منبر التراث
[c1]اللعب بعقول المشاهدين[/c]لفت نظري أحد القراء الكرام حول بعض المسلسلات التاريخية الإسلامية التي بثت على بعض الشاشات الفضائية العربية في رمضان الماضي ، بأن أحداثها كانت تحتوي على مغالطة وأباطيل تاريخية كبيرة وواضحة وخطيرة تصل إلى حد السذاجة واللعب بعقول المشاهدين ،أنها كانت ترمي إلى أهداف خبيثة غايتها تشويه تراثنا الإسلامي المشرق من خلال تجسيد شخصية إسلامية قيادية كان لها دور رائد وعظيم في تغير مجرى التاريخ الإسلامي أو بعبارة أخرى وضعت بصمات مضيئة على وجه التاريخي الإسلامي ، ويبدو أنّ كاتب هذا المسلسل التاريخي لا يدرك أن المشاهد صار لديه ثقافة واسعة وعميقة , ولم يعد ساذجاً ، وأنّ الكثير من المشاهدين من أساتذة التاريخ . [c1]“ قلب الحقائق رأساً على عقب [/c]والحقيقة أن مؤلف هذا المسلسل لا يرى في التاريخ سوى وسيلة أما الغاية فهي طرح آرائه، وأفكاره الخاصة به أو قل إذا شئت سموم أفكاره الجرثومية التي هدفت من ورائها تدمير عقول ومفاهيم المشاهدين وخاصة النشء منهم حول صورة تلك الشخصية القيادية العسكرية الفذة ، فقلب الحقائق رأساً على عقب فعمد على مزج الأباطيل والأكاذيب بالحقائق أو بتعبير آخر وضع السُم في الدسم كل غايته هو تشويه تلك الشخصية التاريخية التي تعد مدرسة حقيقية في العسكرية الإسلامية والذي مازالت حتى هذه اللحظة تدرس خططه العسكرية في الجامعات الأجنبية . ولقد عمد ـــ كما أسلفنا ــ على شحن أكبر كمية من الافتراءات ، والتضليل والأباطيل في المسلسل بهدف جعل تلك الشخصية العظيمة باهتة اللون , والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما السبب أو الأسباب الرئيسة التي دفعت بمؤلف ذلك المسلسل الإساءة إلى مثل تلك الشخصية الإسلامية والذي كتب عنها المستشرقين بأنها من أعظم الشخصيات التي طفت على وجه التاريخ الإسلامي .[c1] قائد عسكري فذ[/c]ويبدو أن مؤلف المسلسل الذي دار محور قصته حول تلك الشخصية التاريخية المشهورة والمعروفة والذي أجمعت حوله كتب المؤرخين المسلمين وغير المسلمين ، والمؤرخين والكتاب المحدثين ، والباحثين الحاليين بأنه كان أعظم شخصية ظهرت في فجر وضحى الإسلام ــ كما أسلفنا ــ والتي على يديه تحققت الكثير من الانتصارات الباهرة بفضل عبقريته العسكرية , والتي لم تهزم تلك الشخصية القيادية العسكرية الفذة في الجاهلية أو في الإسلام قط . فإذا بمؤلف تلك الشخصية يحولها إلى شخصية كل همها هو البحث عن متاع الدنيا الزائل وهو المعروف عنه أن جسده مليئ بطعن الرماح والسيوف ، وكان يبكي على فراش الموت بكاءاً حاراً لأنه لم يمت شهيداً في ساحة الوغى بعد مئات المعارك الطاحنة والفاصلة الذي خاضها ضد أقوى وأعتى إمبراطورية شهدها العالم حينذاك وهى الإمبراطورية الرومانية ، لقد محا مؤلف المسلسل كل مناقبه وآثاره الرائعة في الحروب الإسلامية الذي خاضها ضد أعداء الحياة , وأعداء النور ، وأعداء الإنسانية . [c1]وسقط في قيعان الأكاذيب[/c]والحقيقة أنّ بعض المشاهدين وخاصة الناشئين منهم يعتبرون أنّ تلك المسلسلات التاريخية الإسلامية مصدراً من مصادر التاريخ الإسلامي وهنا يكمن الخطر الكبير ، فلم تكن المسلسلات التاريخية الإسلامية أو غيرها من المسلسلات التي تعرض قضية تاريخية ( معينة ) من المصادر أو المراجع التاريخية التي يعتمد عليها ، بخلاف التاريخ المكتوب الذي يدون ويسجل الأحداث الهامة والخطيرة والتي أثرت بصورة مباشرة وغير مباشرة تأثيرها في مجريات حياة الشعوب . ولكن هذا التاريخ المكتوب يتصدى له المؤرخون المحدثون والباحثون الحاليون فيحللونه تحليلاً عميقاً تحت مجهر البحث التاريخي بهدف غربلته ومن ثم الوصول إلى أقرب نقطة من قلب الحقيقة . ولكن الشيء الحقيقي والواضح في ذلك المسلسل هو أنّ مؤلفه قلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب . فسقط في قيعان الافتراءات ، والأكاذيب ، والتضليل ، والأباطيل .