27 أبريل يوم الديمقراطية
[c1]الممارسة الديمقراطية أعطت اليمنيين وسائل استيعاب التباينات التي انصهرت في خارطة فعل التوح[/c]إعداد / فريد محسن عليإنّ التحول الديمقراطي في اليمن تزامن مع قيام الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 90م، وأثمرت التجرِبة عن إجراء أول انتخابات نيابية عام 1993م، وشكلت هذه التجربة المتمثلة في الانتخابات والاستفتاء نقلةً نوعيةً في حياة الشعب اليمني، فالوحدة كمناسبة وطنية تجذرت في ضمير الشعب اليمني ووحدته ومشاعره لما تحمله من دلالات ومعانٍ وطنية وإنسانية ولما حققته من تحولاتٍ إستراتيجية في التوجهات السياسية والفكرية والنظم الاجتماعية والاقتصادية والمنجزات والمشاريع التنموية، فعلى الصعيد السياسي اقترنت الوحدة بالديمقراطية كرديفٍ لها، بل أنّ الوحدة والديمقراطية شكلتا محور الالتقاء ونقطة التوازن الرئيسة التي احتكم إليها أطراف المعادلة السياسية لإخراج وإعلان مشروع دولة الوحدة والديمقراطية " الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م" فالحاجة إلى بناء القدرات الوطنية كانت واحدة من المسائل التي ترافق نشوئها وتشكلها المتزامن مع أول عملية انتخابية في الجمهورية اليمنية عام 1993م، وواحدة من أعظم الأحداث التي غيّرت منظومة العَلاقات الإقليمية، لكن اقترانه بالديمقراطية جعل المنطقة العربية والجزيرة بالتحديد تشهد عام 1993م أول استجابة وتجسيد عملي لتلك الضرورة السياسية والتاريخية، وبرهنت نتائج هذه الانتخابات أنّ الممارسة الديمقراطية وحدها من أعطت اليمنيين وسائل وأدوات استيعاب التباينات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي انصهرت في خارطة فعل التوحيد.ففي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة زلزالاً سياسياً في مختلف البلدان، يخرج صبيحة 27 أبريل 1993م حاملاً معه أحداثاً مهمة جعلت اليمن في بؤرة الاهتمام العالمي واستحق بتجرِبته الديمقراطية التقدير والثناء، والاعتزاز بالقيمة الحضارية التي تجذرت في وعي المجتمع اليمني وتتأصل كخيارٍ سياسي في توجهات القوى السياسية الفاعلة، واخترقت التجرِبة الزمن لتوجز استخلاصاً يحمل متغيرات عاصفة، وكان المتغير الجوهري هو الديمقراطية التي بدأت شروطها تصل حد الحسم الديمقراطي الذي بات إيماناً مشتركاً لكل أطراف القوى السياسية وقرار التحول الديمقراطي في اليمن وضعها في بؤرة الاهتمام الدولي الذي نظر وينظر بإعجاب مع جهوده المتميزة بالالتزام بالنهج الديمقراطي، الحدث الذي حمل اليمن إلى العالم بوزن إقليمي كبير الأثر على السياسات والعَلاقات في المنطقة العربية، كما أنّ توحيد الوطن والأخذ بالنهج الديمقراطي كخيار لا رجعة عنه، أعطى لفعل التوحيد بُعداً عصرياً ربط التحولات الوطنية لعملية الانتقال النوعية في تاريخ هذا البلد."وتميز بشجاعة الصدق والإدراك العميق بأهمية النظرة العلمية الفاحصة في عناصر ومكوّنات البيئة التاريخية الحاضنة لعملية التحول الديمقراطي بكل إفرازاتها.الديمقراطية قارب نجاة اليمنيين على الالتزام المبدع والجاد الذي ألمحتا إليه طائفة من التعبيرات الرسمية والحزبية، ربما كان أهمها قرار رئيس الجمهورية فخامة الأخ/ علي عبد الله صالح القاضي بالعفو عن قيادة الحزب الاشتراكي اليمني الـ 16 الذين صُدرت بشأنهم أحكاماً سابقة، وبذلك أزال اليمن آخر آثار الضرورة وتصالح في إرادته مع مضمون حديث الرئيس/ علي عبد الله صالح الذي أكد في 27 أبريل أنّ "الديمقراطية قارب نجاة للشعوب والحكام وكان جلياً للمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية الذي ظل يراقب الأداء السياسي منذ 1993م، وشارك في أهم محطات العمل الديمقراطي.إنّ هذه العملية الانتخابية قد تميزت بالعديد من عناصر القوة وتجاوزت أخطر الاعتلالات التي ظلت تهدد الثقة بالعملية الانتخابية وكبح بقرار يجعل يوم الانتخابات يوماً بلا سلاح نزاعات العنف التي ظلت حاضرة في كل العمليات الانتخابية السابقة، وبتطوير الأداء الديمقراطي استطاع اليمن الاستجابة للتحدي التاريخي بإحرازه العبور من مرحلة الانتقال إلى مرحلة الالتزام بالنهج الشفاف.[c1]أول انتخابات تنافسية[/c]تكمن الأهمية لعام 93م كونها أول انتخابات تنافسية علنية تشترك فيها جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية والتي كانت محظورة من النشاط العلني في كلا الشطرين قبل تحقيق الوحدة، ويفسر ذلك عملية الحماس المتزايد لدى الناخبين من جانب والأحزاب المتنافسة من جانب آخر، واكتسب اليمنيون من خلال تلك العملية مهارات عديدة في جانب الوفاء والاستفادة من ذلك السلوك الحضاري المتميز.. حيث شكلت المشاركة الشعبية معياراً موضوعياً لمدى سلامة الإجراءات المنظمة للعملية الانتخابية، كون الناخب القوة والطاقة الفاعلة والمستهدفة من أية عملية انتخابية فبمشاركته الواسعة يتوافر معيار الثقة الشعبية، كما أنّ الشفافية هي إحدى دعائم العملية الانتخابية وتعني وضوح وعلنية الإجراءات الانتخابية ويتمكن من خلالها تلقي المعلومات المتصلة بمحتوى وجوانب العملية من الأحزاب السياسية ومجموعة الناخبين والمنظمات غير الحكومية، وهذا المبدأ مثل ويمثل حتى يومنا هذا نهجاً واضحاً منذ انطلاق عملية التحضير وصولاً إلى يوم الاقتراع والفرز.كما أنّ الانتخابات قد أبرزت عمق الجهود المبذولة من الهيئات الدولية واللجنة العليا للانتخابات اللتين أجرتا أوسع حملة تثقيف تحث الناخبين على أعمال الحقوق المدنية عبر المشاركة في الانتخابات.[c1]المشاركة السياسية [/c]الانتخابات تُعد أهم صور المشاركة السياسية وتعتبر أهم مقومات الديمقراطية ومرتكزاتها، أي أنّ الانتخابات البرلمانية أو المحلية أو الرئاسية تعبر عن السلوك السياسي في ممارسة العملية الديمقراطية.فالديمقراطية تشمل دلالات أوسع من الانتخابات، وتعتبر ذات أهمية كبيرة على المستويين العام والخاص، واتساع المشاركة السياسية وتعدد صورها ارتبط بدولة الوحدة، الأمر الذي شكل نقلة نوعية في الطبيعة السياسية من حيث تجاوزه للشطرية والشمولية وإقراره بالتعددية السياسية والحزبية.فالديمقراطية القائمة على التعددية السياسية وتفعيل مؤسسات الحكم المدني كنظام للحكم المدني الرشيد والصالح الذي يقوم على مبادئ العدل والإنصاف ويكفل المساواة في الحقوق والواجبات ويضمن حماية الحريات والحقوق قد أصبحت اليوم خيار الشعب الذي من المستحيل التراجع عنه، بل يجب الحفاظ عليه كصمام أمان للحاضر وضمان للمستقبل، ومن هذا المنطلق يجب على الجميع وفي إطار منظومة العمل الديمقراطي ومؤسساته الرسمية ومنظماته المدنية ووسائله الانتخابية وجميع الأطراف والشركاء في العملية السياسية التوجه الصادق للارتقاء بالعملية الديمقراطية كل في موقعه وفي إطار عمله ونطاق صلاحياته واختصاصاته وفي إمكانياته للعمل على تطوير النظم والتشريعات القانونية بالبحث العلمي والدراسة المنهجية وتفعيل الوسائل الديمقراطية والآليات الانتخابية بالممارسة المنضبطة والسلوك المنتظم وفقاً للقواعد القانونية والمبادئ الأخلاقية التي تحكم العمل الديمقراطي، والعمل أيضاً بوتيرة جادة على ترسيخ المفاهيم والمبادئ والأخلاقيات والمُثل الديمقراطية.[c1]قرار حكيم[/c]في السابع والعشرين من أبريل أدلى أكثر من ستة ملايين مواطن يمني بأصواتهم لمرشحي (22) حزباً سياسياً و(405) مرشحين مستقلين تنافسوا على الفوز بمقاعد البرلمان الـ (301) مقعد في انتخابات حرة وتنافسية.ولقد جرت الانتخابات في جو مشحون بالتوترات والحساسية ومناخ سياسي محاط بالقلق من جميع الأطراف، وهو ما دفع بالأخ الرئيس/ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية وقادة الأحزاب السياسية إلى التوصل لاتفاق سياسي يقضي بجعل يوم 27 أبريل يوماً بلا سلاح وهو قرار حكيم أزاح التهديدات بالعنف وعطل واحدة من مخاوف مشاركة الناخبين وجرت الانتخابات على أرضية تحالف انتخابي ومثلت بداية صحيحة لتطوير التجرِبة الديمقراطية القائمة على التنافس السلمي.وحظيت التجربة بحماس وتفاعل نشط في أربع انتخابات تنافسية "93م وحتى 2003م" بين الأحزاب والمرشحين المستقلين، كما حظيت بتقييم دولي عزز الثقة والاحترام لليمن.[c1]الشفافية والنزاهة[/c]اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء أدارت الانتخابات النيابية بحيادية واستقلالية شهد لهم العالم بأسره، والانتخابات النيابية التي أُجريت بين المتنافسين على المقاعد أو على أعضاء السلطة المحلية والنيابية وكرسي الرئاسة، أما اللجنة العليا للانتخابات فهي عبارة عن هيئة دستورية محايدة مهمتها تنظيم عملية التنافس بين الأحزاب والتنظيمات السياسية وتضمن إجراء انتخابات تسودها الشفافية والنزاهة وخالية من التزوير، واستفادت اليوم من جميع الجهود التي سبقتها وعملت على نقل تلك الخبرات إلى عمل مؤسسي ثابت ودائم مكن من الجاهزية في أي وقتٍ لإدارة العملية الانتخابية، وعملت على رفع مستوى الوعي الانتخابي من خلال التوعية الانتخابية ووفرت على الناخب إجراءات القيد والتسجيل والاقتراع بمختلف مستوياتها حتى الأميين أصبحوا لم يعدوا بحاجة للاستعانة بأحدٍ لممارسة الاقتراع، فقد أصبح للمرشحين رموزاً وصوراً أي أنّه لم يبقَ أي شيء يخل بالعملية الانتخابية، والانتخابات تجري بصورة ديمقراطية وكفاءة عالية وحرص شديد.[c1]عجلة الزمن تدور[/c]عجلة الزمن تدور، ويبدأ العد التنازلي للاستحقاق الديمقراطي والمتمثل في الانتخابات الرئاسية والمحلية، أواخر سبتمبر من العام الحالي، ويستقبل الشعب اليمني هذا الاستحقاق بعد ترسيخ دعائم الديمقراطية، وأصبح سلوكاً يمارسه كل مواطن وواقع معاش لا غبار عليه ومنجزاً سياسياً صنعه قائد الوحدة وربانها الحكيم الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية وبلورته الإرادة اليمنية حتى غدت التجرِبة الديمقراطية الفريدة نموذجاً يحتذى به، وثمرة من ثمار الوحدة، وأضحت الديمقراطية كمنظومة متكاملة في الحكم والإدارة تمثل الطريق الأمثل نحو تحقيق طموحات الجماهير في التنمية السياسية والاقتصادية وفي العدالة الاجتماعية.وتكتسب الانتخابات القادمة أهمية بالغة كونها تأتي في ظل أوضاع محلية وإقليمية غاية في التعقيد، ويعول على نتائجها بأن تعزز عملية البناء والتطور الشامل للبلد والتعاطي بأمانة ومسؤولية.