جميعنا نبحث عمّن يحتوي مشاكلنا ويحتضنها ويشخصّها، ليجد لها العلاج الشافي، لكننا نادراً ما نجده. كما أننا نظل باستمرار نسأل عن الشخص الذي نفتح له أبواب أعماقنا، فقضايانا ومشاكلنا : قديمها وجديدها تحتاج لمن يستمع إليها، باحثة عن طريق تحرير الذات من قيودها وتحرير الروح من سجنها، فتبدأ النفس تحدث أخبارها وتخرج العقول أفكارها، وتكشف أسرارها عبر الخط الساخن للضغوط النفسية، باحثة عن الحل والعلاج ..؟؟؟كنت أبحث عمن أثق به وآمنه على أسراري وأقول له كل ما أريد، لمن أطلق معه العنان لأفكاري، وأفكر بصوت عال لا أخجل ولا أتحفظ من مناقشة أي فكرة تطرأ على بالي.كنت عندما أفكر بصوت عال مع شخص تتولد الأفكار واحدة تلو الأخرى فتلمع كالبرق الساطع، وفي معظم الأحيان لا أعلنها بل أمارسها. وعندما لا أجد من أفكر معه، أبقى أعيد التفكير مرارا وتكرارا وكأني اقذف بالكرة في اتجاه الحائط فترجع لي فأفقد متعة التفكير.يقولون فاقد الشيء لا يعطيه، وأنا أقول فاقد الشيء هو أقدر شخص على إعطائه لأنه عاش معاناة فقدانه، وعلى قدر حاجتي لكل ذلك تولدت فكرة الخط الساخن للضغوط النفسية الذي يفسر المقولة "الحاجة أم الاختراع".عندما اتصل بي أول شخص في ديسمبر 1997م، وقال لي "كنت أبحث عن هذا منذ زمن" وبعد كل الاتصالات التي تلته، تأكدت من ضرورة وأهمية هذه الخدمة وخاصة عندما يحدث التغيير في شخصية وحياة المتصل.بعضهم لا تكون لديه مشكلة ولكنه يحتفظ بسر أو كلام في ذاته منذ سنين ولا يستطيع البوح به لأحد، لأن السر طالما هو في داخلك فإنك تأسره وإذا خرج أسرك. فعندما يعترف لي به، أنا التي لا تراه ولا تعرفه، مجرد شخص يسمعه وكأنه يحدث نفسه أمام المرآة، فإنه يتحرر من الأسر. إن وجود سر في حياة شخص يثقله ويجره للقاع ويعيقه نفسيا فيمنعه من الانطلاق في الحياة حتى يتحرر منه.وكما حصل لاحدى السيدات التي أعاقها وجود سر في حياتها ومنعها من أن تستمتع بالحياة مع زوجها، فلم تبادله الحب حتى بعد أن رزقت بالأبناء والبنات وأصبح أكبرهم في سن المراهقة، لم تستطع أن تستطعم حب أطفالها، والعالم من حولها يتطور والأبناء يكبرون والزوج العاشق يذوب حبا فيها وهي تعرف وتعي لكل ذلك ولكن لا تستطيع أن تتفاعل مع ما هو حولها حتى شاء القدر ان تقع بطاقتي في يدها. اتصلت بحجة رغبتها في طلب التوجيه لكيفية التعامل مع ابنتها المراهقة.إن الله قد أنعم علي بالحاسة السادسة النشطة التي أستطيع أن أحس من خلالها بالآخرين وأتعايش معهم وكأني في داخلهم، فأرى ما يرون وأشعر بما يشعرون وأقرأ أفكارهم قبل أن ينطقوا بها "عبدي أطعني أجعلك ترى بعيني" وهذا هو سر استمرار الخط الساخن ونجاحه منذ 9 سنوات.سألتها: لما صوتك حزين ومهموم وكيف ستتواصلين مع إبنتك وأنت على هذه الحالة، اذا أردت أن يتغير من حولك فابدأي بنفسك.كانت في حالة اكتئاب شديد فأجهشت بالبكاء وتركتها تبكي وكنت أشجعها على ذلك لأن البكاء هو الرحمة.قالت: أنا فعلا بحاجة إليك، أنا أكتم سرا منذ 20 سنة ولم أستطع البوح به لأحد.وواصلت البكاء.شعرت بان هذا السر كبير ومؤلم ولأنه قديم فهو متحجر في داخلها لذلك أصبح من الصعب إخراجه. وكما قلت، إني أشعر بما يشعرون، فسالت نفسي ماذا عساه ان يكون؟ وما هو ذلك الشيء الذي يجرح الإنسان فيترك أثره العمر كله وما عساه أن يكون كذلك إلا جرح الكرامة أو الشرف.فسألتها: هل تعرضتي للتحرش الجنسي في طفولتك؟كان سؤالا أفتتح به الحوار وعلى مدى إحساسي بها فقد أصبت الهدف.أجابت: نعم، زوج والدتي اغتصبني عندما كنت مراهقة.نحن لا نستطيع ان نأتي بممسحة ونمحي الماضي أو نرجع الزمن فنحذف جزءا من أحداث حياتنا لا نرغب في وجودها، فهو جزء من تاريخنا، فالإنسان بلا ماض هو إنسان بلا هوية. لكننا نستطيع ان نتصالح مع الماضي ونقبل وجوده ،بحيث اننا عندما نتذكره لا يؤثر فينا، فهو مجرد ذكريات لا خيار لنا في رفضها.بعد ان تسامحت مع الماضي، بدأت بتدريبها على الالتحاق بما فاتها من الماضي والأيام التي كان يفترض ان تستمتع بها وسط أبنائها وتتمتع بحب زوجها. حتى اتصلت في يوم لتقول لي: إني خجلة من نفسي، فقد أوصلنا الأولاد إلى المدرسة وها نحن نتمشى في الصخير في هذا الصباح الجميل وكأني مراهقة.قلت لها: هذا من حقك، لأنك تعيشي العمر الذي لم تعيشيه من قبل.وهكذا خلصت ذاتها من قيود الماضي ...دعوتي للجميع لتحرير ذواتهم والحديث عن الضغوطات النفسية التي يتعرضون لها بشكل مفتوح عبر "الخط الساخن" ، وشعارنا هو "السرية التامة" .[c1]*باحثة بحرينية[/c]
زوج أمي اغتصبني
أخبار متعلقة