عبدالرحمن دحمان يعتقد بعض الآباء ان العناية بالابناء هي من نصيب الام وحدها وان دورهم كآباء يقتصر على ضمان حياة الاسرة المادية، كما يعتقد البعض الآخر ان الرجولة تأبى عليهم ان يشاركوا ادنى مشاركة في شؤون البيت الداخلية ، بما في ذلك امر العناية باولادهم . ويمكن القول ان الرجل يستطيع ان يكون في وقت واحد رجلاً بكل معنى الكلمة ، واباً ودوداً حنوناً ، بل لعل رجولته لاتكتمل بدون هذا الحنان وذلك الود ، ويتعاظم دور الاب بقدر مايتقدم العمر بالطفل ، فالاولاد والذكور منهم خاصة يشعرون بين سن الثالثة والسادسة بحاجة ماسة للتقرب من ابيهم ، ويشتاقون الى الجلوس بقربه ربما اكثر من شوقهم الى قرب امهم التي هي في الاغلب معهم في كل حين . فمن واجب الاب اذاً مهما تكن مشاغله كثيرة ، مهما يكن وقته ضيقاً ، ومهما يكن التعب الذي يقاسيه في عمله ان يخصص لابنائه وقتاً ليستمتعوا به معه ويأخذوا عنه كرجل ، فاذا كان ابوه نافذ الصبر معه ابداً ، فلابد ان يسيطر عليه شعوره بعدم الارتياح لا في حضرة ابيه فحسب بل في حضرة اي رجل او فتى آخر ، وعندئذ يتقرب من امه ، ويأخذ عنها ويقتدي بها . ان الاب الذي يريد ان يساعد ولده على ان ينشأ رجلاً لايجوز له ان يعامله بقسوة في كل الاحيان ، ولايحق له ان يسخر منه اويتهكم عليه حين يخطئ ، كما لايجوز له ان يكرهه عنوة على ممارسة بعض النشاطات التي يحبها اويجيدها ، او كان يجيدها في ايام صباه او لعله كان يتمنى ان يجيدها لذلك كله قد يكون حافزاً على الانحراق عند الاطفال .هكذا ينبغي للاب ان يكون لطيفاً مع ولده في موضع اللطف ، قاسياً طبعاً مع بعض المرونة في موضع القسوة ، يجب عليه ان يشعره بأنه فخور به ، معتز بصحبته وبما يحققه من نجاحات وان تكن محدودة سواء في دروسه او في بعض الاعمال التي يكلفه بها ، والتي تتفق مع مستواه العقلي ومهارته الممكنة .اذا كان موقف الاب يلعب مثل هذا الدور المهم في حياة الذكور من ابنائه وتكوينهم على نحو معين في المستقبل ، فان دوره لايقل عن ذلك شأناً في حياة الإناث من اولاده ، فأن الفتاة لاتقتدي بابيها من ناحية سلوكه وطريقته في معاملة الآخرين والتعامل معهم ، ولكن مما لاريب فيه انها تكتسب الثقة بنفسها كفتاة وكامرأة من خلال شعورها بانه راض عنها ، فحين يبدي الوالد اعجابه باناقة ابنته وذوقها في انتقاء ملابسها او يعبر عن انشراحه وتذوقه للطبق الشهي الذي صنعته بنفسها الى غير ذلك من هذه الشؤون التي قد تتراءي في نظر البعض تافهة لاقيمة لها ، فإن هذا يساعدها على تنمية الثقة بنفسها ويدفعها الى بذل المزيد من الجهود بل يجب ان يكون الصديق والرفيق الذي يعرف كيف يكون جاداً في موضع الجد ، وكيف يلهو في موضع الطرب والسرور ، كيف يقود في كل هذا خطى اولاده ليكونوا رجالاً حقيقيين ونساء واعيات يقومون بدورهم في هذه الحياة . النائب الاكاديمي للمعهد العالي للمعلمين
دور الأب في تربية الأولاد
أخبار متعلقة