غضون
* أواخر يناير 1991م خلع رئيس الصومال محمد سياد بري من منصبه أو بالأصح انهار نظام حكمه ولجأ هو إلى دولة مجاورة.. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم كانت الصومال خلال 17 سنة وما تزال مثالاً غير مسبوق في تاريخ الدول من حيث انهيار نظام القضاء وحكم القانون ودولة المؤسسات، وخلال هذه الفترة صارت الصومال أرضاَ لأفضع الحروب الأهلية وارتكاب أسوأ الجرائم، وهي إلى اليوم أكثر المناطق التهاباً.. جربت خلال هذه الفترة بدائل عدة مرات عن طريق أمراء القبائل وشيوخ الحرب ومرة باسم حكومات وبرلمانات انتقالية ومرة تم تجريب نظام المحاكم الشرعية.. وكل تلك الخيارات والبدائل لم تصمد، وفي الوقت نفسه ازدادت فرص قوى الإرهاب على أرض الصومال..* وللخروج من هذه المحنة حاول المتناحرون استغلال إمكانيات الآخرين في محيطهم والراغبين في المساعدة.. مؤتمرات في نيروبي وأخرى عقدها الخصوم في صنعاء والرياض وأسمرة والقاهرة والخرطوم وأرتيريا وغيرها لم تصل إلى كلمة سواء، وحتى استعانة الحكومة التي لا حول لها بالقوات الأثيوبية زاد الطين به..* الشيء الوحيد الذي اتفق عليه قادة الحكومة والمعارضة وأمراء الحرب والنهب في الصومال هو عدم التعرض للسيارات والطائرات التي تجلب القات الأثيوبي إلى مناطق الصومال.. والشيء الوحيد الذي يختلفون حوله هو الدولة رغم أن الجميع يرى أنه لا حل للمشكلة في غياب دولة القانون.* العبرة ها هنا.. إن قادة الصومال - الذين حققوا الاستقلال - وحدوا الصومال الايطالي والصومال الانجليزي في دولة واحدة وظلوا يطالبون بإقليم أوجادين المحتل من إثيوبيا، ولكنهم خسروا كل شيء بما في ذلك بلدهم وأمنهم واستقرارهم لأن السلطة التي كان يترأسها بري استبدت، واستبعدت الجميع لصالح قبيلته وبطانته..