مع الأحداث
بات الحاسوب الجهاز الوحيد الذي يحتوي ثروات الأمم المعلوماتية لذا فالحرص على إدخاله إلى المدارس بشكل أصبح أمرا ضرورياً ومن هذه الرغبة الملحة بدأت بعض المدارس في محافظة عدن تشهد إدخال أجهزة الحاسوب إما عبر مساعدات من منظمات دولية أو من التربية والتعليم أو غيرها وبخاصة مدارس التعليم الثانوي.وكأي بداية واجهت كثيرا من المصاعب والعوائق وكان أهمها خوف الطالب من الجهاز الذي يقف أمامه عاجزا عن معرفة أجزائه واستعمالاته وصعوبة توفير مدرس خاص لمادة الحاسوب كمادة علمية الى جانب ندرة المكان والوقت المناسبين للدراسة وللتغلب على بعض هذه الصعوبات فقد قامت بعض المدارس الثانوية في المحافظة باختيار غرفة مناسبة او مختبر مناسب واعداده لأجهزة الحاسوب التي تقرر على الأقل بعشرة أجهزة كما تم الاستعانة بمدرسين للإشراف على تدريس هذه المادة ضمن برنامج النشاط المدرسي، وقد فوجئ الجميع بالنتائج الايجابية التي حققها المشروع في بدايته على الرغم من بساطة الجهود المقدمة حيث نجح الطالب كخطوة أولى في التعرف على ماهية الحاسوب ( الكمبيوتر) وإمكاناته واستخداماته الرئيسية مما ساعد على تخفيف حدة الرهبة التي قد يحسها الطالب، وهو يقف أمام هذا الجهاز للمرة الأولى.لذلك فإن مهمة الحاسوب يجب ان لا تزيد عن كونه معينا للمدرس داخل الفصل يساعد الطالب على سرعة استيعاب المعلومة بشكل أفضل عن طريق الصور والتجربة العملية وإعادة المعلومات وتكرارها بالقدر المطلوب وبمجرد الضغط على مفتاح الإعادة ولكن السؤال الذي يطرح هنا: هل سيحل الحاسوب في المدرسة مكان المدرس ليأخذ على عاتقه تعليم الطلاب، وتتحول بذلك العملية التعليمية إلى عملية ذاتية يمارسها الطالب مستعيناً بالجهاز؟ الإجابة عن هذا التساؤل ليست بتلك البساطة التي نتوقعها فلعلماء النفس والتربويين وجهة نظر خاصة تتعلق بهذه القضية المهمة.ان القضية المهمة التي لا يمكن تجاهلها هي علاقة التواصل الإنسانية بين الطالب والمدرس والتي تخلق الحب والتفوق او الفشل وكراهية المدرسة والمادة العلمية معاً فتفوق الطالب في مادة ما لا يعود لسهولتها بل للطريقة التي تدرس بها المادة ولميول الطالب واستعداده ولاهتمام المدرس بالطلاب وملاحظته للفروق الفردية بينهم ومحاولاته الجادة لتنمية مهارات كل منهم وهذا شيء مهم جداً لنجاح العملية التربوية ويقف الحاسوب عنده عاجزاً بالتأكيد عن القيام بمثل هذه المهام.*ان الحاسوب إحدى وسائل التعلم الذاتي وتلك حقيقة لا يمكن تجاهلها وهو ايضاً وسيلة اتصال وتفاعل هائلة بين المرسل والمستقبل ومن المعروف علمياً انه كلما ازداد استخدام الإنسان لحواسه في عملية التعلم أصبحت الاستفادة أسرع وإجدى فالتعليم اليوم لم يعد محصوراً في دراسة منهج تقليدي مقرر لسنة دراسية ما بل هو في الدقيقة يهيئ أفضل استغلال لقدرات الإنسان لإعطائه اكبر قدر من المعلومات وفقاً لقدراته.*لقد أصبح تقدم الأمم في هذا العصر يقاس بالدرجة الأولى بثرواتها المعلوماتية الهائلة التي تتميز بها في أجهزتها المختلفة فتهيئ الإفراد لاستخدام الحاسوب في حياتهم اليومية وتستثمر هذه الجهود في تطوير المجتمع ولكن ما ينقصنا اليوم لنصبح أقطاراً تملك ثروة معلوماتية ضخمة هو تعاون عربي مشترك نواجه به التكاليف الباهظة لبناء مشروع حيوي كهذا.فنحن بحاجة ماسة لمثل هذا التعاون العربي المشترك لاستخدام الحاسوب في التعليم وذلك لإنتاج برامج تعليمية هادفة تتلاءم مع خصوصية المواد الدراسية في المنطقة العربية وللتعرف على تجاوب الدول الأعضاء ومشاريعها في مجال استخدام الحاسوب في المدارس لتحديد الصعوبات التي تواجهها ورصد التصورات الخاصة بإدخال الحاسوب كمادة تعليمية وتقنية تربوية ووضع خطط لإعداد مدرسين متخصصين.وموجهين فنين والتعرف على الاتجاهات الحديثة في استخدام الحاسوب في التعليم، وإعداد منهج دراسي لمادة الحاسوب التعليمية يراعى فيها النواحي التربوية والسلوكية والعلمية والزمانية والمكانية والمادية وصياغتها في كتاب مدرسي متكامل بالإضافة الى إعداد دليل للمعلم الذي يقوم بتدريس المادة، علينا ان نتخطى كل هذه الصعوبات ومواجهتها والمضي جنباً إلى جنب مع ركب التقدم العلمي الهائل الذي يبرزه الحاسوب كل يوم.