اقواس
انفردت وسائل الإعلام العربية في هذه الأيام بالاستنكار الشديد لحملة الإساءة الإعلامية التي استهترت بنبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم وكانت ومازالت ساخنة على المستوى الدولي.كثيرون تحمسوا في العالم واقلية فضلت عدم اثارة الموضوع وتدخل البعض من أجل حسم الخلاف بين الجانبين وكان شرط الرجل الاوروبي الرفض القاطع للاعتذار وبما ان السياسة جزء من مهامه الرسمية فقد كانت الفرصة لا تفوت لانها قضية كبرياء واستعلاء كشفت على طول الخط خلفية المشكلة واعطتها ابعاداً هامة.كانت أولى هذه الابعاد المقارنة بين المؤسستين الدينية الاوروبية والمؤسسة الدينية العربية ان جاز استخدام هذا المصطلح فتاريخ أوروبا هو تاريخ الصراع بين الامبراطورية والبابوية وان ما سمي بالعلمانية والحريات الشخصية هو نتيجة لهذا الصراع.اما في المشرق العربي والإسلامي فان المؤسسة الدينية في ظاهرها كانت مستقلة ولم تشغل نفسها بامور الحكم وان استخدمت في دعم بعض الحكام كما انها انكبت على ممارسة الاجتهاد في ضوء المتغيرات التي طرأت على المجتمع من فترة إلى أخرى.حتى المؤسسة الكنيسية المسيحية الشرقية فانها بالنشأة والتراث مؤسسة وطنية مجاهدة ضد الامبراطورية الرومانية وان حسها الوطني هو الذي دفعها إلى ذلك وعندما قامت حكومات وطنية انصرفت هذه المؤسسة إلى رعاية مصالح أبنائها وتسهيل مشاكل حياتهم.بمعنى آخر ان المؤسسة الدينية العربية إسلامية أو مسيحية هي مؤسسة دعوة وتطهير الإنسان وحثه على ممارسة كل ما هو صحيح انطلاقاً من قيم سماوية اخلاقية، أما المؤسسة الدينية الغربية فانها على العكس من ذلك كانت مؤسسة سلطوية تنزع إلى ممارسة الاستحواد والسلطة ومحاربة العنف في وجه من يخالفها وانها نقلت موقفها هذا لمكافحة ومحاربة العلماء والعلم.ثانياً: إضافة إلى أن الصراع الذي نشأ في المشرق دينياً كان يتعلق بحرية الاجتهاد ومكافحة الظلم وهذا بدوره يعكس طبيعة الرؤية الحضارية للاسلام باعتبار النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الانبياء فقط بل النبي الذي عرفته كل الديانات كمخلص أو محرر للعقول كون الإسلام هو الديانة الوحيدة التي تحترم العقول.وما قبل الإسلام كلما مضى عصر وتراكمت مشكلاته جاء الرب بنبي من الانبياء لينقل المجتمع إلى صورة جديدة حتى جاء الاسلام فنقل المجتمع إلى النقلة النوعية التي نقله بها.. ثم قال ما معناه بعد ذلك "إذا ما نشأت مشكلات فعليكم حلها بعقولكم لان لا رسالة بعد اليوم" هذا هو الاسلام وهذا هو (محمد) صلى الله عليه وسلم.تعالوا نتصارح ونرفع الحجاب لان المشكلة تكمن في كيفية إعادة الوعي إلى العالم بحقيقة الاسلام من دون تشويه وتحديد مسؤولية ضياع كم من القيم الجميلة بسبب التدهور الذي نعيشه الذي يكمن أولاً وأخيراً بضخامة السياسة والحكام والإعلام والتعليم اننا نعيش في عصر ازمة المسلمين وليس ازمة الاسلام على حد تعبير الدكتور زكي نجيب جمود فلماذا يلقون اليوم اللوم على الاسلام؟ وماذا يضع الاسلام أكثر من ان يجعل الحاكم يقول: اذا ما أخطأت فقوموني. خاصة وان بصمات نبينا الكريم (ص) عكست طبيعة دور الدين في بناء القيم المجتمعية والمقارنة بين الواقع العربي والغربي في مجال الحرية النظرية والتطبيق أوضحت الأمر تماماً واجب المثقفين اليوم اشعال روح المسؤولية في الافراد حتى يشعر كل فرد انه مسؤول وهذا وحده يكفي ان يهتم العربي بالتوازن من نفسه لا يجدي ان نقف على المنابر ونشتم أوروبا والثقافة الأوروبية ورئيس الدانمارك.التاريخ ليس مائة أو ثلاثمائة عام هي عمر الدانمارك الحقيقي.ولكن على ما يبدو ان العرب والمسلمين لم يستدلوا على ذلك إذن الأمر أكثر بكثير من مقاطعة بضائع الدانمارك انهم فقدوا حاسة ردة الفعل التي أمتدت عند العربي والمسلم بالفطرة لتشمل كل لحظات الزمن عنده كمية من الإدراك الحضاري والثقافي العلمي التاريخي ولهذا هومستعد ان يضحي بحياته من أجل عقيدته الدينية.بمعنى آخر انه من الممكن ان يأتي البعض ويستورد ملابس، أحذية، كروت معايدة، مواد تجميل، هذا النوع من المقاطعة لا يجدي بل قد يؤدي إلى خداع الناس فكيف يمكن مقاطعة الدانمارك بشكل عام ومميز.لابد ان يكون لهذه المقاطعة تأثيرها الإعلامي والثقافي والاقتصادي الذي يفترض ان يسود حياتنا المعاصرة.تلك هي المسألة.*نهلة عبدالله