شوقي عوض شرف أن التقيت بالفنان عبد الكريم توفيق ونعمة من الله سبحانه وتعالى بأن يكرمنا بصوت الكروان العندليب اللحجي العارف بأصول الفن وإيقاعاته.وقد غنى الموال وكل الأشكال والألوان اليمنية طرباً وإيقاعاً ببساطة متناهية وفهم ووعي وإدراك بقيمة الأغنية والفن. لقد اكتسب الفنان المبدع والمتميز عبد الكريم توفيق شهرة ذائعة الصيت وملأ السمع والبصر والفؤاد بجدارة لما تميز به صوته من خصائص في الأداء والتنغيم يداعب أعماق النفس ويحرك المشاعر الإنسانية.كيف لا وهو الذي أجاد وأفاد واستفاد من عمالقة الملحنين الذين تعاملوا معه من الناحية اللحنية المعتمدة على الإشتغال الفكري والتلوين الإيقاعي والنقلات اللحنية المنوعة.بعد أن تمكنوا بألحانهم من الخروج من القفلات اللحنية وعززوها بصوت المطرب عبد الكريم توفيق..والذي شكل هو الآخر بتموجات صوته قفزة نوعية في الأغنية اللحجية على وجه الخصوص واليمنية بشكل عام.وباعتقادي أنه الفنان الوحيد الذي يجيد التعامل مع صوته ويرسم ملامحه الفنية الخاصة.ولم يستطع أحد أن يقلده في ذلك.فهو يتميز ويعتمد بجمله اللحنية عند أدائه ليس على جملة لحنية واحدة بل على أكثر من جملة لحنية داخل اللحن الواحد.ما احوجنا اليوم إلى دراسة ظاهرة صوت الفنان عبد الكريم توفيق فنياً وعلمياً حتى نتعرف على كيفية اجادته في جو السلطنة والطرب الارتقاء بذائقة المستمع إلى أقصى حالات الطرب والاندهاش.[c1]وننصقه إبداعياً [/c]لماذا لا نحاول فتح خزانة عقله وقلبه ونقرأ وجدان أفكاره ورؤيتها الموسيقية هنا لا تفوتنا الإشارة إلي تفوق المطرب عبد الكريم توفيق في كيفية الأداء التجديدي وامتزاجه بصوته مع النغم "كون الغناء أقرب إلى النفس من الضرب على آلات الطرب" كما يشير الإيقاعيون وكذلك الموسيقى تخضع للغناء.وما يهمنا هنا هو إخلاص عبد الكريم توفيق لفنه وأسلوبه الخاص الذي تميز به بين كبار الفنانين والمطربين من حيث الكيف لا الكم في أغنياته ولمساته الصادقة في مشهد الأغنية اليمنية والمشهد الثقافي والفني.وحسبي في ذلك بأنه قد تغنى من ألحان عمالقة التلحين في لحج وعدن وإن كان أول من تعامل معهم هو الشاعر والملحن سالم عبدالله النوبي الذي قدم له غنائية "يعذبني الحبيب دايم" إلا أن بصمات الموسيقار فضل محمد اللحجي تظل واضحة وجلية في عبقرية صوت وأداء المطرب عبد الكريم توفيق.وكذلك الملحن صلاح ناصر كرد والملحن محسن أحمد مهدي والشاعر الملحن محمد سعد الصنعاني والمطرب الملحن سعودي أحمد صالح والملحن الشاعر الأمير عبده عبد الكريم والموسيقار الملحن يحيى مكي والمطرب الملحن محمد محسن عطروش والمطرب الملحن محمد سالم بن شامخ والملحن الدكتور أنور عبد الخالق والمطرب الملحن أحمد باقتادة والموسيقار الملحن أحمد بن غوذل والمطرب الملحن محمد مرشد ناجي والموسيقار أحمد بن أحمد قاسم.أنني وفي هذه الاستراحة الفنية لا ادعي الضلاعة الكاملة بمحتوى العزف المنفرد على تقاسيم النوتات الموسيقية وموازيرها المتعددة بل هو الحب الذي جعلني اسرد ما فاضت به قريحتي من الأحاسيس والعواطف الجياشة تجاه فنان أعطى ولم يأخذ شيئاً من عصارة أنغامه.في رحلة عطاء امتدت نحو نصف قرن من العمل الفني الإبداعي المتميز.أليست تلك الفترة كافية للإحتفاظ بمكانة وعبقرية هذا المطرب في سلم المجد والتكريم دون قيد أو شرط، وتعطيه علامة الإحساس بالجمال المركز في الحانه ونقلة النجاح في سلم الموسيقى من أوسع أبوابها انتشاراً - كون كل هذه المكونات من الألحان والعبقرية لا يمكن لنا أن نضعها إلا في سياق منهج عصر ظروف الزمن الذي أنتجها سياسة كانت أم اجتماعية وعلى هذا الأساس أيضاً يأتي الاحساس بالإمتاع في الموسيقى والغناء وتزداد روعة الإحساس بالتذوق الموسيقي بين عامة الناس.فمن قال إن الثورات لم تهز شعوب العالم موسيقياً وقد مهدت الثورة الفرنسية الطريق أمام بيتهوفن وشوبيرت كما سبقهم آخرون في ذلك في عصور مختلفة شتى.ولعله الإبداع الموسيقي المعبر يأتي في مختلف صور موسيقى الأغاني الشعبية وموسيقاها الخاصة كما تزداد أهمية الفنون الشعبية بذلك الثروة القومية لضمير الأمة والمجتمع والوطن.إذ تكتسب زهميتها عندما تصبح محط اهتمام ورعاية الدولة وهنا أيضاً تعلو المقامات سواءً أكان ذلك على مستوى الأفراد أم الفرق الموسيقية عند التكريم ويكثر التزاحم في التنافس الفني الإبداعي وتثرى وتزخر حياتنا الثقافية والفنية بالإبداع.وتكمن عبقرية وأصالة أغنيات المطرب الملحن عبد الكريم توفيق وتتوسع دائرتها الفنية وموسيقاها لتصبح ملكاً لعامة الناس.
|
ثقافة
عبدالكريم توفيق .. عقل الأغنية اليمنية وضميرها
أخبار متعلقة