هذا العالم مليء بالمفارقات والمفاجآت المحيرة.. ولايخلو الأمر من طرافة وضحك أدى إلى استذكار البكاء.. أو الضحك الذي يشبهه البكاء.قد شيد سخريتك جائزة أكبر كذاب في العالم, ولكنها ليست نكتة أو ماشابه ذلك.. بل هي الحقيقة فإنهم ينظمون مهرجاناً سنوياً في بريطانيا موضوعه الوحيد الكذب والكذب الأكذب تحديداً!صار الكذب في عالم الفوضى الخلاقة والديمقراطية الغازية على ظهر دبابة ومدفع شرف يتنافس عليه الناس ويتسابقون لاقتطاف جائزته الأولى عالمياً.فهل عدم العالم المتحضر رسالة أشرف من رعاية الرذيلة والإحتفاء بالكذب والكذابين؟!العلم الفائت ذهبت الجائزة المغرية والثمينة لمواطن بريطاني استطاع أن يقنع لجنة تحكيم مسابقة “الخرط” بمواهبه وقدراته الفريدة في اختلاق الحوادث الزائفة وتأليف الأحداث والمغامرات فهو أدهش الجميع بسرده حكاياته مع سفن نازية محملة بالعسكر الألمان التابعين لهتلر والقابعين تحت الماء منذ الحرب العالمية الثانية، وكيف أنه اكتشف خططهم للهجوم على بريطانيا باستخدام الجينات المشفرة.. وتخاريف من هذا القبيل.الرجل منح الجائزة الباهظة وصار يحمل لقب أكبر كذاب في العالم ومنحه المحكمون في المهرجان شهادة معمدة تؤكد أفضليته وجدارته المستحقة في سبق جميع كذابي العالم!أنا لا اعترض أو استنكر.. فهذا ليس مفيداً الآن أو مهماً بدرجة أساسية، ولاسيما أن الجائزة تستقطب حظوراً لافتاً ومشاركة عالمية واسعة. ذلك أن الكذابين هم الأشهر عالمياً الآن في هذه الساعة من عمر العالم والحضارة الكاذبة.. والأكثر تقدماً وقوة.ولكن المرء يتساءل حول ذهاب الجائزة المذكورة لصالح مواطن عادي وليس لواحد من القادة العالميين أو السياسيين المرموقين والجديرين باللقب والصفة قبل غيرهم؟أليس من الظلم أن تذهب الجائزة من قادة العالم الحر والديمقراطية الهدامة والفوضى الخلاقة؟!وماذا لو دخل في السباق الكثير من السياسيين المحليين في البلدان العربية والشرق أوسطية، والمعارضين والمناضلين الجدد، ورموز الانبطاح والإنطراح وشعراء الحداثة؟!أكثر مايدعو للتأسف هو أن هناك جائزة عالمية سنوية للكذب، ولاتوجد جائزة واحدة للصدق أو الفضيلة.وربما يقال إن الأخلاق والفضائل والقيم المشابهة صارت بضاعة قديمة وموضة بالية وأن الحضارة استطاعت إعادة توجيه المفاهيم والقيم بطريقة معاكسة تماماً لما كانت عليه الصورة بالأمس الإنساني القريب.. أو الأبعد.أخشى أن تسري الحالة بالعدوى إلى مجتمعاتنا وبلداننا وأن تقام جائزة سنوية مشابهة لأكبر كذاب.فنحن لن نعدم آلاف- وربما ملايين المتسابقين وكلهم يستحق اللقب إنما يجب مراعاة حق الحزبيين والسياسيين ومن في حكمهم في اقتصار المسابقة على هؤلاء من دون غيرهم.لأنه مهما كان هناك كذب وكذابون في المجتمع فإنهم لن يستطيعوا مجاراة هؤلاء الأوائل في الموهبة والقدرة والإمكانات الضخمة التي تجعلهم يسبقون الجميع في تصدير المنافسات واقتناص لقب الكذاب الأكبر!الكثير من الأشياء سوف تتبدل إذا قررنا تنظيم مسابقة للكذب.. وسوف نشهد تحولاً جوهرياً في مضامين ودلالات النضال المستفحل والمناضلين الجدد.فقط علينا أن نتحرى المعايير المناسبة لاختيار الفائز لأنهم جميعهم سوف يمنحون أنفسهم الفوز عن جدارة.. ويجب فض المنازعة ورفض الوساطات في هذا الاختبار والاختيار.واللهم سلم..شكراً لأنكم تبتسمون.
الكذابون.. يكسبون!!
أخبار متعلقة