نبض القلم
الإخلاص روح العمل ، وباعث الهمم للجد والاجتهاد يربي في الإنسان العزيمة الصادقة ، وينمي فيه الإرادة القوية فهو يصقل إيمانه بأهمية ما يعمل ، ويزكي يقينه بصواب نهجه، ويجعل لعمله ثمرة ولسعيه نتيجة.والعمل القليل الذي يزينه الإخلاص خير من العمل الكثير المقفر من الإخلاص. وليت الناس في مجتمعنا اليمني يدركون أهمية الإخلاص في أي عمل يقومون به ، .وذلك أننا كثيراً ما نلاحظ تقاعساً في الأعمال ، أو بطئاً في الإنجاز ، أو إهمالاً في الأداء أو غشاًً في المواد المستخدمة أو تساهلاً في الإتقان ، إذ يؤدي كثير من الناس في بلادنا أعمالاً لا يجيدونها ، ويمارسون نشاطات اقتصادية لا خبرة لهم بها،ولا علم لهم بأسرارها ، فيمارسونها لا حباً في ممارستها ، ولا رغبة في القيام بها ، وإنما لكونها تدر لهم دخلاً سريعاً ، ولفترة محددة . وقلما نجد في بلادنا محلات تقدم خدمات متخصصة وبمهارة عالية ، لأن كثيراً من أصحاب المهن يغيرون مهنهم بين الحين والآخر ، جرياً وراء الربح السريع ، أو بحثاً عن مكاسب آنية ، فترى أحدهم مثلاً يفتح مطعماً في مكان ما ، لكونه قد اكتسب خبرة في عمل المطاعم، فيأتيه الزبائن لجودة طعامه ، وحسن خدماته ، فيفتح الله عليه ويزداد دخله ، فيراه جاره بائع الأقمشة أو الأحذية أو نحوها ، ويحسده على رزقه فبدلاً من السعي لتطوير عمله وتحسين نوعية بضائعه لإرضاء زبائنه ، تراه وقد غير مهنته من بيع الأقمشة إلى بيع الأطعمة وتمضي الأيام فإذا به يغلق محله ، أو يحوله إلى شيء آخر كأن يحوله إلى محل اتصالات مثلاً ، لا لخبرته في هذا المجال وإنما لأنه رأى جاراً آخر نجح في هذا العمل ، وهكذا دواليك ولذلك لا غرابة أن نجد في الشارع الواحد عشرات المحلات التي تمارس عملاً واحداً ، أو تقدم خدمات متشابهة ، في الوقت الذي يحتاج الناس في الحي إلى خدمات أخرى ضرورية.ولذلك لا غرابة إن وجدنا أعداداً كثيرة من الصيدليات في شارع ما ، ولا توجد صيدلية واحدة في شوارع أخرى رغم حاجة السكان إليها، ولا غرابة كذلك أن يتحول سوق الخضار والفواكه في الشيخ عثمان مثلاً إلى محلات لبيع الخردة ومواد البناء ولا غرابة أيضاً أن يحول المرء مهنته بحسب حاجة السوق، فترى بعضهم في موسم افتتاح المدارس يبيع مستلزمات المدارس من دفاتر وأقلام ونحوها ، وما أن يأتي رمضان فإذا به قد صار بائع أدوات منزلية من صحون وفناجين ونحوها ، وعند اقتراب العيد يتحول إلى بائع ملابس ، وفي أيام العيد ينقلب إلى بائع ألعاب أطفال ، وهكذا لا يستقر به الحال.وليت هؤلاء يفهمون أن أي عمل يحتاج إلى من يتقنه ولا يمكن لأحد أن يتقن عمله إلا إذا أحبه، وتفانى فيه ولا يمكن لأحد أن ينجح في عمله إلا إذا بذل كل ما في وسعه لتطويره والصبر على متاعبه ، والإخلاص فيه والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول ( طوبى للمخلصين).