غضون
في ظروف الحرب تستخدم الشائعات سلاحاً إلى جانب الأسلحة الأخرى، ومن يتابع ما يقوله قادة التمرد في صعدة وتروج له قنوات فضائية داعمة أو متعاطفة عن مشاركة قوات وطائرات سعودية في الحرب إلى جانب الجيش اليمني هي أخبار كاذبة، أي شائعات الهدف منها واضح.. تضخيم حجم العدو أو إعطاء انطباع بأن الحرب صارت محلاً للتدخل الإقليمي.. وغير بعيد أن تكون تلك الشائعات ترمي إلى صرف اهتمام الناس عن الأخبار التي تتردد عن دعم إيراني وجماعات شيعية في المنطقة يقدم للمتمردين عبر قنوات متعددة مثل جمعيات وأنشطة تجارية ومهربين وأشخاص إما موالون أو من الذين يستغلون ظروف الحرب للكسب والتجارة.وإذا كانت أخبارهم عن تدخل السعودية تدخلاً مباشراً في الحرب هي شائعات مفضوحة الأهداف، فهل ما يتردد عن الدعم الإيراني أو الدعم غير الحكومي المتمثل بجماعات شيعية في إيران أو العراق أو لبنان أو البحرين حقيقي؟كنت في الماضي أميل إلى التعامل مع تلك الاتهامات تعاملاً غير جاد، رغم يقيني أن إيران تعتبر نفسها دولة عظمى، وبالضرورة هي تسعى لأن يكون لها نفوذ في المنطقة، فضلاً عن أن رجال الدين والعسكر فيها لم يعلنوا أنهم قد تخلوا عن شعار تصدير الثورة الإسلامية، لكن هل هذا النفوذ لابد له أن يتجاوز الأدوات السياسية والثقافية إلى استخدام أساليب مدمرة مثل دعم جماعات تستخدم العنف ومن خلالها تصبح القضية أكثر من نفوذ سياسي.لقد بدأت إيران تجريب تصدير الثورة بالعنف إلى ساحة المملكة العربية السعودية في وقت مبكر، لكن السعودية أفشلت تلك التجربة لأنها دولة قوية، وكنا نعتقد أن إيران بعد أن رأت فشل ذلك الأسلوب قد تخلت عنه، لكن لا يبدو أنها قد فعلت، وها هي هذه المرة تحاول استخدامه في دولة هي الأضعف في المنطقة.إن التقارير التي بدأت تظهر في الفترة الأخيرة عن الأنشطة الإيرانية في الخليج واليمن تظهر أن الدعم الإيراني للمتمردين بمختلف أشكاله أصبح أمراً مؤكداً، والذين يستغربون وصول هذا الدعم إلى متمردين محاصرين يتجاهلون أن القنوات التي يمر عبرها مأمونة ومضمونة كالأشخاص والجمعيات والتجار والمهربين وغيرهم.جاسوس إيراني سابق يقيم في أوروبا حالياً كشف بداية هذا الشهر أن إيران لديها في هذه المنطقة أربعون ألف عميل. حصة الكويت منهم ثلاثة آلاف، بينما تقرير غربي قدر أعداد عملاء إيران ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف إضافة إلى ثمانمائة عميل يعملون تحت غطاء دبلوماسي في السفارات والقنصليات، فكم يا ترى حصة اليمن منهم؟ قطعاً لا يوجد تقدير لأعدادهم بدقة، لكن الأمر الدقيق هو أنهم موجودون بيننا، لكننا لا نشاهدهم كما نشاهد الداعمين الإعلاميين والسياسيين والدينيين الذين يتكاثرون في وسائل إعلامية إيرانية أو موالية لها.