اقواس
مع مرور الأيام أخذت ثقافة المشاركة في النمو وترعرعت بين أوساط الجيل الجديد وقد بدأت في نحت الكثير من معالمها من خلال إرساء قواعد الديمقراطية فتشربت الأجيال الجديدة من هذه الثقافة التي ظهرت بعد قيام الوحدة اليمنية، حيث توفر المناخ السياسي الملائم لممارسة كافة المظاهر الديمقراطية فكانت - الديمقراطية - هي الخيار السليم الذي ارتكز على دعم ثقافة المشاركة السياسية والاجتماعية لكل قطاعات المجتمع للإسهام في دفع مسيرة التنمية والبناء قدماً نحو الأمام. ثقافة المشاركة هي سلوك مكتسب في بادئ الأمر من محيط الأسرة والعلاقات القائمة بين أفرادها ، في حين تساعد المدارس والجامعات على غرس هذه الثقافة عبر التطبيق والممارسة العملية وتعليم طلابها كيفية التعبير عن الرأي بحرية والمحاورة والنقاش والإسهام في اتخاذ القرارات، وتنمية هذه الثقافة في مواقع العمل المختلفة هي امتداد لتنميتها في محيط الأسرة والبيئة المدرسية والجامعة لتصبح جزءًا من الحياة اليومية ليدرك الأفراد حقهم المشروع بالتعبير والمشاركة عبر أساليب حضارية متعارف عليها تؤدي إلى صقل الشخصية المستقلة القادرة على التجاوب والتفاعل الإيجابي عقلياً ووجدانياً مع القضايا الهامة التي تسهم في تنمية المجتمع ، وترتقي ثقافة المشاركة من سلوك نتعلمه ونرثه لتصل إلى واجب وطني مقدس وحق لا يمكن التنازل عنه . إن ثقافة المشاركة بما تعنيه من منح الثقة للمواطنين لتشكيل وتغيير مجتمعاتهم حسب تطلعاتهم عبر ممارسة أرقى مظاهر الديمقراطية والمشاركة في صياغة القرار الجماعي بموجبها يتحول الأفراد إلى أعضاء فاعلين ومؤثرين يشاركون في التخطيط والتنفيذ ويتعاظم دورهم في الحياة العامة، وفي تناغم وطني يصبح الجميع شركاء في هذا الوطن وتقع على عاتق كل فرد مسؤولية بناء الغد ونهضة البلد، لا أن يكونوا مجرد (إمعة) يتلقون الأوامر والتوجيهات دون رأي و التفرج على الأحداث من بعيد وبصمت ، فالمشاركة تضمن الاستفادة من الطاقات البشرية وتساهم في خلق الالتزام لدى الجميع والوصول بنجاح إلى الأهداف المشتركة بعيداً عن المركزية والتبعية. والمشاركة لا ترتبط بالجانب السياسي فقط بل تضم كافة شؤون الحياة التي تستلزم اتخاذ القرارات منها الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وهي لا تخص قطاعاً واحداً أو فئة محددة . ما أحوجنا اليوم إلى أن نكون شركاء ؛ فعبر المشاركة تتحقق وحدة الوطن والشعب وتُخلق المواطنة المتساوية، وما يزعجنا حقاً هي تلك الدعوات التي تطلقها الأحزاب والتنظيمات السياسية بالامتناع عن المشاركة تحقيقاً لمصالحهم الشخصية رغم أن المشاركة لا تعني التأييد المطلق وعدم الاعتراض، ودعوة الامتناع عن المشاركة تجعل العلاقة بين الوطن والمواطن متوترة بسبب فقدان المواطن حقه المشروع في صنع القرار . والثابت أن المشاركة حق وواجب وتتصدر الأولويات وتتطلع لها جميع فئات المجتمع فهي تأمن للجميع حق المساهمة في أخذ القرار وتقرير مصير البلاد وتأمين مستقبل أفضل وتمهيد طريق النماء للأجيال .