واحة الأدب
نعمان الحكيم[c1] إذا غامرت في شرق مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم [/c]صدق أبو الطيب المتنبي فعلا فهو يتنبأ دائماً في كل أشعاره بويلات الدهر ومقاومة الإنسان وصلابته إزاءها ولذلك تغدو أشعار هذا الحكيم صالحة لكل زمان ومكان في حكم خالدة..والمتنبي أليس هو الذي سعى إلى حتف نفسه بعد أن صده أحد الأعراب وهو مول عن الحرب والطعان قائلاً له ألست القائل يا أبا الطيب: [c1]“الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم”؟[/c]قال نعم .. قال له الأعرابي لماذا أنت هارب عن الحرب أنت جبان نحن نعرفك بمثلما قرأناك فعاد المتنبي إلى ساحة الحرب ولقي حتفه والهجرة على الراوي إن زاد فيها أو أنقص لكننا هنا نستشف من هذين البيتين العظيمين مالهما من عمق وبعد وحكمة لم يبلغها غيره اللهم (أبو العلاء المعري) الذي كان تلميذاً للمتنبي وهو الذي كان عندما يسمع البيت الشهير لأستاذه المتنبي والقائل: [c1]“ أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم “ [/c]قالوا كان المعري يشير إلى نفسه ويقول : إنه يقصدني (أنا) تلميذه.. إذا المتنبي عندما يتحدث عن الشرف والعفة والكرامة فإنه يقارن ذلك بالنجوم السيارة ولا يقبل بما هو أدنى منها وذلك تعظيماً وإكباراً للشرف الذي بدونه لا يساوي الإنسان شيئاً فالشرف سمة الإنسان الذي لا تقهره الأنواء والاجتياحات وهو الذي يصمد صمود الجبال متحدياً كل العواتي وهل أبلغ من قوله نفسه:[c1]“ لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم”[/c]نعم هكذا هي الحياة الحرة الكريمة ودونها الموت الذي طعمه في الأحوال كلها واحد صغر الحدث أم كبر والموت هو الموت المهم كيف يكون أفي أمر عظيم وجلل كبير أم في أمر تافه وحقير فهو هازم اللذات ومفرق الجماعات وهو الذي تنتهي به الحياة ومن غير المعقول أن يموت الإنسان (جباناً) لأن الموت له شرف ومقام عالٍ وغالٍ وهو مانبه إليه حكيم العرب وشاعرها الأغر / أبو الطيب المتنبي رحمة الله عليه.. وإلى واحة قادمة إن شاء الله تعالى