غضون
* تلك أو حتى من التاريخ للدفاع عن عجزهم أو أخطائهم مثلاً .. وهذه الذرائعية تجدها حاضرة في أذهان مثقفين وسياسيين كثر .. يتحدث المجتمع في اليمن وكذلك خارج اليمن عن خطورة تنظيم القاعدة وعن الطرود المفخخة، فيأتي من يقول وماذا في ذلك؟ هل حدث هذا في اليمن فقط؟ إن مثل هذا حدث في أوروبا وحدث في الولايات المتحدة وحكاية الطرود التي تحمل ( الجمرة الخبيثة ) معروفة .. الفساد في اليمن موجود فماذا في هذا؟ أليس الفساد موجوداً أيضاً في السعودية؟ .. وعندما تصدر تقارير دولية حول انتهاكات حقوق الإنسان وتشير إلى وقوع مثل هذه الانتهاكات في اليمن، يأتي الرد : إن مثل هذه الانتهاكات تحدث في فرنسا وفي السعودية وليست مقتصرة على اليمن .. وهذه الذرائعية هي إحدى آليات التبرير والدفاع عن النفس السائدة بقوة في اليمن والمجتمعات العربية على وجه الخصوص .. تبرير غير مقنع ودفاع عن العجز .. تبرير يتضمن رغبة في بقاء الحال كما هو، يقوي نفسه بشواهد بعضها مماثلة وكلها سابقة.* يقول لك ( لست الوحيد فمثلي كثير ) .. ليس الأمر عندنا بدعة فقد سبق مثله في دول أخر .. وعلى أي حال، هذه الذرائعية من أسوأ الأدوات .. لأنها تدافع عن الذات العاجزة وتبرر الفشل وتضعف إرادة المتطلعين إلى العمل الجاد، سواء المسؤولون أو الناس العاديون . وفي هذا الجانب هناك مفارقة حادة .. ففي الإطار الأسري يرتكب ابن أو بنت سلوكاً معيباً بنظر الوالدين ، وعندما ينتقد الولدان أو يوبخان من قبل الوالدين، يدافع الابن والبنت عن نفسيهما بالتذرع إن ما قمنا به لا يختلف عما فعله أو يفعله أمثالنا في بيت الجيران أو أسرة فلان .. فيرد الأب أو الأم أو كلاهما : لا دخل لنا بالجيران ولا دخل لنا ببيت فلان.. ما يهمنا هو ما يحدث عندنا وهذا مرفوض .. نحن أسرة محترمة ولدينا تقاليد .. انسوا الجيران وأسرة فلان وتذكروا أننا أسرة مختلفة وعلينا ألا نقلد أحداً وعلينا تجنب ذلك السلوك وعلينا حماية تقاليد الأسرة لكي نبقى أسرة محترمة. * حسناً .. لماذا لا نفكر بنفس الطريقة في المجال العام ..؟ أعني أن نفكر في أمورنا نحن .. أن نسأل ماذا فعلنا نحن .. ما الذي علينا أن نقوم به نحن .. أن نفترض أننا موجودون في هذا العالم وحدنا .. لا أمريكا ولا إسرائيل ولا فرنسا ولا السعودية .. وبالتالي نحارب الفساد لأنه مضر بنا .. نقوم بعمل لأنه مفيد لنا .. نحترم حقوق الإنسان احتراماً لذواتنا وللآخرين. إن الأخطاء ومظاهر الفشل والعجز التي نشاهدها في العالم من حولنا يجب أن تكون موضوعاً للانتقاد من قبلنا لا أن نتذرع بها لتبرير أخطائنا وفشلنا وعجزنا.