يبدو أن السينما العربية بما يتوافر لها من إمكانيات فنية ومادية وبشرية وتاريخية ، بالمقارنة للسينما الإسرائيلية غير قادرة على ابراز انتصاراتها ، ومعالجة وإبراز قضاياهم القومية التي يمكن من خلالها أن تغير صورة العرب أو تعرض قضايا المصيرية أمام العالم في حين قدمت إسرائيل حتى الآن نحو مائتي فيلم حربي يتغنى بانصارات اليهود حتي الآن ولقد أنتجت السينما الإسرائيلية خلال حربها مع مصرالعديد من الأفلام العسكرية التي تناولت حروبهما معا منذ النكسة وحتى انتصارت أكتوبر ، وكان عدد هذه الأفلام كبير مقارنة بالأفلام العربية ، فبينما انتجت السينما المصرية عددا قليلا من الأفلام العسكرية، فعلى النقيض نجد السينما الحربية الإسرائيلية قد حققت تقدماً كبيراً أثناء فترة هزيمة حرب 1967 فكانت أفلامها العسكرية تحمل مغزى اسطوريا في تحقيق النصر ، لأنها لم تكن تتوقع إسرائيل هذا النصر ما دفعها لإنتاج عدد من الأفلام التي كانت تحمل معنى الفخر و الاعتزاز بهذا النصر وقام كتاب الدراما بتأليف قصص وهمية عن بطولات وأساطير إسرائيلية كان مكانها هي عقولهم فقط.ومن بين هذه الأفلام فيلم بعنوان “ He Walked Through the Fields “ وتم إنتاجه عام 1967وهو عن قصة موشي شامير وفكرة الفيلم كانت قائمة على الجيل الثاني من اليهود المهاجرين الذي خاض حرب الأيام الستة 1967 وقام ببطولتة آسي ديان ابن وزير الدفاع الإسرائيلي الشهير موشيه ديان والذي كان في ذلك الوقت اسطورة عسكرية إسرئيلية ، مما اعطى الفيلم درجة كبيرة من الشهرة لتقديمه نظرية هذا الجيل لتأسيس دولة إسرائيلية ، كما تناول الفيلم العلاقة بين الجيل الأول والثاني من المهاجرين لتكوين دولة إسرائيلية وما قاموا به أثناء حربهم مع المصريين . ثم قدموا فيلم آخر بعنوان” Azit the Paratroop Dog “ وتم إنتاجه عام 1972 والفيلم يحكي قصة كلب ألماني لدية القدرة على أن يقوم بعملية فدائية من أجل إنقاذ صاحبه الذي وقع أسيرا في يد العرب وفي نهاية الفيلم يقوم الكلب بإنقاذ صاحبه ، والفيلم يحمل فيه معني السخرية والاستخفاف بالعرب الذي يستطيع مجند يهودي الفرار منهم بواسطة كلب ، والفيلم قام بكتابته موتا جير وهو كان رئيسا لهيئة الأركان الإسرائيلية اثناء حرب 1967 .
ثم جاءت انتصارت أكتوبر ومعها انتهت فرحة السينما الإسرائلية بهزيمتنا فقد كان لهذا الانتصار دور مهم في انتهاء اساطير اليهود في الانتصارت على المصريين ، فكانت صدمة الهزيمة لديهم أوقع من صدمة فرحتهم بهزيمة 67 فقد بعدت أفلام هذه المرحلة عن تصوير البطولات العسكرية والتي باتت أكثر الماً في تذكير اليهود بالهزيمة ، وظلت السينما على ذلك حتى نهاية السبعينيات وبعدها بدأت السينما تأخذ شكلا اخركانت مهمتة توضيح الدور الذي قام به جيش الدفاع الإسرائيلي في مواجهة المصريين وليوضح أنه قام بدوره على أحسن وجه مع إظهارالجندي الإسرائيلي في صورة تحمل الكثيرمن الوحشية. ومن بين هذه الأفلام فيلم “Late Summer Blues” ويتناول الفيلم أحداث الحرب في الفترة 1967 وحتى حرب أكتوبر وهي فترة حرب الاستنزاف والتي فقدنا فيها الكثير من المصريين الشهداء ،وهو يعتبر الفيلم الإسرائيلي الوحيد الذي تناول فكرة حرب لاستنزاف من خلال مجموعة من الطلبة من الجيل الثاني من المقاتلين بعد جيل حرب 1967 ، والذين عاشوا على البطولات الإسرائيلية الوهمية لحرب 67 ، والذي يكتشف الحقيقة الوهمية للحروب الإسرائيلية واستحالة الحياة وسط الحروب فالفيلم يصور ما يدور في عقول الشباب الذي عاش على وهم النصر المزيف . وآخر الأفلام التي قدمتها السينما الإسرائلية أيضا فيلم “ Kippur “ “ أو ‘ يوم الغفران “ والذي تم إنتاجة عام 2000 وهو يعتبر الآن من أهم الأفلام الإسرائيلية في السينما ، فكل الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر كانت تلقي دائما اللوم على المخابرات الإسرائيلية مسئولية الهزيمة لكونها لم تتكهن بميعاد الحرب الحقيقي وغفلت عما فكر فيه المصريين ، وكانت النتيجة الهزيمة فتوقيت الحرب هو سبب هزيمتهم من وجهة نظرهم ، ولكن المخرج الإسرائيلي للفيلم Amos Gitai قدم رؤية خاصة به فقد عالج الحرب من وجهة نظر الجنود و لم يتحدث عن الجوانب السياسية مثل الأفلام السابقة ، وGitai هو مخرج يهودي قدم الكثير من الأعمال في الدول الأوربية التي حملت معها وجهة نظر خاصة به فيها الكثير من الحيادية لقضية اليهود كما أن أفلامه دائما ما تنقد اليهود ، ويدور الفيلم حول اثنان من الجنود اليهود الذين يشاركان في الحرب وينضموا لفرقة إنقاذ جرحى في مرتفعات الجولان السورية وعندما يصلان لمنطقة الحرب يجدان القوات الإسرائيلية قد انسحبت من الجبهة و المنطقة تملأها بالفوضي بعد الانسحاب .ولكن القائمين على صناعة الأفلام اليهودية نقدوا هذا الفيلم بشدة لبطء أحداثه كما تعرض الفيلم لهجوم شديد من كل الإسرائيلين لتقديم المخرج فكرته الحيادية والتي يرفضها اليهود فلم ينحز إلى قضيتهم على الرغم من تقنية الفيلم العالية وجودة التصوير. وإذا كان البعض يرى أن اهتمام السينما الإسرائيلية بالأفلام العسكرية قد انخفض وخصوصا بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل و مع انتهاء الحرب الباردة بينهم مما جعلت اليهود يبتعدون عن فكرة تقديم أفلام عسكرية مع المصريين وأصبح من الصعب تقديم فيلم عسكري فإن إسرائيل انفتحت أكثر على اقتصاد العالم الخارجي وهذا بدوره اثر على عمل المنتجين في إسرائيل وعلى السينما الإسرائيلية ، كما أن إسرائيل وجهت الآن كل اهتمامها إلىالفلسطينيين فقط وهو ما أثر على السينما الحربية وتعمل على تحسين صورتها وصورة الجندي الإسرائيلي فبالأمس القريب حصل الفيلم الإسرائيلي >لبنان< على جائزة الأسد الذهبي كأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته 66 والذي نجح في ترويج مبررات إسرائيل في اجتياح لبنان وارتكاب مجازر صابرا وشاتيلا والتي أخرجه شموليك معول عن تجربة واقعية للمخرج واستطاع أن يقوم بتحسين وتجميل صورة الجندي الإسرائيلي في مسيرة الأفلام التي تسير على النهج نفسه والتي كان آخر فيلم كيبور وحصل مخرجه على احدي جوائز كان عام 2000 وفيلم يوفور للمخرج يوسف سيدرا الذي رشح لجائزة الأوسكار عام 2008 كما عرض الفيلم في مهرجان برلين وحصل على جائزة أفضل مخرج.