عبر سنوات نشاطها الطويل أصبحت المؤسسة التربوية والتعليمية اليوم دون جدال أكثر توسعاً فيما يتعلق بمهامها الرئيسية وأكثر تناغماً مع المتطلبات المعاصرة ومع ذلك فإنها لاتزال تواصل تجديد وتحديث خطوات تصحيح نظامها وإصلاح نفسها من الداخل والخارج بغية الاستجابة بصورة أكثر فاعلية لتحديات العصر وتوفير فرصة قيمة للنظر إلى الخلف لبحث الأسباب الجوهرية التي صاغت وشكلت أنشطتها في عالم أكثر تعقيداً وتنوعاً بما يؤهلها تقديم وإعداد مداخلات وإرشادات تقف خلف الصالح العام بما لا يمنعنا ذلك من إدراك أكثر وضوحاً لصعوبة مهمتنا عن مواصلة العمل من أجل تهيئة واقع أكثر معرفة وثقافة بأفكار تنويرية وإنسانية، وهذه هي الشعلة الخفية التي تغذي المجتمع والهدف الأساسي لمختلف جهودنا.لذا من الضروري تركيز انتباهنا على الألهام الأخلاقي لها واهتمامها بتجسيد مبادئ وأنظمة وقواعد وسلوكيات رسالة التعليم المقدسة في ضوء المعطيات العصرية لوسائل وتقنيات مصادرها المعلوماتية ووظيفتها العمومية في إرساء المعايير المتميزة واتقان ارتقائها واحتياج المرحلة في الأوقات الفاصلة الاعتيادية من أجل إعادة استكشاف خبايا موطن الشعلة الخفية للتربية والتعليم التي تمنح معنى شاملاً وعميقاً للوحدة المعرفية والعلمية الكلية.إن انجاح عملية التحضير والتطوير لعملنا المؤسسي بابعاده وأهدافه الإنسانية والحضارية، وفي السعي وراء تدابير مهمة التأمل الذاتي كمتطلب دائم خاصة واننا نعمل ضمن كيان ضخم تحمل على عاتقه مسؤولية البناء وإعداد وتربية الأجيال عبر شرح المعنى الذي صارت بموجبه التربية والتعليم مؤسسة متشعبة الواجبات الخدماتية العلمية والإنسانية، اعادت كشف سلسلة مجموعات نفيسة من المعلومات.وانطلاقاً من مفهومنا لتركيبة منظومة الحياة الطبيعية نرى بان الإنسانية مهما قدمت من منجزات وأعمال عظيمة وجليلة تظل في طور البناء إلى الأبد، مما يذكرنا ويلفت نظرنا إلى اسهام دور المؤسسة التربوية في تنفيذ مهمتها القدسية لتركيبتها والدنو من القيم والمثل التي تلهمنا في إصدار احكام لا تجعل التعلم والحكمة منه طرفين معاديين لثقافات المجتمع، بل ان أي تقاد في المعرفة هو ضمان التقدم في حقل الأخلاقيات ومن ثم في السلوك الاجتماعي في سبيل القضاء على شبح الجهل وكيانه باعتباره مصدر الشرور الحقيقية الوحيد والفريد لجميع الحظوظ البائسة المادية والمعنوية وبما صنفته على نحو جلي وان الجهل أيضاً مصدر للعلل الإنسانية والاجتماعية وأن الجهلاء على مدار حياتهم كانوا يجهلون واقع ثقافات حضارات شعوبهم ومجتمعاتهم بل يجهلون أحدهم الآخر مما أدى إلى ازدراء بني البشر من بعضهم البعض وبدأوا بعدها في كره بعضهم البعض، وأخيراً قاموا بشن الحروب على بعضهم البعض.وعليه فان المؤسسة التربوية اليوم قد بدت مذهلة حقاً حين أرست لنفسها بوضوح هدف إنشاء مجتمع إنساني في سلام مع نفسه على أسس من المعارف والمفاهيم الثابتة عبر مجالات اختصاصاتها وعلومها وثقافاتها بنوايا أكثر التزاماً لأدبيات الثقافات الإنسانية المتعددة، غير أن الطريق طويل على أي حال من هذه الفكرة المبدئية ورفع المعرفة إلى مكانة القيمة العالية وما سيتبع ذلك من اقصاء للجهل ونطاقاته الواسعة من خلال مزاولة أنشطتنا وتنفيذ خططنا وبرامجنا كثيرة العدد وفي المأمول ان يساعد هذا على اطلاق النظر إلى نطاق المهمة، ثمة دراسات موجودة بالفعل بانتظار عمل حقيقي كبير يحقق تمام الرسالة وكمالها، ونحتاج لالقاء نظرة جديدة ثاقبة ومتمعنة على المتطلب الأخلاقي وارتباطه باحتياجات أدوات العلم وتقنياته للقيام وفق منظور حساس للأفكار العقائدية والروحية في صياغة مفهوم التعليم وحماية رسالته من النسيان وبناء ذاكرة عمل مؤسسي وصقل الوعي المتصل بالتاريخ الثري لمستقبل أفضل.
مفهوم رسالة التعليم
أخبار متعلقة