فيما مسيحي يعمل مسحراتي في عكا ويحظى بترحيب المسلمين
ميشيل أيوب
حيفا- غزة / متابعاتفي كل ليلة من ليالي رمضان المباركة، وقبل بزوغ نور الفجر، يقوم شاب مسيحي عربي بارتداء ملابس عربية تراثية وحمل طبلته وأداء دور المسحراتي في قريته المكر في منطقة عكا، ليوقظ المسلمين لتناول سحورهم.وقال الشاب ميشيل أيوب (32) عاما في حديث لـ”العربية.نت”، إنه “يقوم بهذه الطقوس منذ ثلاث سنوات، وأن كونه مسيحيا لا يمنعه من أن يكون مسحراتياً، خاصة في قرية تنعم بالمحبة والتآخي والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، وعلاقات الاحترام المتبادل، بحيث لا يميز المرء بين المسيحي والمسلم”.وأضاف أيوب أن هذا العمل يهدف إلى خلق أجواء رمضانية جميلة في القرية، والى إدخال البهجة والسرور على الكبار والصغار من مسلمين ومسيحيين، كما يعيد إحياء بعض الطقوس المستمدة من التراث،في زمن ترك فيه الناس الكثير من تراثهم الجميل من ورائهم.ومضى أيوب يقول: “رغم كوني مسيحيا،كنت أشعر دائما أن هذا الشهر الفضيل له احترامه ومكانته وأنه يضفي على قريتي أجواء خاصة، لكني كنت اشعر أيضا أن هنالك شيئاً ينقص هذه الأجواء وأن المسحراتي مفقود،فقررت أن أحييه خاصة أن الله منحني الموهبة والصوت الجميل. وسبق أن أعجبني دور المسحراتي في المسلسلات، وكان هذا مصدرإلهام لي، فكانت انطلاقتي التي لاقت ردود فعل ايجابية وجميلة لدى أبناء القرية،وسعادتي في هذا العمل لا توصف”.وأضاف:”هناك من الناس من يخبروني بأنهم سعداء بالمسحراتي وأني أعدتهم عشرات السنين إلى الوراء،إلى فترة طفولتهم وشبابهم ويستقبلونني ببسمة كبيرة وهذا بحد ذاته يفرحني،والسعادة لا تقتصر على الكبار بل أيضا على الأطفال الصغار “.
علاء النجار ينادي الناس للقيام وتناول السحور
وقال أيوب إنه، رغم دأبه على إيقاظ الناس للسحور إلا أنه لا يصوم لأن ديانته لا تفرض عليه الصيام لكنه يحترم رمضان والصائمين.وأوضح أن الكلمات التي يشدو بها المسحراتي يجب أن تكون ذات قيمة ومعنى ومنتقاة بعناية وتضفي أجواء دينية،وهذا أمر يدأب عليه.وقال إنه يستقي بعض العبارات من مصادر مختلفة، في حين يقوم هو بتطوير عبارات أخرى.ومن بين هذه العبارات “بسم الله ابتدينا وعلى الأنبياء صلينا”،”اصح يا نايم اصح يا غفلان، قوم واصح وسبح الرحمن”، “طبلة على طبلة وقالوا بالأمثال، وأنا صنعتي في البلد جوال”، وعبارات أخرى فيها موعظة للناس وتحثهم على الخير والمحبة.وينوي أيوب أن يطور الطقوس التي يقوم بها في رمضان القادم،لتتضمن أيضا تنظيم مجموعات تقوم بارتداء لباس من التراث وتجوب أرجاء القرية وتزور بيوت الناس.يذكر أن جهات إسلامية في القرية قامت بتكريم أيوب على دوره في رمضان الماضي، من خلال حفل أعربت فيه عن شكرها وامتنانها له وحثته على ال-متابعة في دور المسحراتي وخلق أجواء جميلة. من جانب آخر ما أن تدنو ساعة الفجر في شهر رمضان بغزة حتى تعلو أصوات قرع الطبل ومعها صوت علاء النجار الذي ينادي الناس للقيام وتناول السحور بكلمات وأناشيد لا تخلو من ذكر الله عز وجل وحثّ الناس على العبادة.فالصغار كما الكبار يقفون في انتظار سماع ما يردّده علاء كل ليلة، ويتأملون زيّه ويستمعون لما يردده، وإن كانت مداركهم لا تستطيع تفسير ما يسمعونه، ولعل في إيقاع ما يقرعه ما يكفي لجذب انتباههم، ويقول المسحراتي علاء النجار: خالي كان مسحراتياً وكنت أخرج معه، ولذلك أحببت هذا العمل وبقيت محافظاً عليه.ويوضح المواطن أحمد جعرور أن الصغار يكونون سعداء بسماع صوت المسحراتي، ويعتبرون ذلك رمضان بحد ذاته، على حد تعبيره، وتقول طفلته الصغيرة إنها صحيت من النوم لترى كيف يقوم المسحراتي بالضرب على طبلته الصغيرة.وعلى وقع الكلمات التي يرددها المسحراتي تنهمك ربة البيت عبير جعرور في إعداد السحور لعائلتها، فهي تجد فيها ما يعزز أجواء رمضان، تقول جعرور لـ”العربية”: دائماً نستيقظ على كلامه الجميل دون منبّه، ويساعدنا على الشعور بأجواء رمضان الجميلة.وفي دقائق الفصل بين السحور وبزوغ فجر يوم صيام جديد يأمل علاء ان تكون الوحدة التي يرددها في دعائه واحدة من الدعوات المقبولة في هذا الوقت، حيث ينادي قائلاً: ربّ وحد كلمتنا في شهر رمضان. يا رب أصلح بين فتح وحماس في شهر رمضان.