المخدرات .. سموم تورد المهالك والدمار
اعداد / زكي الذبحانيالمخدرات آفة خطيرة ومضارها واسعة ، وليست المخدرات وليدة عصرنا هذا ، فقد عرفت حضارة السومريين (الافيون ) قبل الميلاد بقرون عديدة ووصفت آنذاك كدواء لمنع الاطفال من الافراط في البكاء . وفي شريعتنا الاسلامية تعد محرمة بالاجماع ، وقد ورد التحريم في الاحاديث النبوية الشريفة ( على صاحبها افضل الصلوات واتم التسليم ) ، فهي من المسكرات شأنها شأن الخمور ، حيث روي عنه انه قال: " كل مسكر خمر وكل خمر حرام " ، وقوله : ( ما اسكر كثيره فقليله حرام ) .ويقول المولى عزوجل : ( يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ، انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العدواة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل انتم منتهون ) ، كما يقول المولى جل وعلا : " ولاتلقوا بايديكم الى التهلكة " ، وفي آية اخرى يقول سبحانه : " ولا تقتلوا انفسكم ، ان الله كان بكم رحيماً " . علاوة على تحريم الدين الاسلامي الحنيف للمخدرات لما لها من اضرار صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية مدمرة . وفي هذا رد على من استهواهم الادمان على هذه السموم القاتلة ويصدرون احكاماً من تلقاء انفسهم بعدم تحريم الدين لها دون علم ، او هدى وهم في الاصل ليسوا من اهل العلم او الفتوى ، ليبرؤوا أنفسهم وامعانهم فيما هم فيه من معصية بينة واضحة . فكيف لاتكون المخدرات محرمة وتلك النصوص في القرآن والاحاديث الشريفة شاهدة على التحريم لما لها من اضرار على الصحة ولانها مسلك يوري المهالك ، بل وثمة مظاهر وآثار تبدو جلية واضحة على متعاطيها توثق وتؤكد هذا التحريم ، حددتها المصادر الطبية المتخصصة في : - فقدان التوازن وضعف الحركة . - ثقل الكلام وترنح الخطى .- اختلال احجام واشكال المرئيات والمسافات . - ارتعاش الاطراف وتغير الصوت . - الهلوسة الحسية والسمعية والبصرية كرؤية الاشباح او الاشياء الوهمية . - البلادة والنسيان .- الحكم الخاطئ على الاشياء والاحساس بالكآبة .- بعض مظاهر الخمول والقلق والحزن والاكتئاب او الفرح من دون سبب . - اضطرابات عقلية شبيهة بالجنون والعته. - الانحطاط في الشخصية والشعور الزائف بالاضطهاد . - زيادة الانفعال والخوف والاضطراب النفسي .- ضعف التركيز والذاكرة اللذين يؤديان بدورهما الى الفشل في العمل او في الدراسة .الى ذلك يقود الادمان على المخدرات بالمتعاطين المدمنين عليها الى الهلاك المحقق . ومن المخدرات ماهو طبيعي .. عبارة عن نباتات تؤخذ وتستعمل دون تغيرها، مثل ( الافيون ، الحشيش ) . وهناك مخدرات مخلوطة يتم اعدادها بخلط مواد طبيعية مع مواد اخرى كيميائية ، مثل ( المورفين ، الهرويين ، الكوكايين ) . كما ان هناك مخدرات كيماوية تأتي في صورة عقاقير مصنعة من مواد كيميائية لها نفس تأثير المخدر الطبيعي والمخلوط ، ومنها مايضر بالجسم اكثر من النوعين السابقين ، مثل (الامفيتامين ، الكبتاجون ، عقار الهلوسة .. الخ ) .وفي حين لايزال الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن اليمن بمنأى عن هذه الآفة ، فقد يخفى عليهم ان زراعة الحشيش في المناطق الجبلية البعيدة تمارس الى حدما حتى الان ، وان كان ذلك بشكل محدود مشوب بالحذر والتواري عن انظار الناس وعن اعين السلطات الامنية ، ومادة الحشيش - اساساً - من المواد المخدرة الرائجة لدى مدمني المخدرات ، ولها مصدران ، مصدر محلي - كما ذكرنا - ومصدر خارجي يأتي من البلدان الاكثر انتاجاً في العالم لمادتي ( الهرويين ) و الكوكايين ) المخدرتين ، كافغانستان وبعض دول وجنوب شرق آسيا وذلك عن طريق البحر . وبالنظر الى الاحصاءات المعلن عنها من قبل وزارة الداخلية يتبين بوضوح حجم المشكلة ومدى خطورتها بيد أن الجهود المبذولة لمكافحة المخدرات لاتزال متواضعة بعض الشيء في ظل شحة الامكانات والوسائل وعدم تلبيتها لاحتياجات الادارة لمكافحة المخدرات للقيام بواجباتها على اكمل وجه . ومايزيد مشكلة خطورة وتعقيداً تزايد حجم كميات المخدرات المضبوطة وارتفاع عدد قضايا الضبط للمواد المخدرة اذ توضح معلومات صادرة عن الادارة العامة لمكافحة المخدرات ان عدد قضايا الضبط في العام المنصرم 2005م بلغ (45 قضية ) ، وكمية المضبوطات من مادة الحشيش وحدها وصلت الى (3004 كيلو و 241 جراماً ) ، بينما بلغ عدد القضايا المضبوطة في الخمسة الاشهر الاولى من العام 2006م ( 58 قضية ) وما تم ضبطه من الحشيش خلال ، تلك الشهور وصل الى (203 كيلو و 763 جراماً ) ان عمليات ادخال هذه التجارة الخبيثة والعبور بها عبر البلاد والتي ترمي الى النيل من عافية وحياة البشر ، تستهوي مهربي المخدرات ، اما لتوزيعها محلياً او لتهريبها الى البلدان الاخرى وبخاصة بلدان الجوار ، مستفيدة من الشريط الساحلي الطويل للبلاد الذي يمتد لاكثر من ( 2500 كيلو متر ) فموقع اليمن الجغرافي المتميز كمنطقة عبور يسيل له لعاب مافيا المخدرات لوقوعها بين دول العالم الاشد انتاجاً ، مثل افغانستان ودول جنوب وجنوب شرق آسيا وبين دول العالم التي يشيع فيها كثيراً استهلاك المخدرات ، كدول الخليج ومصر ، بل ويشجعهم على استغلال هذا الموقع الفريد ليكون لهم معبراً لتهريب وبلوغ زبائن ومروجي المخدرات في المنطقة ، وملجأ للبعض لتخزين المواد المخدرة .فيما يقع تركيز من يتاجرون ويروجون لتلك السموم القاتلة بشكل خاص على شباب طبقة الاغنياء لتمتعهم بقوة شرائية كبيرة ، واكثر مايقودهم الى الادمان عليها ما اجتمع عليه علماء النفس والاجتماع :- اصدقاء السوء الذين يزينون لاصحابهم قبائح الاعمال والافعال .- ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء الى الله تعالى في الشدائد والمحن . - الهروب من مواجهة المشكلات . - الترف الزائد ووفرة المال لدى الكثير من الناس . - الفراغ القاتل ومحاولة شغله بأي وسيلة . - سوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة الابناء تنشئة دينية سليمة . - التفكك الاسري وضياع الابناء .- اغراء الشباب بأن المخدرات تعين على نسيان الالم والحزن وتساعد الهروب من المشاكل والهموم . - الفضول وحب التعرف على حقيقة مايشعر به المتعاطي .- التشبه بمجموعة المتعاطين الذين يشكلون للبادي ضغطاً واغراءاً وتيسير .- القنوات الفضائية الفاسدة فيما تبثه من برامج وافلام منحطة .- اللجوء الى بعض الادوية المهدئة دون استشارة اهل الاختصاص التي توقع المرء في الادمان دون ان يشعر بذلك . - اعتقاد عدم تحريم المخدرات . - الرغبة في زيادة القدرة على العمل والسهر والمذاكرة . - تقليد بعض المشاهير من اهل الفن والطرب الذين يتعاطون المخدرات . - الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد من القدرة الجنسية . - وجود عصابات متخصصة في الترويج للمخدرات وتسهيل وصولها الى التجمعات الشبابية ، كالجامعات والنوادي .- تهاون بعض الدول في التصدي لهذه المشكلة . وبما ان علاج الادمان ضرورة لابد منها لاتقل اهمية عن مكافحة اتجار وتهريب المخدرات والترويج لها ، فمن الاهمية بمكان تخصيص اقسام في المستشفيات لعلاج المدمنين على المخدرات او انشاء مراكز متخصصة لعلاج الادمان . كما لابد من فرض رقابة دوائية فاعلة تنظم مسألة صرف الادوية تلك الى المنتفعين من المرضى وفق شروط وضوابط طبية محكمة بعيدة عن العشوائية . وبما ان علاج الادمان ضرورة لابد منها لاتقل اهمية عن مكافحة اتجار وتهريب المخدرات والترويج لها ، فمن الاهمية بمكان تخصيص اقسام في المستشفيات لعلاج المدمنين على المخدرات او انشاء مراكز متخصصة لعلاج الادمان . كذلك تقع على وسائل الاعلام وقادة الرأي والمؤثرين في المجتمع وعلماء الدين وخطباء المساجد مسؤولية توعية المجتمع باضرار المخدرات صحياً واقتصادياً واجتماعياً ، ولابد ايضاً من ان تتخذ اشد العقوبات صرامة على كل من يثبت عليه انه يتاجر بالمخدرات او يهرب او يروج لها . وبتعاون الجهات الرسمية ذات العلاقة وتعاون الشرفاء من ابناء هذا الوطن المعطاء في ابلاغ الجهات الامنية عن اي انشطة تهريب او اتجار بالمواد المخدرة متى صادفوا اعمالاً اورصدوا تحركات من اي نوع .. يتسنى مكافحة آفة المخدرات والتصدي لها ومراقبة الحدود البرية والبحرية لمنع دخولها هي ويبقى على الوالدين تحمل مسؤوليتهما الكبرى في التربية الحسنة للابناء وتبينهم مخاطر الادمان وتقويم سلوكهم ومتابعة تصرفاتهم وابعادهم عن مخالطة رفقاء السوء والانخراط بهم بأي شكل من الاشكال . فالمخدرات دمار ، والوقاية من الدمار وتجنبه خير من الوقوف على اضرار ومصائب وجرائم تثقل كاهل الاسر والمجتمع .. سببها الادمان على تلك السموم المدمرة . * المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان