعوا منشورات على صفوف المصلين تحفزهم وتشرح لهم مزايا هذا السلوك، وكيف أن الرجل إذا (عدد) يبعث الله في نفسه وجسده طاقة غير متوقعة، بعكس ذلك الرجل الواهن الخانع المكتفي بزوجة واحدة، وقد شبهوا حياته بـ (الماء الآسن).. واستطاع هؤلاء الموزعون لتلك المنشورات أن يدخلوها كذلك بشكل أو بآخر في مصلى النساء الملاصق لمصلى الرجال بحيث لا يفصل بينهما غير (بارتشن) من الخشب لا يزيد ارتفاعه عن مترين.وما إن كبَّر الإمام لأداء الصلاة، حتى تطايرت أوراق المنشورات على رؤوس المصلين من الرجال، مقذوفة من مصلى النساء، وسمعت همهمات بعضهن بالدعاء على من طبعها ووزعها وقرأها وعمل بها.ويمضي قائلاً: وقد أديت عدداً من الركعات، بعدها قطعت صلاتي وخرجت من المسجد خوفاً من أن اقترف إثماً، لأنني لم استطع أن أسيطر على نفسي التي كادت أن تنفجر من رغبتها بالضحك، وهذا هو ما حصل بالفعل حالما خرجت من باب المسجد، إذ أخذت اضحك واضحك، وشاهدت رجلاً يفعل مثلما افعل، وسألني: هل ما يضحكك هو ما يضحكني؟! أخذت أهز رأسي ممسكاً بطني وأقول له: نعم، نعم، نعم.قلت لمحدثي: إن ذلك لا يبعث على الضحك، أجابني: لو انك في تلك الليلة سمعت بعض دعاء النساء، والكلمات الصاروخية التي خرجت من أفواه بعضهن (فيمين بالله) لسوف يصيبك البلل من شدة الضحك.. قلت له: أنت تعرف أنني رجل لا اعرف المزاح ولا استسيغه، ورغم أنني لا أطيق رؤية أو سماع أو حتى التفكير بامرأة حمقاء أو بليدة أو قذرة، إلاً أنني ابتعد عنها وأتحاشاها بقدر ما أستطيع، إلى درجة انه لو كان بيدي مدفع رشاش وأستطيع بواسطته قتلها، فإنني لا افعل، وأقسى ما أقدم عليه أن أعنفها قليلاً، ثم اتركها تهرب من أمامي، أما هؤلاء الرجال الذين بثوا تلك المنشورات على النساء، فإنهم (متلوثون) عقلياً ونفسياً.. فالمرأة يا أخي لها نفس عاطفة الرجل ونفس نوازعه، فتخيل لو انك أنت كنت امرأة في مصلى هؤلاء النساء وسقطت على رأسك ورقة من تلك المنشورات، وكنت امرأة صالحة وتحب زوجك حباً جماً، فبالله عليك ماذا تكون ردة فعلك، خصوصاً ان ما جاء في تلك الورقة يدعو زوجك للزواج عليك؟!نهرني محدثي وعنفني عندما قلت له: (تخيل لو انك كنت امرأة)، المهم إنني اعتذرت له، وليس هناك أسهل من الاعتذار.وفي ثاني يوم، وحكاية الزواج والتعدد ما زالت تلعب في رأسي، ذهبت لزيارة رجل بلغ من العمر عتياً، وكان في بداية حياته فقيراً معدماً، غير انه في النهاية قد فتح الله عليه فتحاً مبينا.. فسألته مداعباً: لماذا لا تتزوج يا عم بثانية؟!أجابني بابتسامة خبيثة وقال: يوم كنا نقدر كنا ما نقدر، ويوم صرنا نقدر صرنا ما نقدر. واترك لكم تفسير هذه (الفزورة)، التي تدل على رغبة جامحة، ولكنها مشلولة.[c1]* نقلاً عن صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية[/c]
الرغبة الجامحة المشلولة
أخبار متعلقة