*فخر الدين فياض لم يكن الأمر غريباً أن تقتل هدى برصاص أخيها ، بعد أن استدرجها إلى بيت العائلة ليذبحها " أضحية ً" تدرأ عنه " عارها "!! لم يكن الأمر غريباً أن يشحذ والدها خنجره طويلاً في انتظار عودتها ليحزّ رقبتها ويرفع رأسها باعتزاز ويهتف: الله أكبر ..هذه أمة يعرب!! لم يكن الأمر غريباً أن تزغرد الأم ويداها مضرجتان بدماء هدى ..زغرودة تتردد أصداؤها في عمق التاريخ لتنبش" مآثر" العرب !! لم يكن الأمر غريباً أن يستقبل الأهل التبريكات والتهاني من "الأحباء والأقارب" وأصحاب "النخوة والغيرة" بعد أن غسلوا عتبات منازلهم بدماء هدى!! لم يكن الأمر غريباً أن لا تدفن هدى في مقابر العائلة "الكريمة" حتى لا " يدنس" جسدها تراب عبس وذبيان !! لم يكن الأمر غريباً أن لا يصليها ولو "شيخ" واحد خوفاً من أن " تلوّث" روحها "طهر" صلواته !! * * * ألسنا "أبناء يعرب" .. لنا الصدر أو دون ذلك القبر؟! ألسنا من سلالة "وأد البنات" ..ألم يتمنَّ والد هدى ألف مرةً لو وأدها وليدة .. حتى لا "تنكس عقاله " صبية ؟! ألم تكن المرأة على مر العصور سبية "جارية أو آمة" نفعل بها ما نشاء .. ننكحها متى أردنا .. ونبيعها لمن يدفع لنا أكثر في اسواق المزايدات او النخاسة .. ونهديها لصعلوك أو سلطان ...ثم ذبحها متى رفّت عينها قليلاً؟! ألسنا أحفاد الفتوى القائلة : (( لا تشاوروهن فإن شاورتوهن خالفوهن )).. و (( المرأة كالعبد ، كلاهما مملوك ، العبد لسيده والمرأة لأهلها او بعلها )) ..و(( المرأة وظلها صورتان للشيطان )) ؟! ألم تكن المرأة على مر عصورنا العربية " وعاءً للقذف " .. و((آلة متعة وخدمة متى دبّت الغلمة بين فخذي الفحل )) بحسب مراجعنا الموروثة من أسلافنا في العصور الغابرة ، تلك المراجع التي لا نخجل من تبجيلها و التغني بها وإضفاء صفة القداسة عليها وعلى اصحابها ؟! * * * ألسنا ضحايا ثقافة الإرهاب والترويع وتقطيع الأعضاء .. ثقافة القتل وحز الرقاب .. ثقافة التكفير واللعن والحقد والكراهية؟! ألسنا أحفاد ثقافة ذم الآخرين بأمهاتهم وأخواتهم .. وعار (( البنات إلى الممات )) ؟! ثقافة لم تعرف الحب إلا واقترن بالدم والذبح والجنون .. ثقافة لا تحوي قصة حب واحدة عاشت بشكلها الإنساني ..العادي .. وإن وجدت هجوناها وهجونا أصحابها ؟! ثقافة ضربت حصاراً على المرأة منذ ولادتها ..حتى دفنها ، وعاقبتها كما لو كانت مسخا ً..كائنا ً تتسرب منه (( النجاسة)) أينما اتجه !! ألسنا (( أمة الرسالة الخالدة )) ؟! وهل نفهم رسالتنا إلى العالم ما هي؟! ألا تختصر دماء هدى هذه الرسالة ؟! * * * هدى ليست ذبيحة أخيها .. ولا ذبيحة أهلها ، إنها ذبيحة الأمة التي تعيد إنتاج تأخرها بكل ما يعنيه من عشائر وقبائل وطوائف.. وحروب السيادة والزعامة المحصورة داخل (( مضارب الثأر و مذابح العار )) . هدى ذبيحة أمة تسير وعيونها نحو (( السلف )) بكل العث الذي يسكن عباءته .. وأهازيج الدم التي ترافق سيوفه وبنادقه ..والأعراس التي يقيمها (( الفاتحون )) حين يبسط (( المؤمن )) رجولته على عشر "حرائر" أصبحن سبايا في مخدعه !! هدى ذبيحة أمة تغتصب نساءها منذ آلاف السنين باسم الشرع والدين والقانون ..أمة تهيء (( بناتها )) ليصبحن جوارٍي عند رجل / ذكر لا حق لهن باختياره ..وإن أحبّت البنت فمن العار تزويجها لمن أحبته !! هدى ذبيحة ثقافة متكلسة روّجت لإباحية الرجل .. وتجديد الفراش .. وإنكار النسب .. وحرية الطلاق .. وتغيير (( طعوم )) الجنس متى كان قادراً.. وجعلت شرفه مقترناً بما يقطن تحت ثياب المحرمات .. هدى ذبيحة ثقافة جعلت من الملابس الداخلية للنساء راية كرامة رجالها ..وشرفهم !! هدى ذبيحة ثقافة ذكورية منحطة و منغلقة تبيح للذكر (( غسل عاره )) إذا دخل الحب إلى بيته.. واقترب (( الغريب )) من (( ضلعه الأعوج )) !!. هدى ذبيحة هزائمنا المتواصلة تحت بيارق الدين او القومية او الاشتراكية !! هدى ضحية أمة مهزومة حتى العظم ، داستها حوافر الخيل واقتلعت خيامها ومواقد تخلفها.رياح الحضارة الحديثة . ومرغــت متغيرات وتحولات العصر الحديث (( رسالتها الخالدة )) بوحل التأخر و(( الجعجعة )) ونفاق الأنظمة وأكذوبة الصمود والتصدي و مذلة الحكومات التي تستجدي رحمة الآخرين ، بينما تمارس العهر السياسي أمام العالم أجمع.. هدى ذبيحة سيوف صدئة و مهزومة ، لم تجد سوى جسد المرأة لتسجل على فراشها المغتصب او فوق جثتها المضرجة بدمائها ، انتصارات وبطولات ذكورية وضيعة !!.. عن / " الرأي " الأردنية