واقع الوثائق والتوثيق التاريخي في اليمن في حديث مع أ. د صالح باصرة :
لقاء/ رفيق ياسين درهمتعد التجربة اليمنية في مجال اصدار التشريعات الوثائقية وانشاء مراكز وطنية للوثائق من التجارب العربية الحديثة وذلك مقارنة بالعديد من الدول العربية الرائدة في مجال الاهتمام بالوثائق واصدار التشريعات الوثائقية المهمة حيث تأتي الدول العربية الشقيقة السودان، مصر، العراق في طليعة الدول العربية التي انتهجت سياسات وطنية علمية مبكرة في مجال انشاء مراكز متخصصة لحفظ وتوثيق الوثائق حيث تم في عام 1953م انشاء دار الوثائق القومية المركزية في السودان وصدر في عام 1954م في مصر قانون دار الوثائق القومية وفي عام 1963م تم في العراق انشاء المركز الوطني للوثائق والذي ألحق حينها بجامعة بغداد، وعلى الرغم من حداثة التجربة اليمنية إلا أن اليمن تمكنت بعد تحقيق الوحدة اليمنية من تحقيق بعض الانجازات الوطنية المهمة في مجال الاهتمام بالذاكرة الوطنية تمثل ذلك في صدور قرار جمهوري رقم (25) لسنة 1991م بانشاء المركز الوطني للوثائق تلا ذلك صدور قانون حفظ الوثائق العامة رقم (20) لسنة 1994م ثم صدور قانون الوثائق الجديد رقم (21) لسنة 2002مالجدير بالذكر هنا أن الشطر الجنوبي من الوطن كان من المؤسسين للفرع العربي الاقليمي للوثائق عام 1972م وبعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة أسهم المركز الوطني للوثائق بجهود كبيرة في توطيد وتعزيز مجالات التعاون الوثائقي بين اليمن وجميع الدول المنضوية في عضوية الفرع العربي الاقليمي للوثائق وذلك بهدف انتهاج سياسات وطنية حكيمة للرقي بمجال الوثائق والتوثيق في جميع محافظات الجمهورية وفقاً للتوجيهات الوطنية في التطبيق الحقيقي لنظام اللامركزية في كافة مجالات التنمية والتحديث وتحقيق التنمية العادلة في كافة محافظات الجمهورية، وفي طليعة هذه المجالات مجال التوثيق والاهتمام بانشاء مراكز للوثائق في عواصم المحافظات.من خلال هذا الحوار مع الاستاذ الدكتور القدير صالح علي باصرة وزير التعليم العالي وأحد أهم وأبرز الشخصيات الوطنية الاكاديمية الذين كان لهم جهود وانجازات واهتمامات وطنية هامة في مجال حفظ وتأمين الذاكرة الوطنية في اليمن فإلى الحوار :-[c1]* في البدء نأمل إعطاء القارئ نبذة عن واقع الوثائق والتوثيق في المحافظات الجنوبية والشرقية قبل تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة؟[/c]- قبل الوحدة لم يكن يوجد مركز رسمي يعنى بالوثائق والتوثيق كان فقط يوجد مركز البحوث والدراسات وكان هو المسؤول عن توثيق ما يمكن توثيقه من وثائق وكان الأستاذ عبدالله محيرز رحمه الله مديراً للمركز وقبل توليه المركز وخاصة أثناء عمله في سفارتنا في بريطانيا اهتم بجمع بعض الوثائق الخاصة بفترة الاحتلال البريطاني لعدن وبالذات منذ عام 1905م هذا إضافة إلى وجود نواة لمركز في سيئون واعتقد أنه مازال يقوم بمهام جمع الوثائق المتعلقة بالدولتين القعيطية والكثيرية والمراسلات بين الخلافة العثمانية والمملكة المتوكلية وفي الثمانينات كان هناك نواة للتوثيق وجمع الوثائق الحزبية في الحزب الاشتراكي اليمني هذا هو واقع التوثيق، الوثائق فعلاً مبعثرة فوثائق السلطنات بعضها ضاعت وبعضها مازالت تحتفظ بها العديد من الأسر وبعضها أحرق، وثائق الدولة وثائق الأحزاب والتنظيمات السياسية أثناء العمل السري الوثائق اليمنية خلال فترة الاحتلال البريطاني موجودة في بريطانيا وقد أولاها الأستاذ عبدالله محيرز رحمه الله اهتماماً كبيراً من خلال جمع وتصوير جزء منها هكذا كان حال الوثائق قبل الوحدة. [c1]* ماذا عن واقع المؤسسات الوثائقية في اليمن بعد تحقيق الوحدة اليمنية؟[/c]- بعد تحقيق الوحدة تم انشاء العديد من المراكز أهمها المركز الوطني للوثائق التابع لرئاسة الجمهورية والذي اهتم بجمع الوثائق الخاصة بالفترة العثمانية والفترة البريطانية هذا إلى جانب العديد من المراكز التي عنيت بهذا الجانب مثل مركز الدراسات والبحوث اليمني في صنعاء وعدن وفي بعض المحافظات وهناك أيضاًَ المركز العام للدراسات والبحوث والاصدار بدأ بجمع بعض الوثائق كما أن البريطانيين أصدروا سجلات في 16 مجلداً وثائقياً تحتوي على وثائق ومعلومات عن العلاقات اليمنية البريطانية وفي اسطنبول توجد العديد من الوثائق التي بحاجة إلى من يقوم باصدار كتاب مسلسل يتضمن الوثائق العربية الموجودة في المراكز والمكتبات العثمانية. المطلوب هو أن يكون هناك حملة وطنية أولاً يصدر قانون يحدد ما هي الوثيقة وكم الفترة الزمنية التي يجب أن تمر على الوثيقة حتى تكون ملكاً للدولة. قانون يحدد الاطلاع وسرية تداول الوثائق ويحدد كيف يتم جمع الوثائق وخاصة الوثائق الحكومية ووثائق الأحزاب ووثائق الانتخابات والتنظيمات السياسية والمفروض عندما يتم حفظ الوثائق أن يتم الاهتمام أيضاً بفهرستها وتصنيفها بحيث يتم اصدار فهارس حول هذه الوثائق حتى يكون الباحث على علم بما هو موجود من وثائق في المركز الوطني للوثائق، كما نأمل أن يتم مستقبلاً الاهتمام بجمع الوثائق التي تحتفظ بها العديد من الأسر إما بالتصوير أو الشراء والاهتمام بجمع الوثائق الخاصة باليمن المحفوظة في العديد من المراكز والمكتبات الأجنبية ويمكن القيام بمشروع وطني كبير في هذا المجال على غرار ما هو موجود في الدول العربية وخاصة مركز المحفوظات والوثائق في مصر وفي العراق وفي العديد من الدول العربية.[c1]* ماذا عن مجالات التعاون والتنسيق بين شطري اليمن في المجال الوثائقي قبل تحقيق الوحدة اليمنية المباركة؟[/c]- لا أعتقد أنه كان هناك تنسيق في المجال الوثائقي بين الشطرين وذلك لأنه لم يكن يوجداهتمام بالوثائق اليمنية في شطري اليمن قبل الوحدة اليمنية.* هل تعتقدون أن التطرف السياسي والمذهبي قد ألحق أضراراً كبيرة بالذاكرة الوطنية؟- بكل تأكيد أن التعصب سواءً السياسي والمذهبي يؤدي إلى ضياع الوثائق لأن كل مجموعة تحاول أن تخفي بعض الوثائق التي تكشف حقيقة معينة لا تقبلها ولا ترغب في ظهورها كما أن الفوضى السياسية والصراعات السياسية والحروب تؤدي إلى ضياع كثير من الوثائق.[c1]* هل تعتقدون أن الوثائق اليمنية قد تعرضت في فترة من الفترات التاريخية للإحراق والتهريب والتغييب مثلاً حركة 5 نوفمبر 1967م، أحداث سالمين، أحداث 13 يناير 1986، حرب صيف 1994م.[/c]متوقع أن بعض الوثائق خرجت مع بعض الشخصيات التي خرجت من الوطن ومتوقع أن بعض الوثائق هربت ويوجد كتاب للدكتور محمد الصالحية يحتوي على معلومات عن بعض الوثائق وهذا شيء بديهي ولا سيما تهريب الوثائق والمخطوطات وهناك الكثير منها موجود في المتاحف الأوروبية »آثار - مخطوطات« هربت من اليمن.[c1]* ماذا عن الرؤساء اليمنيين الذين اهتموا بالوثائق والتوثيق؟[/c]- من الرؤساء الذين اهتموا بالوثائق سالم ربيع علي رحمه الله وعلي ناصر محمد في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة وهناك أيضاً القاضي عبدالرحمن الأرياني »رحمه الله« كان له اهتمام بالتوثيق وحالياً هناك اهتمام من قبل الأخ رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح وخاصة وثائق اليمن الحديث والمعاصر ووثائق الثورة اليمنية ويعتبر الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أكثرهم اهتماماً.[c1]* ما هي أبرز الاشكاليات التي يواجهها المؤرخون اليمنيون في كتابة التاريخ اليمني؟[/c]- الإشكالية في عدم وجود الوثائق التاريخية في مركز وطني يسهل العودة إليها فالوثائق موزعة لدى العديد من الشخصيات والمنظمات والمراكز وبالتالي يصعب على الباحث الحصول على الوثائق ويصعب عليه أيضاً معرفة ما هو الموجود والمتاح من وثائق تاريخية وسياسية في المراكز الوثائقية اليمنية لعدم وجود فهارس منشورة بالوثائق المتوفرة لدى المراكز.[c1]* شخصيات يمنية ترون بأنه كان لها اهتمام واسهامات كبيرة في مجال جمع وحفظ وتأمين الذاكرة اليمنية؟[/c]- من ضمن الشخصيات التي كان لها اسهامات في حفظ الوثائق الأستاذ عبدالله أحمد محيرز- رحمه الله - الأستاذ/ اسماعيل الأكوع "المخطوطات" الأستاذ/ علي أحمد أبو الرجال رئيس المركز الوطني للوثائق، والأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني وأيضاً الآن المركز العام للدراسات والبحوث والاصدار الذي يقوم بجمع بعض الوثائق.