ليس العنف قاصراً فقط - كما يعتقد البعض - على التلاميذ المتعثرين دراسياً، بل حتى المتفوقون يطالهم العنف وتسيطر عليهم الرغبة في الاعتداء.ويتجه العنف أحياناً إلى المعلمات أنفسهن وقد يتخذ العنف صورة تحدي السلطة المدرسية.ومن قصص العنف في سلوك الفتيات قصة تلك الطالبة التي عمرها خمسة عشر عاماً والتي تتشاجر مع قريناتها باستمرار كما أنها كثيراً ما تتطاول على مدرستها وسلوكها يتسم بالتحدي والتحفز لأي شخص يتعامل معها ولم تفلح معها كل المحاولات ولم يكن أمام إدارة المدرسة إلا استدعاء والدتها.واتضح بعد اللقاء بالأم أن الأسرة مفككة حيث أن الأب متزوج بأكثر من واحدة والأم عصبية تفرغ كل انفعالاتها الغاضبة في ابنتها وتضربها باستمرار وتوجه لها الإهانات المختلفة وهكذا كانت تركيبة الأسرة وتفككها سبباً في عدوانية البنت ولم يصلح سلوك الفتاة إلا بعد لقاء الأم وإطلاعها على ما وصلت إليه ابنتها.ومثال آخر/ تلك الطالبة البالغة من العمر ستة عشر عاماً اتخذت من سرقة دفاتر زميلاتها وتمزيقها سلوكاً عدوانياً وظاهرة تستحق البحث والدراسة لقد نشأت هذه الفتاة وحيدة ومدللة مع ثلاثة أشقاء ورغباتها أوامر وطلباتها مجابة ولقد اعتادت على حرية التصرف وأصبحت تستهين بأي سلطة وترفض أي توجيه ومع القيود المدرسية وغيرتها من زميلاتها المتفوقات لم تجد وسيلة للتعبير عما بداخلها إلا بهذا الأسلوب العدواني.إن التعبير عن العنف عند البنات يأخذ شكلاً مختلفاً عنه عند الذكور والتشابك بالأيدي نادراً جداً عند الفتيات إن لم يكن معدوماً والفتاة عادة تستخدم اللسان بديلاً عن اليد وبصفة عامة فإن الفتاة تكون أقدر على كبت مشاعرها وعدم التعبير عنها سريعاً بعكس الشاب الذي قد يكون رد فعله مباشراً وعنيفاً.والصغار أيضاً ومن خلال التنشئة الاجتماعية الخاطئة يتميزون بسلوك عدواني يتناسب مع أعمارهم.ومن قصص العنف التي شهدتها إحدى مدارس البنين قصة ذلك الطالب الذي لم يتعد الرابعة عشرة من عمره وقام بالاعتداء على معلمه وبعد أن خضع هذا الطالب لدراسة حالته الاجتماعية والنفسية اتضح أن لديه رغبة كامنة في ضرب والده ضرباً مبرحاً والسبب أن الأب يعامل ابنه بقسوة ويتعمد اهانته والتقليل من شأنه أمام أقرانه ولم يجد الطالب سوى هذه الوسيلة العنيفة للتعبير عن مكنون نفسه ووجد في معلمه صورة الأب القاسي الذي يتمنى الخلاص منه أما ذلك الطالب الذي كسر زجاج صفه في المدرسة والآخر كسر درج زميله فكلاهما يشعر بعدم الرضا عن المدرسة لأسباب أسرية واجتماعية عديدة واتخذ من العنف وسيلة للتعبير عن ذاته.وقد يتصور البعض أن هذا السلوك العنيف قاصر على الطلاب الذكور فقط وهذا غير صحيح أن الطالبات أيضاً أصبحن مملوءات بالعنف والرغبة في العدوان.فالسلوك العدواني لدى الفتيات يتخذ أسلوب التطاول بالألفاظ أو الانتقام كتعبير عن العنف خاصة بين المتفوقات.إن العنف يكون موجهاً إلى الفتيات الأكثر تفوقاً وأكثر جمالاً.وأن يكون الشاب عنيفاً أحياناً فذلك أمر طبيعي لكن أن يكون عنيفاً طوال الوقت فذلك هو الأمر غير الطبيعي وأن يصل به العنف إلى حد تخريب مدرسته فهنا لابد من وقفة لو أمعنا النظر قليلاً فيما حولنا لوجدنا بأن العنف فعلاً زاد عن حده سواء داخل مدارسنا أو خارجها هل تريدون أمثلة؟ يكفي أن نلقي نظرة على السرعة الجنونية التي يقود بها الشباب سياراتهم لقد وصل الأمر إلى حد قيام أحد الطلاب بضرب معلمه في الفصل! فماذا يبقى؟[c1]ميسون عدنان الصادق[/c]
التفوق والتعثر الدراسي والسلوك الطلابي
أخبار متعلقة