د. المقالح .. وحديث شائق عن (دندنة)باحارثة !!
من مدينة سيئون الجميلة والرائعة بناسها ومناظرها .. وصلني ديوان ( دندنة) للصديق الشاعر حسن عبدالله باحارثة .. مع إهداء جميل يقول فيه :إهديك ديواني (دندنة) علّ مكتشف المواهب بحد فيه ما ينشره لقرائه في (فنون) 14 أكتوبر .. مع إعترافي بأنك قد قدمتني في برامجك التلفزيونية وأنا طالب في كلية التربية بعدن في سبعينات القرن الماضي !!وقد أخترنا المقدمة الجميلة التي كتبها د. عبدالعزيز المقالح للديوان .. مع تقديرنا للشاعر حسن باحارثة ( أبوكرم) :شهدت الاغنية اليمنية الحديثة في السنوات الثلاثين الاخيرة تقدماً واضحاً بعد أن كانت شيئاً نادراً في حياة هذا البلد الشغوف الى الموسيقى والفنون القولية ، مما جعل الفنانين يعتمدون على الاغنية التراثية التي يعود تاريخ بعضها الى أكثر من سبعة قرون . وتجدر الإشارة - هنا- الى البدايات التي مهدت لهذا التقدم وأعني بها محاولات الشاعرين الكبيرين الدكتور محمد عبده غانم والاستاذ لطفي جعفر آمان .ومنذ أوائل السبعينات وابتدأ بروائع الفضول والمحضار والديلمي ومحمود الحاج وآخرين لا تحضرني اسماؤهم الآن ممن كانت لهم مشاركاتهم في وضع الاساس المتين للأغنية اليمنية المعاصرة بمقوماتها الفنية التي جعلتها على كل لسان ، وأهم هذه المقومات الكلمة البديعة النابعة من القلب والمعبرة عن شعور عاطفي خال من التصنع والافتعال . ولعل مشكلة الاغنية في بلادنا - كما هي في بقية بلاد الله العربية - أن عدداً كبيراً ممن يحلمون بكتابة الاغاني يظنون أنها مجرد كلمات تتحدث عن الحب واللوعة والفراق وليس موقفاً إنسانياً جميلاً ورسالة الى القلوب .ومن هنا فليس كل صاحب موهبة شعرية قادراً علي كتابة الاغنية ، كبار الشعراء حاولوا ذلك وفشلوا لأن الاغنية فن قائم بذاته ، وربما نقول إنها شعر قائم بذاته ولغة لا تسعى الى إرضاء الملحن الممتاز او المغني الموهود بقدر ما تحاول الوصول الى مشاعر الجمهور والدخول الى قلوب أفراده .والصديق حسن باحارثة صاحب هذه " الغنائيات" شاعر غنائي متفرد باختياره البساطة وسيلة للتعبير عن لواعج القلب ومكنوناته . وهو تلميذ مجيد للشاعر الكبير المرحوم حسين المحضار الذي صحونا على أنغام قصائده العذبة الجميلة ببساطتها وقدرتها على أن تزرع الامل والحب في أكثر النفوس صلابة وتحجراً والتي تثري الوجدان وتنيره قبل أن تثيره ولذلك ارتبط صوته بصورة حضرموت هذا الجزء العزيز الغالي والشامخ من الوطن اليمني الكبير الذي أثبت منذ قرون أنه أرض الاحلام الوردية للشعر والاغاني ، وفي وديانه الفيحاء وعلى شواطئه اللازوردية تنبت أحلى القصائد وأجمل الألحان ، وما يزال صوت المعلم الاول أمرئ القيس يملأ الآفاق :تطاول الليل علينا دمون دمون أيّا معشر يمانونوإننا لأهلنا محبون وحسن باحارثة ، إبن هذه الارض البديعة والفنان الذي أكتشف طريقه الى كتابة القصيدة الشعبية بصبر وحب كبير يستطيع أن يضيف الى هذا الرصيد التاريخي والمعاصر وأن تكون " غنائياته" المنشورة في هذا الإنسان الى زمن يتعانق فيه الروحي بالعاطفي فضلاً عن الدور الكبير الذي تقوم به بعض هذه الغنائيات في مجال النقد الاجتماعي والكشف عن مساوئ العادات التي شوهت العلاقات بين الرجل والمرأة وفتحت الأبواب واسعة لاختلافات لا تتوقف بين الزوج والزوجة وهو مايعد بمثابة خدمة جليلة يقوم بها الشعر في وقت تخلى فيه الشعراء عن هذه المهمة للدراما التلفزيونية والإذاعية .وكعادته التزم الشاعر حسن باحارثة الاقتراب من المواطن العادي واستخدم في غنائياته لغة الثقافة العامة بعيداً عن التعالي ليضمن التفاعل والتأثير مع واستعادته بقدر لا بأس به من الدعابة التي تجعل قصائده الاجتماعية تحظى بنعمة التذوق لدى جمهوره الواسع الذي يزداد اتساعاً يوماً بعد يوم . ويستطيع القارئ المتابع لمسيرة شاعرنا أن يدرك التطور الذي لحق بقصيدته الغنائية والعاطفية منها على وجه الخصوص :إن غبت عنه رياح الحب هزت غصن أشواقي وإن جيت عنده بعنده ينزع الفرحة من أعماقي أجية بجناح الفرح .. وارجع على درب الهموم الحب ذا ما بايدوم إن دامتالحالة كذا .. الحب ذا ما بايدوم ويرتقي الخيال الى درجة مثيرة للانتباه حين يقول من القصيدة ذاتها :دموع عيني مداد الحب والخدين اوراقي فيها لخلي رسايل صادقة تعبيرها راقي عنوان القصيدة التي أجتزأت منها هذه السطور " رياح الحب" . ومن قصيدة أخرى بعنوان " باب الهوى" يحلق الشاعر في مناجاته ويغوص بلغة المحب وافتتانه الى أعمق قرار في بحر الهوى بحثاً عن الابعاد الحقيقة لدروب الحب التي لا تخيب ولا تتحكم فيها المؤثرات :باب الهوى يأهل الهوى قد ينقفل أو ينفتح والعاشق الحبان مهما من حبيبة ينجرح من إبتسامة ينجلي همه ودمعه يمسحويرتوي غصن الهوى هذا الهوى يأهل الهوى تحية لشاعرنا المبدع ومرحباً بغنائياته التي تضاف بجدارة الى مكتبة الاغنية اليمنية الحديثة .والله ولي التوفيق كلية الآداب - جامعة صنعاء في : 19/2/2003م