اتهم الأمريكيين بالتخطيط للأمر لإحداث فتنة مذهبية
بغداد / وكالات : في الوقت الذي أحدث توقيت إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في أول أيام عيد الأضحى جدلا في الأوساط السنية داخل العراق وخارجها، فقد أثار أيضا جدلا في الأوساط الشيعية بين مؤيد ومعارض. وفي هذا الإطار، وصف المرجع الشيعي العراقي آية الله جواد محمد الخالصي توقيت تنفيذ الحكم بإعدام صدام بأنه “بلاهة وبلادة وغباء”. في الوقت نفسه، اتهم الأمريكيين بالتخطيط لعملية الشنق في هذا الوقت لإثارة فتنة مذهبية. وقال الخالصي، عضو التنظيم الشيعي المعروف باسم الحركة الإسلامية في العراق، الأمين العام لمؤتمر العراق التأسيسي، كان يمكن أن يحصل أي تأجيل أو تغيير في الوقت حتى لا تدخل الأمة في هذه المتاهات، إن كنا قد رضينا بأصل المحكمة التي حاكمته، فنحن معترضون منذ البداية عليها، ولا نرى فيها الشرعية لأنها جرت بأمر المحتل وتحت ظل الاحتلال. واستطرد الخالصي: في نفس الوقت نحن نقر بخطورة وصحة التهم الموجهة لصدام حسين، ولكن كان يجب أن تجري في محكمة عراقية شرعية تستطيع أن تكشف كل الملفات بشكلها الصحيح، ولا تتجه نحو الانتقام لكي تخفي كل الملفات والعلاقات السابقة الخطيرة التي جرت في الفترة الماضية وأدت إلى كوارث كبيرة على الشعب العراقي. وأضاف: مع كل هذا، لو كانوا أكثر عقلا، وكانوا يرغبون في ألا تحدث فتنة، لتمهلوا في هذا الأمر “توقيت تنفيذ الإعدام” وتجنبوا أن تقع هذه الخلافات المأساوية في أيام أعياد المسلمين. وردا على سؤال عن احتمال وجود شبهة حرمة دينية لتنفيذ الحكم يوم العيد وفي الأشهر الحرم، أجاب آية الله جواد الخالصي: الذي أعلمه أن بدء القتال في هذه الأشهر نهى عنه الله تعالى، وكانت العرب تلتزم به قبل الإسلام، وكانوا يعملون النسئ كما ورد في الآية الكريمة، أي يؤجلون أشهرهم الحرم إلى أشهر أخرى، حتى يقاتلوا فيها. فالقتال هو المحرم، أما إقامة الحدود أو تحقيق القصاص إذا كان بأمر شرعي وبمحكمة شرعية، فلا أرى مانعا أن يقع في الأشهر الحرم، أو حتى في يوم المناسبة الدينية، لكن من ناحية الذوق والخلق والأعراف، يجب أن تؤجل هذه المسائل في المناسبات الدينية والأعياد. وعما إذا كان البعد الطائفي تمثل في الهتافات التي صاحبت مشهد الإعدام علق المرجع الشيعي العراقي آية الله الخالصي بقوله: نعم.. هذه عبارات وشعارات وكلمات يعرف الذين فعلوها وخططوا لها إنها تنحى إلى تشديد الجانب الطائفي في المجتمع وتشديد الأزمة القائمة. وأنا اعتقد أن الذين قاموا بهذا العمل أدخلوا إلى مكان التنفيذ بأمر القوة الحاكمة التي سلمت المحكوم عليه وهي قوات الاحتلال الأمريكية، والقول إن الأمريكيين أرادوا تأجيل الحكم أو تأجيل التنفيذ قول زائف، فقد كانوا يستطيعون ألا يسلمونه فيتأجل موعد التنفيذ تلقائيا. وتابع: ولكن المخطط كان واضحا أن يسلموه وأن يجري تنفيذ الحكم فيه، وأن يقوم البعض بالصياح وإصدار هتافات تتجه إلى المنحى الطائفي لتشديد الفتنة، وقد أعلن الكثير ممن نسبت إليهم هذه الهتافات أن هذا العمل لا يمت إليهم وأنهم لا يتحملون وزره ولا يتحملون أثار الموقف الذي جرى هناك، لأن العبارات التي وردت كان يراد منها استدراج أطراف في الساحة العراقية لا تحبهم قوات الاحتلال، لكي يصطدموا يبعضهم أكثر وأكثر. وقال الخالصي إن الذين أرادوا تنفيذ مشهد الإعدام بهذه الكيفية نجحوا في بث الفتنة بشكل نسبي، فمظاهرات التأييد ومظاهرات الاحتجاج المعاكسة لها، كما رأيناها على الفضائيات لم تكن بذلك الزخم الهائل الذي ينبئ عن نجاح المخطط كاملا، ولكنها محاولة جديدة استدرج إليها البعض، وكل يتكلم من جانبه، فمن كان مكلوما أو مجروحا أو أؤذي في زمن النظام السابق من المآسي والكوارث التي جرت فيه، أظهر الرضا والشماتة. ومن لم يكن كذلك أخذ الجانب الآخر الذي اعتبر هذا اعتداء على الأمة العربية وعلى مواقفها. وأضاف الخالصي: أنا شخصيا تجنبت الحديث في هذا الموضوع حتى هذه اللحظة لأنني لا أرى الشماتة تليق بالإنسان الكريم، كما أن المآسي التي جرت في الفترات الماضية مآس واقعية وحقيقية تستدعي الكثير من التأمل والنظر وعدم الانجرار خلف التأييد الذي تدفع إليه العصبية في بعض الأحيان. وعن إمكانية تقليص رقعة ما حصل من فتنة سنية شيعية قال: سنعمل إن شاء الله على ذلك من خلال المناشدة التي وجهناها علنا وسرا إلى أبناء شعبنا في العراق وإلى أبناء أمتنا في كل مكان، وقلنا لهم إن الصراع الذي يجري هو بين هذه الأمة ومشروعها النخبوي الإسلامي الحضاري، وبين المشروع الصهيوني المدعوم من قوى الاحتلال وقوى الهيمنة الأمريكية في العالم. واستطرد: لا يمكن أن ينتصر المشروع الصهيوني في هذا الصراع إذا اتحدت الأمة، ولذلك هم يسعون إلى إثارة الصراعات الجانبية داخلها بين قومياتها وطوائفها وأحزابها كي يبقى العدو الصهيوني في حالة انتظار وارتياح، فإذا كانت هنالك طوائف يصورون الأمر من المنحى الطائفي كما يجري في العراق وكما يحاولون في لبنان، وإذا لم تكن هنالك طوائف فإنهم يصورونه فئويا كما يجري اليوم بين فتح وحماس، وهذا الأمر هو الذي يعمل عليه مشروع الاحتلال والنقطة المركزية فيه أن تثار هذه الفتن بين أبناء الأمة. وأنا أطالب بأن يتجاوزوا كل خلاف جانبي لأن مصيرهم واحد ولأن الله لا ينصر أمة مشتتة تقسم دينها وأفكارها بلا سبب أو وعي. ويشرف آية الله جواد الخالصي على مدرسة الزهراء الخالصية التي أسسها جده محمد المهدي في العراق عام 1911، وقد نفى جده لسنوات طويلة إلى الهند التي انتقل منها إلى إيران، وتوفي فيها. أما والده فنفي إلى إيران وبقي فيها27 سنة في عهد رضا شاه والد الشاه الإيراني الأخير.. ورغم ذلك ظلت المدرسة الخالصية تمارس عملها في العراق حتى عام 1980، حينما استولى النظام السابق عليها، واضطر هو إلى الخروج من العراق والبقاء 23 عاما متنقلا بين إيران ولبنان وسوريا، وصدر عليه الحكم غيابيا بالإعدام. وهو من الأوائل الذين أسسوا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وقد خرج منه بعد تأسيسه بسنتين لرفضه توجهات المجلس التي يصفها بالأحادية الضيقة.