بعض السياسيين يدلون بتصريحات تثير الضحك والشفقة في آن واحد، لأنها تكشف عن عقليات إما أنها لا تفقه في السياسة، أو أنها عقليات لا تستطيع أن تمارس العمل السياسي إلا حين تؤدي دور المناكف والمكايد، والساعي إلى تأزيم الأجواء السياسية. الأمثلة على ذلك كثيرة لكن أقربها إلى الذاكرة تصريح للقيادي في المشترك علي الصراري قال فيه: إن الرئيس طرف في الحوار وليس راعياً له.كان على الصراري قبل أن يقول ذلك أن يتذكر نص اتفاق فبراير 2009م الذي وقعت عليه أحزاب المشترك الممثلة في البرلمان مع المؤتمر الشعبي العام والذي نص مطلعه (بعد حوارات دعا إليها ورعاها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ) لكن يبدو أن الصراري تعمد نسيان ذلك ظناً منه أن ذاكرة الناس تنسى وهو بلا شك مخطىء في ذلك لسبب بسيط هو رعاية الرئيس للحوار وبغض النظر عما ورد في مطلع اتفاق فبراير أمر لا يحتاج إلى إثبات من الصراري أو غيره.رعاية الرئيس للحوار واقع موثق ومعروف من جهة ومن جهة أخرى فإنها مسألة تتعلق بوظيفة الرئيس التي تتمحور في حماية تطبيق نصوص الدستور .. ورعايته للتجربة الديمقراطية جزء من تلك الوظيفة. ولعل ما يثير الاستغراب والاستهجان أن يحاول سياسي - كالصراري - مغالطة نفسه قبل تضليل ومغالطة الناس لأنه بلا شك مطلع ويدرك كيف دارت الحوارات وكيف رعاها الرئيس وسار بها ويسير بها حتى الآن إلى بر الأمان ويبذل كل ما بوسعه من أجل إنجاحها. علي عبدالله صالح هو رئيس الجمهورية ورئيس لكل اليمنيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية،واليمنيون حينما انتخبوه رئيساً لهم كانوا يدركون أنهم يمنحونه ثقتهم ويحملونه مسئولية حماية البلد ودستورها ورعاية نظامها الديمقراطي والسياسي. تصريح الصراري إذن لم يكن إلا صورة يائسة للجحود السياسي الذي يمارسه بعض السياسيين لأهداف يعرفها الجميع لكنها قبل ذلك تكشف عن نفسية مريضة تحاول حشر أنفها في كل شيء حتى ولو لم يكن لها علاقة به.. وبعض السياسيين حين يصعدون إلى منصة المحاضرات أو على المنابر يتناسون أنفسهم ويحاولون أن يعطوها حجماً أكبر من حجمها ويذهبون إلى إطلاق التصريحات التي تتناول رئيس الجمهورية ظناً منهم أنهم كلما ذكروا الرئيس في أحاديثهم سيظهرون كمناضلين، وهم في الحقيقية لا يمارسون سوى دور المهرجين الذين لا صدى لما يقولونه سوى إثارة الضحك والسخرية.و لعل ما يؤكد أن هؤلاء البعض لا هم لهم سوى محاولة تأزيم المشهد السياسي وممارسة التضليل على الرأي العام هو أن تصريح الصراري كان سبقه تصريح لرفيقه في الاشتراكي الدكتور محمد القباطي الناطق باسم المشترك ادعى فيه أن ما حرك المياه الراكدة وأسهم في الوصول إلى اتفاق 17 يوليو كان اتصال الرئيس الأمريكي أوباما بالرئيس علي عبدالله صالح، وهو أمر يثير السخرية أيضاً ويجعل المرء يضحك كثيراً وهو يتخيل أوباما قد فرغ نفسه وتناسى مشاكل حربه في أفغانستان والعراق وكارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك والملف النووي الإيراني والحرب ضد القاعدة وكل مشاكل أمريكا الداخلية والخارجية من أجل أن يتحدث مع الرئيس عن حوار المؤتمر والمشترك. الصراري والقباطي وكثر أمثالهم من ساسة المشترك تعودوا على إطلاق هكذا تصريحات، متناسين أن الرأي العام أكثر وعياً من أضاليلهم وهراءاتهم ، فالحديث عن الرئيس ومهامه الدستورية ليست مجرد عبارات يطلقها البعض وهم يلوكون أغصان القات في المقايل، بل هي قضية تحتاج إلى آداب وأخلاق قبل أن يكون الحديث حولها مرتبطاً بنصوص الدستور والتي وضحت بجلاء صلاحيات الرئيس ومهامه وواجباته.وختاماً نقول إن علي عبدالله صالح -رئيس اليمن - كان وسيظل راعياً للحوارات السياسية شاء الصراري أم لم يشأ، تحدث أم لم يتحدث هو أو غيره من الذين لا ندري من يريدون أن يرعى الحوار بين الأحزاب إذا لم يكن رئيس الجمهورية. هذه هي مقتضيات الديمقراطية ومن لم يعجبه ذلك فليبحث له عن شيء آخر أو مكان آخر يثرثر فيه بأي شيء إلا عن الرئيس وصلاحياته ومهامه وفي مقدمتها رعاية الحوار .
راعي الحوار وثرثرة بعـض الســاســة!
أخبار متعلقة