رحل بعد صراع طويل مع السرطان
الرياض/متابعات:توفي وزير العمل السعودي غازي القصيبي، الدبلوماسي والأديب الليبرالي، الأحد الماضي عن سبعين عاماً إثر صراع طويل مع المرض، كما أعلنت قناة الإخبارية السعودية.واستناداً إلى المحيطين به فإن القصيبي، الوزير المحبوب، توفي بمرض السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض حيث كان يرقد منذ عودته من البحرين قبل شهر.وكان القصيبي يحظى بتقدير كبير لدى القوى التقدمية في السعودية لجرأته في تناول مشاكل المجتمع السعودي المحافظ.لذلك فان الكثير من كتب القصيبي، العدو اللدود لانصار التيار المحافظ لكنه حظي دائما بدعم العائلة المالكة، كانت محظورة في السعودية إلى عهد قريب عندما اتخذ قرار رسمي بالسماح ببيعها.وولد غازي القصيبي في الثالث من آذار/مارس 1940 في الهفوف لأسرة تجار ميسورة الحال.وبعد أن قضى في الإحساء (شرقاً) سنوات عمره الأولى انتقل إلى المنامة بالبحرين ليتابع دراسته.ونال ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا.أما الدكتوراه في العلاقات الدولية فنالها من جامعة لندن وكانت رسالته فيها حول اليمن، كما أوضح ذلك في كتابه الشهير (حياة في الإدارة).وعمل غازي القصيبي مديرا للمؤسسة العامة للسكك الحديد في السبعينات قبل أن يتولى وزارة الصناعة ويطلق قطاع الصناعات البتروكيماوية السعودية.ولتشجيع الشباب السعودي الذي لا يهتم سوى بالوظائف السهلة العالية الأجر على العمل في الوظائف التي تعتبر في نظره غير محترمة، عمل القصيبي عام 2008، وكان يومها وزيراً للعمل، في مطعم هامبرغر في جدة لمدة ثلاث ساعات.وصراحة القصيبي وجرأة كتاباته جلبت له أيضاً الكثير من المتاعب، على الأقل مرتين خلال عمله.ففي عام 1984 عندما كان وزيراً للصحة تم إعفاؤه من منصبه هذا بسبب قصيدة (رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة) التي انتقد فيها الفساد والامتيازات التي كانت تحظى بها الطبقة الحاكمة في عهد الملك فهد.وفي عام 2002 اعفي أيضاً من منصبه كسفير للمملكة في لندن بسبب قصيدة (الشهداء) التي أشاد فيها بالانتحارية الفلسطينية آيات الأخرس التي فجرت نفسها في سوق في القدس ما أدى إلى مقتل اثنين من الإسرائيليين في الوقت الذي كانت فيه الأجواء مشحونة بسبب أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 في نيويورك.ومن كلمات هذه القصيدة:قل لآيات يا عروس العوالي...كل حسن لمقلتك الفداءحين يخصى الفحول...صفوة قومي تتصدى للمجرم الحسناءتلثم الموت وهي تضحك بشرا...ومن الموت يهرب الزعماء.وبعد عودته إلى الرياض عين وزيراً للمياه والكهرباء الأمر الذي يدل على دعم القصر الملكي له.وخلال عمله سفيراً للسعودية في البحرين عند غزو العراق للكويت عام 1990 كتب القصيبي مقالات ينتقد فيها الحكومات العربية والمجموعات الإسلامية التي تأخذ على السعودية تحالفها مع الولايات المتحدة متسائلاً كيف يمكن لأحد الدفاع عن صدام حسين.ويعتبر كتابه (أزمة الخليج: محاولة للفهم) دراسة جادة لمعرفة أسباب هذه الحرب ودوافعها وسياساتها وصنع قراراتها والنتائج التي تمخضت عنها.وللوزير الراحل نحو 20 كتاباً ورواية، فضلاً عن كم كبير من المشاركات الكتابية والمحاضرات وغيرها.ومن أشهر رواياته (شقة الحرية) (1996) التي كانت ممنوعة من التداول في السعودية، وتحكي قصة مجموعة من الشبان المختلفي التوجهات والأفكار يسكنون معاً في القاهرة أثناء دراستهم الجامعية هناك لتفصل الرواية حالة التيارات الفكرية لدى الشباب العرب في الفترة الملتهبة من التاريخ العربي 1948 - 1967.وهذه القصة مستوحاة من التجربة الذاتية للكاتب نفسه أثناء فترة دراسته للقانون في جامعة القاهرة والتي وصفها بأنها فترة غنية جداً.وبعد فشل القصيبي في الوصول إلى رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) عام 1999 أمام المرشح الياباني كوشيرو ماتسورا، اصدر روايته (دنسكو) التي ينتقد فيها هذه المنظمة الدولية من خلال قصة مرشحين من عدة قارات يتنافسون للفوز برئاسة منظمة تسمى دنسكو.وبعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر حذر القصيبي من (صراع حضارات)، مديناً في الوقت نفسه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي وصفه بأنه(إرهابي)و(وحش بشري).وقال في حديث للبي بي سي “نخشى أن تتحول هذه الحرب على الإرهاب، التي ندعمها بلا أي تحفظ، إلى حرب لاميركا والغرب على الاسلام”.ومن ابرز الأعمال الاخرى للقصيبي “العصفورية”، “سبعة”، “هما”، “سعادة السفير”، “سلمى”، “ابو شلاخ البرمائي”.ومن مؤلفاته في الشعر “صوت من الخليج”، “الاشج”، “اللون عن الاوراد”، “اشعار من جزائر اللؤلؤ”، “سحيم”، و”للشهداء”.