العملية الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي في أحاديث لشخصيات أكاديمية :
لقاءات أجراها/ محبوب عبدالعزيز: تصوير/ علي الدرب:أيام قلائل تفصلنا عن موعد العرس الديمقراطي الكبير الذي سيشهده الوطن في العشرين من سبتمبر الجاري 2006م والمتمثل في الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجالس المحلية وقد أزدادات هذه الايام حمى الدعاية الانتخابية للمرشحين من مختلف الاحزاب والتنظيمات السياسية وفق الضوابط والمعايير التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء حيث يسعى كل مرشح الى إقناع الجماهير بمضامين برنامجه الانتخابي سعياً وراء الحصول على ثقتهم وأصواتهم في صناديق الاقتراع حول أهمية وجود النهج الديمقراطي - الانتخابات - والتداول السلمي للسلطة أجرينا هذه اللقاءات مع عدد من الاكاديميين في جامعة عدن وكانت هذه الحصيلة :[c1]الاستخدام الامثل للديمقراطية[/c] د. محمد عبدالوارث أحمد - عميد كلية الاقتصاد بجامعة عدن يقول :كلنا نعرف أن الديمقراطية هي استحقاق لكل مواطن وقد بدأت ممارسة صور وأشكال مختلفة من العملية منذ وجد الانسان بدأ يطالب بها وتعتبر الديمقراطية حقاً من حقوق المواطن الكل يسعى وراء تجسيدها سلوكاً وعملاً واقعياً ..ولكن كل شيء نسبي فالديمقراطية حين تكون مشرعة الأبواب دون وجود ضوابط تتحول الى فوضى ولهذا فإن هناك مقاييس يجب أن يلتزم بها الجميع وفي حدود الحيز المسموح والحرية المتاحة من الديمقراطية وأن لا نستخدمها الاستخدام السيء بحيث يمكننا أن نمارس حقوقنا المشروعة وفق الانظمة والقوانين المكفولة وهذا طموح وأمل كل مواطن يمني ينشد نماء وتطور هذا البلد المعطاء .. وحول الانتخابات القادمة أضاف الدكتور/ محمد عبدالوارث قائلاً:أستطيع كمواطن يمني عاش مراحل الثورة والحقب السياسية والمنعطفات والاحداث التي مرت بها البلاد أن أعبر لك عن صدق مشاعري وأقول أن هناك ممارسة حقيقية للعملية الديمقراطية وخاصة في أحد أروع صورها وأشكالها الواقعية المتمثلة في الانتخابات التي شهدتها الجمهورية اليمنية في السنوات السابقة أو التي نعيش زخمها وعرسها هذه الايام والتي أخذت طابعاً متميزاً عن كثير من الدول في المنطقة ولا أقول أنها أفضل من الدول الغربية ولكن نلاحظ كمواطنين بأن هناك حرية للحركة على مستوى الافراد والاحزاب ولكل من يجد في نفسه الرغبة والكفاءة للترشيح ودخول حلبة المنافسة الشريفة لمنصب رئيس الجمهورية ومن جانب آخر يجب الاستفادة من هذه الحرية وعدم الاساءة إليها واستغلالها بصورة سيئة للتجريح الآخرين أو تعريض وحدة الوطن للأخطار ويجب أن نسعى جميعاً في طريق تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء وأن نكون في أشد الحرص على وحدتنا الوطنية وممارسة الحقوق الدستورية التي تكفل مبدأ التداول السلمي للسلطة بعيداً عن الاساءة والتجريح والتحريض.وها نحن نعيش هذه الايام المهرجانات الانتخابية للمرشحين بكل شفافية ونتمنى أن يستمر الإلتزام بضوابط العملية الدعائية وعكس صورة حضارية مشرفة للإنسان اليمني ومستوى الوعي الثقافي والسياسي الذي وصل إليه وعلينا كذلك أن نكون منتبهين ومدركين لمحاولات الغوغائيين الدامية الى إفشال هذا العرس الديمقراطي والمكسب الوحدوي الكبير.ولا نشك في حكمة وذكاء اليمنيين التي شهد لها الرسول الكريم بقوله "الايمان يمان والحكمة يمانية" وكل مواطن يدرك أين تكمن مصلحة الوطن وعلى هذا الاساس يستطيع أن يميز ما ينفعه وفي ضوء ذلك سيقول كلمته يوم الاقتراع ليختار رئيس الدولة واعضاء المجالس المحلية في مختلف محافظات الجمهورية ونحن لنا تجربة رائدة في هذا المجال وعلينا أن نترفع عن المصالح الضيقة والانانية وأن نجعل مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات خصوصاً في ظل الظروف والمتغيرات الاقليمية والدولية وأن نأخذ العبرة من الماضي ومن الاحداث والتحولات الجارية من حولنا وأن نستفيد من الاخطاء ونتعلم من تجارب الآخرين والمهم أن يشارك كل من هو مقيد في كشوفات وسجلات الناخبين للإدلاء بصوته يوم العشرين من سبتمبر الجاري 6002م وأن يعطي صوته بأمانة لمن هو جدير به لأن هذه الاصوات هي التي ستحدد صناعة المستقبل.[c1]لا تفريط في الحقوق[/c]كما شاركنا الحديث الدكتور/ سعد محمد سعد - عميد كلية الحقوق بجامعة عدن قال :إن الديمقراطية بشكل عام كمفهوم قانوني ومفهوم سياسي تعني حكم الشعب للشعب بنفسه وهذا المصطلح يدل على أن الشعب بذاته يمكنه ممارسة كافة حقوقه من انتخاب الهيئات التشريعية والتنفيذية التي تستطيع أن تمثله بصورة صحيحة وخلاقة ولا ينبغي أن نفهم مصطلح حكم الشعب للشعب بأن يعني يحكم كل إنسان نفسه بنفسه لأنه بهذا المفهوم الخاطئ سنتحول الى مجتمع تسوده الفوضى والاضطرابات ولكن كان مصطلح الديمقراطية أن يختار الشعب من ينوبه ويمثله في إدارة شؤون الدولة والمجتمع على مختلف الاصعدة ..ومن هذا المنطلق لمفهوم الديمقراطية نجد أن له تفرعات عديدة لعل من أبرزها الحق في أن أرشح نفسي للانتخابات أو أدلي بصوتي واعطي ثقتي للمرشح الذي أراه يمثل إرادتي وطموحي في ظل المنظومة الوطنية الواحدة وبالتالي لا يمكنني أن أطالب بالديمقراطية في الوقت الذي أمتنع عن ممارستها حين تتاح لي الفرصة وابقى قاعداً في بيتي بدون أن أشارك في إنتخاب الهيئات التي تعمل على صياغة الانظمة والقوانين والتشريعات التي تشكل في مجملها حماية لحقوق الانسان وواجباته والتي من أبسط صورها حقه في الانتخاب والترشيح ومن هنا ينبغي للفرد نفسه أن يحرص على ممارسة هذا الحق وعدم التفريط فيه طالما وأن المواثيق الدولية والدستور اليمني قد كفلها له .. وواصل الدكتور/ سعد محمد سعد عميد كلية الحقوق الحديث بقوله:لا شك أن حضور الناخبين يوم العشرين من سبتمبر الى مراكز الاقتراع دون ضغط أو إكراه والادلاء بصوته لمن يشاء وبقناعة ذاتية هو تجسيد ملموس وواقعي لمفهوم الديمقراطية التي اشرنا إليها في السطور الاولى من حديثنا وننتهز الفرصة هنا وعبر صحيفة 14 أكتوبر الغراء لدعوة جميع المواطنين ممن لهم الحق في التصويت بأن لا يفوت على انفسهم ووطنهم هذا الحق ويجب أن يتمسك به الفرد وأن يمارسه بشكل عقلاني وصحيح وبما يخدم مصلحة المجتمع بشكل عام.ونذكر هنا بأن مدينة عدن على وجه الخصوص لها تاريخ فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية تعود إلى عام 1959م في فترة المجالس التشريعية وبالتالي فإن المواطن قد أكتسب خبرة طيبة في هذا العمل من خلال اندماجه به لسنوات طويلة وهو اندماج حضاري ومعرفي يتجسد بشكل واقعي في التجارب المماثلة لها وإن كان هناك بعض الاختلاف في الرسائل والاساليب ولكن نلاحظ أن مع دورة انتخابية يزداد وعي الناس وإدراكهم بأهمية التفاعل الايجابي معها وبالتالي تترسخ التجربة ويكون هناك مؤشر تصاعدي في مستويات نجاحها وتحقيق الاهداف المرجوة منها.[c1]سلوك ثقافي تراكمي[/c] ومن جانبه قال الدكتور / محمود شائف - رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في كلية الآداب بجامعة عدن:نحن أمام استحقاق انتخابي ذي قيمة وأهمية كبيرة للمواطن اليمني وفي اعتقادنا أن هذا الاستحقاق هو مكسب خاص لكل مواطن والذي تقع عليه مسؤولية ممارسة هذا الحق بصورة واعية وعقلانية لأنه من المهم جداً على المواطن أن يعرف ويعي كيفية استخدام هذا الحق الذي في تصوري يعتبر أهم سلاح يمتلكه المواطن واعني هنا صوته فإذا استطاع أن يمنح صوته للشخص المناسب في المكان المناسب سواء للانتخابات الرئاسية أو المحلية فلاشك أننا في المحصلة النهائية سيكون لدينا كوكبة من خيرة الرجال الاكفاء والعناصر الجيدة والقادرة على تدبير وإدارة شؤون الدولة بحنكة والتي من شأنها أن تضع الخدمات الاساسية في متناول كل مواطن وبالتالي يستطيع الشعب أن يمنح الثقة للمرشح بالصوت وينزعها عنه بالصوت أيضاً وعلينا أن لا نستهين بهذا الامر الذي يعتبر المحك الاساسي لتحديد الغث من السمين والصالح من الفاسد كما أن العملية الانتخابية ليست مجرد صوت وتأثير على كرت بل هي سلوك ثقافي واجتماعي تراكمي يمنعنا قدراً من المسوولية والجدية والخبرة في التعاطي والتعامل مع هذه التجارب الانتخابية والثقافة الديمقراطية الامر الذي يمكننا من عكس صورة حقيقية لجوهر العملية الديمقراطية والشورى.ويضيف الدكتور/ محمود شائف قائلاً:إن ممارسة العمل الانتخابي يعلمنا عاماً بعد عام كيفية التصويت ومنح الثقة والانتظام في الطوابير وإلتزام الهدوء والابتعاد عن الانفعالات أو المحسوبية والمصالح الشخصية عن الاداء بالاصوات لمن يستطيع حمل الامانة وتأدية حقها وفي المقابل فإن الهدف من العملية الانتخابية هو الوصول الى التبادل السلمي للسلطة وباالتالي فإن المواطن أو الناخب هو الشريك الاساسي في تحديد من يحكمه ويحدد مصيره وليس كما كان في السابق حيث ظل المواطن مجرد شريك وتابع هامشي لا يعطى له هذا الدور في صناعة القرار وهذا ما يميز التجربة الديمقراطية التي أرى أن نجاحها يتوقف على عدد من العوامل من أبرزها حيادية وسائل الاعلام لأنه بدون هذه الحيادية وتكافؤ الفرص وحرية التعبير والمساواة في نقل المشهد الانتخابي الحقيقي ومايدور في الشارع فإن الصورة ستظل قاصرة ومشوهة وبناءاً على ما تقدم ذكره نتمنى أن نستمتع بعرس ديمقراطي حقيقي يشهد له العالم بأسره وأن نثبت للقاصي والداني أن اليمنيين لديهم القدرة على تحديد ملامح مستقبلهم وتطوير انفسهم عن طريق صناديق الاقتراع لننتقل الى حياة أفضل تتميز بالأمن والاستقرار والسلم الاصلي ونؤكد مرة أخرى أنه ليس المهم من ننتخب ولكن المهم هو كيف نمارس هذه العملية الديمقراطية دون إتاحة الفرصة لحدوث أية منغصات والاهم من ذلك كله كيفية التأسيس لعملية نستطيع من خلالها بناء نظام سياسي يحترم حقوق الفرد في المجتمع وعلى رأسها الممارسات الديمقراطية ذاتها..