بعد أن أصبحت العدالة الاجتماعية من أولويات الحكومات العربية
الأسرة العربية ومشاكل الفقر
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية::أرجع علماء اجتماع الفقر الذي تعاني منه حاليا مجتمعات عربية لكثير من المعطيات من أهمها اللامساواة، وافتقار العدالة في توزيع الثروة والناتج الاجتماعي بالإضافة إلى انتشار التكنولوجيا. وقالوا: إن قياس الفقر يكون من خلال مؤشرات اجتماعية مثل غياب الرعاية الصحية أو الأمية وسوء التغذية باعتبارها نتائج مباشرة لانتشار الفقر ، واقترحوا كذلك حلولا لمحاربة الفقر، يأتي في مقدمتها تلاشي الأسباب المذكورة سابقا، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع هذه الضغوط لإعادة التوافق عند الإنسان وشددوا كذلك على دور المجتمع المدني في تحقيق الأهداف التي من شأنها القضاء على حدة الفقر والجوع، وضمان تحقيق التعليم الأساسي الشامل، والمساواة بين الجنسين، وسد الفجوة النوعية وتمكين المرأة .. وفي سياق السطور التالية نتناول الفقر كمشكلة لها أسباب ثم نطرح سبل العلاج.تقول د. نجوي الفوال مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية:
د. نجوي الفوال
عندما أردنا رصد الفئات الفقيرة في المجتمع المصري كان ذلك من خلال مشروع تتبناه وزارة التضامن الاجتماعي سعيا نحو استهداف الفئات الأولى بالرعاية الاجتماعية ووضع قاعدة بيانات للأسر الفقيرة على أساس البحث العلمي الميداني وبالفعل وضعنا الأسس العلمية واختيار أفضل الأساليب المنهجية للبحث بناء على استهداف جغرافي للمحافظات الأكثر فقرا وفقا لتقارير التنمية البشرية، فقد فرضت قضايا الفئات الأولى بالرعاية الاجتماعية نفسها بشدة على المجتمع المصري وعلى السياسة الاجتماعية للدولة منذ بداية القرن الحادي والعشرين في إطار كثير من المعطيات التي توضح تدني أوضاع هذه الفئات وانعكاسها سلبا على جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل وعلى التقدم الاقتصادي ذاته ومدى فاعليته وهدر القوى التي يقوم عليها، فالتغلب على القوى البنيوية التي تنتج الفقر وتخلق اللامساواة في الفرص هو أقصر الطرق لتحقيق الرفاهية في المجتمع.وتضيف د· نجوى : ينبغي ألا يكون التحرك للحد من الفقر من منطلق الإحسان إلى الفئات الفقيرة أو التكافل الاجتماعي داخل المجتمع، وإنما يجب أن يستشعر الجميع أن لهذه الفئات حقوقا أصلية على كل من الدولة والمجتمع فلا مبرر على الإطلاق للتخاذل عن الوفاء بها· فالحد من الفقر هو مطلب اجتماعي وسياسي وأخلاقي ولا شك أن السياسات الاجتماعية تعكس احتلال قضايا الفئات المحدودة الدخل لأولوية أجندة العمل الوطني في جميع مؤسسات الدولة.[c1]فرص متكافئة :[/c]ويرجع د. عزت حجازي أستاذ علم الاجتماع ظاهرة الفقر إلي سببين الأول: تصورات ومواقف وتصرفات شخصية غير موفقة، أما الثاني فهو نتيجة أوضاع هيكلية في البنية الاجتماعية وهناك اتجاه لاعتباره نتيجة حتمية للتقدم العلمي والتكنولوجي· لكن في كل محاولات تفسير الفقر أمرا مهما لن يبرز بدرجة ملحوظة وهو افتقاد العدالة في توزيع الثروة والناتج الاجتماعي وتبعا لهذا التصور يكون الفقراء هم أولئك الذين لن يسمح لهم بالحصول علي النصيب الذي يستحقونه من الثروة والناتج فالمقصود بسوء التوزيع وهو ليس التسوية المطلقة وإنما هو عدم وجود فرص متكافئة أمام البعض للحصول علي النصيب العادل من الثروة والناتج وذلك نتيجة للانحياز ضدهم.كما يري د. منصور مغاوري مستشار الاقتصاد الزراعي أن الاقتصاديين والعلماء يهتمون بقياس الفقر باتجاه اللارفاهية ويعني هذا الاتجاه بدراسة المؤشرات الاجتماعية للرفاهية مثل التغذية والصحة والتعليم ويركز علي قضايا مثل سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية أو الأمية باعتبارها نتائج مباشرة لانتشار الفقر، ومن خلال هذا الاتجاه يستخدم مقياس أشمل يطلق عليه الحرمان البشري أي الحرمان من مستلزمات الحياة الأساسية مثل المياه النقية والرعاية الصحية والحرمان البشري الذي يعني فقر القدرات ويقاس بنسب الأمية والولادة دون إشراف صحي ونسب ناقص الوزن من الأطفال دون الخامسة، كما يلجأ البعض لتقييم الفقر بمقاييس مختلفة مثل معدل التسرب من التعليم كأسلوب مكمل لفقر الدخل - كما تلعب التفاوتات الإقليمية دورا حاسما في زيادة الفجوة في الفقر أو نقصانها، وفي هذا الإطار يصبح من الضروري البحث عن العوامل المؤثرة فيها وتحديد أثر تغييرات هذه العوامل علي نسبة الفقراء تحديدا كميا.
البحث عن الغذاء
[c1]آثار سلبية :[/c]في حين يرى د. شحاتة زيدان خبير علم نفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن الفقر هو أكبر مصدر لأشكال الضغوط المعيشية المختلفة وهو حالة مفرزة ليس فقط للمصاعب، لكن لكثير من الإيجابيات ولهذا ينبغي دراسة وتتبع ما يقوم به الأفراد في بيئات تمثل مصدرا للضغوط وأساليب توافقهم في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات التي يحيون فيها ومن المعروف أن الضغوط تمثل خطرا علي صحة الفرد وتوازنه وتهدر كيانه النفسي وما ينشأ عنها من آثار سلبية كعدم القدرة علي التكيف وضعف مستوي الأداء والعجز عن ممارسة مهام الحياة وانخفاض الدافعية للعمل والشعور بالإنهاك النفسي، لذلك فإن أساليب التعامل مع هذه الضغوط هي الحلول الناجحة لإعادة التوافق عند الإنسان إذا ما استدل علي معرفة الأسلوب المناسب لشخصيته مع تعلم وإتقان بعض الطرق التي من شأنها المساعدة في التعامل اليومي للتقليل من الآثار السلبية بقدر الإمكان ليحدث توافق نفسي واجتماعي مع بيئة مصدرة للضغوط بأشكالها المختلفة·وعن دور العمل الأهلي في مواجهة الفقر يقول د· حسن سلامة خبير العلوم السياسية: شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة تعمق وبروز ظاهرة العولمة بجميع أبعادها مع تنامي الاهتمام بمكافحة الفقر من خلال صناديق تمويل عالمية وإقليمية وفي هذا السياق برز دور الجمعيات الأهلية بوصفها واحدة من أهم آليات مكافحة الفقر خاصة في الدول النامية وذلك استنادا علي جذورها الشعبية القاعدية وامتدادها في مناطق مختلفة في الريف والحضر وإدراكا من العالم بأن التنمية ومكافحة الفقر يعدان من أكبر التحديات التي يتعين مواجهتها خاصة مع مطلع القرن الجديد، فقد تم التوافق حول مجموعة من الأهداف في صورة وثيقة دولية عرفت باسم وثيقة·· إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية، تضمنت ثمانية أهداف رئيسية تمثلت في القضاء علي حدة الفقر والجوع وضمان تحقيق التعليم الأساسي الشامل والارتقاء بالمساواة بين الجنسين وسد الفجوة وتمكين المرأة من تطوير الخدمات الصحية والغايات الأساسية الأخري والتأكيد علي دور المجتمع المدني في تحقيق هذه الأهداف.