مدينة صنعت التاريخ الإسلامي ومنها بزغت أنوار فجر الإسلام إلى بلاد المغرب جمعاء . أخططت تلك المدينة الرائعة سنة ( 50هـ / 670م ) جنوبي قرطاجنة بتونس على يد التابعي الجليل عقبة بن نافع الفهري . وتذكر المراجع التاريخية أنّ القائد عقبة الفهري أراد أنّ يخط مدينة تكون بعيدة عن البحر بسبب خشيته أنّ يغير الأسطول البيزنطي على المسلمين في الثغور المطلة مباشرة على البحر.فوجد موضعًا مناسبًا يحمي جيوش المسلمين من غارات سفن البيزنطيين الذين كانوا حينذاك أسياد البحر المتوسط ، فكانت مدينة القيروان التي تفيض وتتجدد دائمًا وأبدًا بالشباب والحيوية والإبداع وتزدهر وتزخر بكنوز العلوم والمعارف الإسلامية وفي قلبها يطفو مسجد جامع القيروان الذي يعد أشعاع الحضارة الإسلامية المضيئة عبر العصور ، وعين من عيون العمارة الإسلامية والإنسانية الخالدة المزدهرة بجمالها وروائها . واليوم تونس الأصالة التي تضم في ثنايا أحضانها الكثير والكثير جدًا من شهود قبور الصحابة والتابعين الأجلاء الذين استشهدوا على أرضها لرفع راية الإسلامية في ربوع بلاد المغرب ، تحتفل بمناسبة مرور الذكرى 1380م على تأسيس القيروان المدينة المشرقة والمتلألئة بالنور والخير والبركات والمنحوتة في وجدان الوطن العربي والعالم الإسلامي . [c1] جامع القيروان[/c] يقول الدكتور حسين مؤنس في كتابه ((المساجد)) عن بناء مسجد الجامع القيروان : “ بدأ عقبة بن نافع بناء المسجد سنة 50هـ / 670م ( وهو تاريخ اختطاط القيروان رابعة العواصم الإسلامية الأولى ) ـــ البصرة سنة 14 هـ ، الكوفة سنة 15هـ ، الفسطاط سنة 21هـ ــــ . وفرغ منه ومن القيروان سنة 55هـ / 675م “ .و يورد حسين مؤنس التجديدات والزيادات التي حصلت لمسجد جامع القيروان على يد على من ولاة إفريقيا ( أي بلاد المغرب ) وهم : حسان بن النعمان الغساني سنة 80هـ / 669م ، بشر بن صفوان الكلبي عامل الخليفة الأموي هشام ابن عبد الملك سنة 102هـ / 723م ، وآخرهم كان إبراهيم بن أحمد بن الأغلب تاسع أمراء بني الأغلب سنة 261هـ / 875م والذي شهد الجامع في عهده أوج جماله . [c1]الاحتفال بالقيروان[/c]والحقيقة كنا نود من الجهات المعنية بحياتنا الثقافية أنّ تبادر في الاحتفال بميلاد مدينة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية لكون مدينة تونس العربية الإسلامية الأصيلة تضم في ثنايا ترابها الطاهر الكثير من رفاد الصحابة والتابعين اليمنيين العظام وعلى رأسهم حسان بن النعمان الغساني الذي بنى مدينة تونس والتي كانت تعرف قديمًا ( تنيس ) . والتي : “ ولم تكن تعدو ( أي تونس ) عند بنائها قرية صغيرة فحولها حسان إلى قاعدة بحرية تقلع منها الأساطيل ، وأنشأ بها دارًا لصناعة الأسطول ، كما شيد بها مسجدًا جامعًا ، ودارًا للإمارة وثكنات للجند “ . وتذكر المصادر الإسلامية أنّ العديد من شيوخ وزعماء قبائل وعشائر اليمن ، كانوا مع عقبة بن نافع في أثناء بنائه لمدينة القيروان ، وقد مكثوا واستقروا وصاهروا وجاورا أهلها ، وصاروا أحفادهم أو الأجيال الجديدة جزء لا يتجزأ من سكانها الأصليين وإنّ كانت أصول أنسابهم تعود لليمن . وخلاصة القول ، نود من المسئولين في وزارة الثقافة أنّ يسارعوا بإقامة حفل خاص لمدينة القيروان تليق بمكانها في التاريخ الإسلامي بمناسبة مرور ذكرى تأسيسها نحو أكثر من ألف عام . وأنني أكاد أجزم ، بأنّ وزارة الثقافة وعلى رأسهم وزيرها الأستاذ الدكتور محمد المفلحي الوزير الطموح أنّ ذلك الاقتراح يحتل مساحة كبيرة في تفكيره ، وأنه سيعمل على تنفيذها في أقرب وقت ممكن نظرًا للعلاقة التاريخية الوثيقة بين اليمنيين والقيروان مدينة الإيمان والجمال والصفاء . وكل عام ومدينة القيروان الذي يرقد التاريخ في أحضانها بكل خير.
|
تاريخ
اليمنيون والقيروان
أخبار متعلقة