صـباح الخـير
ما تعيشه البشرية اليوم ، بقضها وقضيضها ، من خير وشر ، ومن انحسار في القيم والأخلاق الإنسانية ، من تناقضات الأقوال والأفعال ، من تفاوت في مستويات حياة الشعوب والدول ، ومن الآثار المدمرة لحياة البشر من جراء النزاعات والحروب ، التي يحاول البعض من خلالها السيطرة والهيمنة والطغيان واستبداد الآخرين الذين ولدوا جميعاً أحراراً .. كل ذلك وغيره يستدعي محاكمة التاريخ ، وتوجيه التهم لمن كان سبباً في تفشّي الظواهر السلبية في حياتنا اليوم ، وإنصاف من تصدّى لتلك السلبيات باستمرار .لا أولوية هنا في ما هو مادي أو مثالي من أسباب لوعي الناس ومستوى إدراكهم لحقوقهم وحاجاتهم ومصالحهم ، وهو شرط حاسم في تحررهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، في مجرى تحققهم الذاتي في الحياة ، وفي أن يكون لحياتهم معنى وهدف والإنسان كائن اجتماعي بطبعه ، لا يمكن أن يعيش بمعزل عن الآخرين ، وعن البيئة والوسط الاجتماعي والطبيعي المعاش، يؤثر فيه ويتأثر به دوماً وأبداً ، هكذا في إطار كيانه المحلي أو العالمي .كل الحضارات في عالمنا قامت على جماجم وعرق المستضعفين والمعذبين في الأرض ، ووجد على الأرض قلة تملك كلّ شيء ، وأغلبية لا تملك شيئاً ، وهذا وحده كان وراء كل الثورات التي شهدها عالمنا ، ويبدو أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيقود حتماً إلى ثورة أو ثورات جديدة تعيد الحق لأصحابه وتقيم ميزان العدل في عالمنا ، وتضع حداً للنزاعات والحروب ، القائمة على نزعة الاستئثار والاستحواذ والاغتصاب لحقوق الآخرين ، وسيتحقق هذا طال الزمن أم قصر .تلك هي رسالة الأجيال المتلاحقة من بني البشر في مسيرة نضالها الدؤوب من أجل إرساء دعائم العدل والمساواة بين بني البشر على اختلاف عقائدهم وايديولوجيتهم وقومياتهم ولغاتهم ومناطقهم ، وهذا وحده هو الآن مبرر الوحدة والتضاد أو الصراع ، ولا معنى لأي صراع آخر ، وكل ما نحتاجه أن نتعامل بفهم مع قوانين التطور الموضوعية ، ونفهم الارتباط الشرفي بين السبب والنتيجة في أوضاعنا القائمة ، ونعرف حدود الناس بين الحرية والضرورة ، وماذا يعني قانون نفي النفي ، وأن التراكم الكمي يؤدي بالضرورة إلى تحول نوعي يحقق انسانية الإنسان في نهاية المطاف ، وأن العام والخاص والفردي متوحد دائماً .إن تغيير العالم إلى الأفضل وسيادة السلام على وجه الأرض ، يقضي أن تكف الدول الغنية عن جشعها وأنانيتها ، وتقر بحق كل البشر أن تعيشوا حياتهم كيفمايتشاؤون ، وأن يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات ، وأن تكون للجميع مصالح وأهداف عامة مشتركة ، تلبي احتياجات الجميع دون استثناء أو تمييز أو تعالٍ .. ألخ ، وهذا هو حكم التاريخ القابل للتنفيذ من الآن .