أ / أحلام صالح عباس:تفشت الأمية في اليمن بفعل سياسة التجهيل التي فرضتها كل من السلطتين الإمامية في الشمال والاستعمارية في الجنوب.إلا أن الكتاتيب كانت منتشرة في كل أرجاء اليمن شماله وجنوبه مدنه وقراه. لتعليم القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية الشريفة وسيرة الرسول عليه الصلاة والتسليم وقصص الأنبياء في القرآن الكريم. كذلك نرى أدب الأطفال في السنوات الأولى كان من واجبات الأسرة والجدة أو الأم أو الأب وغيرهم من أفراد الأسرة ، لذلك كان خاضعاً للاجتهاد الشخصي والتقليد وتوارث التراث جيلاً بعد جيل ، وباعتبار التعليم هدفاً من أهداف أدب الأطفال فقد استطاعت بلادنا وبإمكانياتها المتواضعة خلال فترة زمنية قصيرة أن تحقق مكاسب لها أهميتها في مجال تربية وثقافة الطفل. [c1]القرآن الكريم وعلاقته بأدب الأطفال[/c]القرآن الكريم بالنسبة للأطفال سواء في اليمن أو في البلاد الإسلامية أو العربية هو أول النصوص الأدبية التي يتعاطونها ويتعلمون منها آداب الأطفال المتعارف عليها عالمياً.وعن سؤال : هل يمكن اعتبار القرآن الكريم نصاً أدبياً مقرؤ ً للطفل؟ يجيب الأخ عبدالمجيد القاضي في كتابة أدب الطفل اليمني عن السؤال فيقول:« عن تجربة نعم وبرغم الإكراه والتشدد والقسوة التي يتعرض لها الطفل في البيت وفي الكتاب إضافة إلى صعوبة المادة وتراكيبها المباشرة ، وكلها عوامل منفرة آخذاً بالقواعد التربوية الثابتة ، إلا أن تجاربنا في اليمن تؤكد أن الطفل ينقاد مع هذه العوامل إلى تلقي القرآن قراءة وكتابة وحفظاً ، بل وبفهم يتنامي مع تناميه في السن بصرف النظر عن التفاوت في القدرات . علماً بأن الطفل اليمني يبدأ في الأخذ من القرآن الكريم بمجرد بلوغه الرابعة ، أي في مطلع مرحلته الأولى القابلة للتلقي».إن الطفل والطفل اليمني بالذات وعلى مدى ثلاثة إلى أربعة أعوام هي الفترة القاسية التي يختم بها الطفل القرآن الكريم يكون قد نهل من هذا المنهل اللغوي الكريم اكبر قاموس من المفردات اللغوية والتعابير البلاغية ، ومر على أحسن القصص التي يزخر بها القرآن الكريم إلى جانب تحليه بقدر كبير من مكارم الأخلاق التي تعلمها من القرآن الكريم والصبر والعظة والعبرة من قصص الأنبياء.ويوحي للطفل بالعقيدة الدينية الصحيحة ويدله على طريق الخير والشر ويعرفه مواطن الصواب والخطأ . ومنازل السعادة والشقاوة . لذا يستطيع الطفل أن يستشعر بالاطمئنان والثقة من خلال قراءته للقرآن الكريم. [c1]نشأة قصص الأطفال في اليمن [/c]الطفل اليمني سواء في الأرياف أو في المدن بواسطة الحكايات المروية على لسان الجدات والأمهات عرف كماً كبيراً من القصص الأدبية بما فيها العالمية مثل قصة « سندريلا» والمعروفة في اليمن بقصة « وريقة الحنة» وحكايات « ألف ليلة وليلة » و«كليلة ودمنة» وقصص الأنبياء. كل هذه القصص كانت تروى للأطفال في الليل وبأسلوب مؤثر ومشوق يعجز عنه رواة القصة الإذاعية بمؤثراتهم الصوتية. ويتساءل الأستاذ عبدالمجيد القاضي« عن من لقن هذه الحكايات لهؤلاء النسوة الأميات اللاتي بالكاد يعرف بعضهن القراءة والكتابة إذ أن معظم القصص مأخوذة من التراث الإسلامي أو القصص العالمي المدون ، ويجيب عن هذا السؤال بأن أجدادنا كانوا يتاجرون بمنتجات يمنية ويسافرون بالبر والبحر إلى مختلف الأقطار العربية أو الأجنبية كدول آسيا الهند والصين» والدول الإفريقية واختلطوا بأناس من مختلف الجنسيات خلال سفرياتهم فيجلسون للسمر والتسلية ويتبادلون الحكايات والنوادر والأساطير والقصص المختلفة ويتعرفون على العادات والتقاليد والثقافات المختلفة وكانوا بالتالي يروونها للنساء عندما يعودون من سفرهم ، وبالتالي النساء يحكين هذه الحكايات لأطفالهن وجاراتهن وبالتالي تنتشر بين الناس عن طريق الرواية . لذلك لعبت هذه الحكايات دوراً لا يستهان به في شحذ خيال الطفل وحبه لكل ما يتعلق بأعمال الخير وكرهه للأعمال الشريرة ومرتكبيها.إذن لم يعرف الطفل اليمني القصص إلا ما وجد من قصص القرآن الكريم أو ما وجد في النصوص المدرسية التي اعتمدت على الوعظ والإرشاد أو القصص العالمية المترجمة مثل قصص المكتبة الخضراء التي كان لدي شخصياً عدد لا باس به منها كالأميرة سنو وايت ، الرجل ذو اللحية الطويلة والملك العادل والغابة المسحورة والقصص البوليسية عن دار المعارف في مصر كقصص (المغامرون الخمسة والمغامرون الثلاثة ومجموعة الشياطين الـ 13 للشباب) ومازالت محتفظة ببعضها إلى الآن إلى جانب المجلات العربية التي كانت تصدر في بعض الدول العربية مثل مجلة سمير وميكي وطرزان وسوبر مان ثم ماجد. وهذه كلها كانت حصراً على المدن الكبيرة في الشطرين سابقاً . وكانت مع ذلك من الندرة بحيث لا يحظى بها إلا أبناء الميسورين إلا أننا كنا نتبادل هذه القصص والمجلات مع زميلاتنا وقريباتنا. إضافة إلى ذلك كان الكثير من الأوائل أو من كتبوا للطفل في اليمن بعد ذلك مثل القاص شريف الرفاعي ولطفي جعفر أمان وعلوي السقاف ونجيبة حداد وعبدالمجيد القاضي وغيرهم قد تأثروا بمن قرأوا لهم مثل كامل الكيلاني الذي كان رائد أدب الأطفال كما ذكر الدكتور عبدالعزيز المقالح في كتابه « الوجه الضائع دراسات عن أدب الطفل العربي» كان كامل الكيلاني من اكبر رواد الطفل في اللغة العربية قد استأثر هو الأخر بفضل الريادة النثرية فقد أغنى المكتبة العربية الفقيرة من أدب الطفل بعشرات الكتب المؤلفة والمترجمة والمقتبسة من شتى الآداب واللغات كما عني بشكل خاص بتبسيط بعض الكتب العربية للشباب والأطفال الناضجين مثل كتاب « حي بن يقظان» و «رحلة أبن جبير» وبعض قصص ألف ليلة وليلة وعني بشخصية جحا العربي لارتباطها بعالم الفكاهة والطفولة « كما أن الشاعر الكبير احمد شوقي كان له فضل الريادة في الكتابة الشعرية للأطفال والشاعر الكبير سليمان العيسى كما تأثر الكتاب اليمنيون أيضاً بمحمد عطيه الإبراشي ومحمد سعيد العريان وغيرهم إلى جانب ما تطور من الأعمال القصصية العربية في الستينات وحتى السبعينات فقد ذكر عبدالمجيد القاضي انه تأثر بما قرأ لمصطفى إبراهيم عزوز وزكريا تامر، وزين العابدين« كاتب فلسطيني كتب قصة رائعة كما يقول هي « حارسة الينبوع» وغيرهم ممن كتبوا للطفل بعد الرعيل الأول وغيرهم من الأجانب الذين ترجمت أعمالهم إلى العربية واستقى الطفل اليمني من كل أولئك ثقافته المحدودة وإن كانت في معظمها نابعة من بيئات غير بيئته. ونتساءل هل عرف الطفل اليمني نصاً قصصياً يمني التأليف ؟! لأنه لم تكن هناك قصة يمنية موجهة للطفل على مستوى الساحة اليمنية الا من بعد منتصف السبعينات كما ذكر كل من الأخت نجيبة حداد مدير ادارة ثقافة الطفل في وزارة الثقافة والاخ عبدالمجيد القاضي في كتابة إذ قال: أنه اول من نبه الى ضرورة كتابة القصة وكتب قصة للأطفال تحت عنوان « غراب في حديقة الحمام» في ديسمبر 1973م وفي بداية عام 1975م نظم المجلس الاعلى لرعاية الطفولة اول مسابقة لقصة الطفل اليمني للمدارس الابتدائية وأنشودة لمرحلة ما قبل الابتدائية اشترك فيها القاضي بثلاث قصص ونال المركز الأول لقصته« مجمع المنحل والزنانير المستفلة» ونال المركز الثاني في المسابقة الأستاذ حسين باصديق والمركز الثالث القاصة شفيقة زوقري. كما ذكر القاضي والأخت نجيبة حداد بأن هناك شخصيات أدبية يمنية كبيرة قدمت أعمالاً قصصية ومسرحية للطفل ومنهم أديب قاسم وعبدالله سالم باوزير وحسين باصديق وعلي عوض باذيب وكمال الدين محمد ، أما بالنسبة للشعراء الذين كانت لهم تجارب وقدرات متميزة فيما يتعلق بأغنية وأنشودة الطفل فهم إدريس حنبلة وعبده علي بعيصي وغيرهما أما بالنسبة للعناصر الشابة من النساء اللاتي ساهمن في كتابة القصة في اليمن ، فهم شفيقة زوقري ، نجيبة حداد وزهرة رحمة الله وسميرة عبده علي وشفاء منصر، وابتهاج سلطان في عدن وصدرت لهم بعض القصص المطبوعة . أما بالنسبة لصنعاء فقد صدرت سلسلة كتاب الطفل بوزارة الثقافة في صنعاء لكتاب وقاصين يمنيين منهم محمد مثنى وعبدالكافي محمد سعيد وزيد مطيع دماج وبلقيس الارياني وعلي الاسدي وغيرهم. ولكن أصيب البعض منهم بالإحباط في كل من عدن وصنعاء نتيجة لإهمال وزارتي الثقافة في ذلك الوقت من إخراج بعض هذه القصص في كتاب وبذلك حرم الطفل من أجود الأعمال القصصية التي كانت ستمتعه وتفيده. الصعوبات والمعوقات التي حالت دون كتابة أدب الأطفال في اليمن ترجع إلى الأسباب التالية:قلة المجيدين ممن يكتبون للطفل. عدم وجود كادر مؤهل أو قادر على إخراج القصة بشكلها المطلوب من حيث رص الحروف ببنطات معينة وفرز الألوان والمونتاج والتقنيات الأخرى في الإخراج. تعرض هؤلاء الكتاب للإحباط عن طريق: إهمال أعمالهم كما حدث لبعض كتاب القصة والمسرحية المبدعين. حصر طباعة الكتب بكتاب واحد في العام للمبدع الواحد لقلة الإمكانيات المادية المخصصة لهذا الجانب. امتلاك حقوق الطباعة لوزارة الثقافة دون أن تكون هناك حقوق للباحث أو للكاتب إلا من بعض النسخ التي تمنح له وصغر حجم المكافأة المالية التي تضيع في المتابعة لاستلامها من شهر لأخر ومن عام لآخر. الأديب غير متفرغ وهو موظف وله همومه التي تفرضها الوظيفة وحياته المعيشية بعكس الأديب المتخصص في أدب الطفل والمتفرغ لعملة وأدبه ويسافر ويختلط بالأطفال وبذلك تتجدد معارفه وباهتمامات الطفل ونفسيته. عزوف الأدباء الكبار عن ممارسة الكتابة للطفل أما للأسباب السابقة او لترفعهم عن الكتابة للطفل لاعتقاد البعض منهم انه ادب متدن ولا يقود الى الشهرة . [c1]المسرح المدرسي اليمني بين صنعاء وتعز والحديدة وعدن[/c]بدأ الاهتمام الاولي بالمسرح المدرسي في شمال الوطن بعد العقد الأول من القرن الماضي سنة 1330هـ خلال آخر سنوات الاحتلال التركي لشمال الوطن وذلك بعد عودة بعض اليمنيين الذين سافروا إلى ما كان يعرف بـ الأستانة - اسطنبول “ حيث حاول هؤلاء مع بداية افتتاح المدارس في اليمن أن يقدموا بعض التمثيليات ليؤديها طلبة المدارس ويعرضوها على الناس . ولكن هذه التجربة لم تلق الترحيب والتشجيع للتطور بل أنها جابهت هيمنة الإمام وتزمت زبانية فأجهضت قبل أن تترك أثراً يذكر في سيرة المسرح اليمني”. إذن كانت نشأة المسرح في شمال اليمني في مطلع الأربعينات كما ذكر الأستاذ سعيد العولقي في كتابه “ سبعون عاماً في المسرح اليمني” وكان للمدرسين العرب السوريين والمصريين والفلسطينين والعراقيين دور كبير في إنشاء هذا المسرح ومن هذه المسرحيات التي ذكرها العولقي والتي كان يقدمها طلبة المدارس في المناسبات أو في نهاية العام الدراسي “ طارق بن زياد” وسير الخلفاء الراشدين، موسى بن نصير ، صقر قريش، وموسى والخضر ، حلاق بغداد، ونوادر جحا وحكايات من ألف ليلة وليلة والأساطير الشعبية. كانوا يعمدون إلى هذه الأعمال يستنبطون منها أعمالاً مسرحية تبرز العدالة ونقيضها ويهدفون إلى نقد الإمام بأسلوب رمزي مغلف في إطار تاريخي.ويتذكر د/ عبدالعزيز المقالح أنه في نفس تلك الفترة أعد ولأول مرة مسرح حقيقي بساحة المدرسة الثانوية بصنعاء توفرت له الكثير من عناصر التجهيز من خشبة وستائر وديكورات وقد مثلنا الناس لفترة طويلة. وفي حارتنا باب شعوب وحارة الفليحي قدمنا العديد من العروض والمسرحيات المأخوذة من الأساطير والتي تتحدث عن الحيوانات والسحرة والعجائب.وكانت تلقى الإعجاب، وكنت أشاهد مثل هذه العروض في حارة باب شعوب والفليحي كما وجد النشاط المسرحي في المدارس والحارات في كل من تعز والحديدة، وهذا دليل على أن المسرح اليمني كان له حضور فاعل في المدن اليمنية الشمالية وإن رافقه بعض التقصير في بعض المدارس الثانوية والمتوسطة وخاصة المدرسة الإرشادية.أما الشاعر البردوني رحمه الله فيقول (نشأت المسرحيات في المدارس الثانوية والمتوسطة في صنعاء وكانت أعياد الجلوس الإمامي المناسبة المهمة لهذه المسرحيات المقتبسة من الأعمال التاريخية) وإن كان يرى أن مثل هذه الأعمال لا تدل في تأليفها على معاناة أو إصابة لأنها كانت جاهزة أو شبه جاهزة إلا أنها تبرهن على عراك مكبوت في النفوس بنفس القدر عن الصراع الوهمي على الخشبة.أما بالنسبة للمسرح المدرسي في حضرموت فقد لعب دوراً كبيراً في تأجيج الروح الثورية عند المواطنين مما عرض بعض المدارس .