عمر عبدربه السبع قضية البيئة .. وحمايتها والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث واحدةً من أهم قضايا العصر، وإنّ الحفاظ على عناصر البيئة (الهواء، الماء والتربة) وعلى قدرة نظمها الأيكولوجية والترشيد في استخدام مواردها يساعد على العطاء ويضاعف الإنتاج.وتعتبر القمامة أو النفايات الصلبة المنزلية إحدى أخطر المشاكل البيئية عند تركها للهواء الطلق وعندما لا تتوافر الوسائل المناسبة للتخلص الآمن منها.إنّ عملية جمع ونقل والتخلص من النفايات الصلبة المنزلية عملية خدمية تكلف بها الدولة باعتبارها أحدى حاجات الإشباع للإنسان، وفي الوقت نفسه عملية التخلص الآمن والسريع للنفايات الصلبة المنزلية (القمامة) يوفر على الدولة آلاف الريالات التي قد تذهب هدراً لعلاج الأمراض الناجمة من هذه النفايات.إنّ تراكمات القمامة وعدم المقدرة على رفعها والتخلص منها يزيد من ارتفاع كثافة وكمية الذباب المنزلي إضعاف ما تسمح به هيئة الصحة العالمية لوجود مواد عضوية نصف متحللة ورطوبة جو مناسبة ودرجة حرارة ملائمة وينجم عن هذا التكاثر غير الطبيعي إصابات بأمراض الكوليرا (الإسهال الصيفي) و(التيفوئيد) والدسنتاريا والسل والحمى القلاعية والرمد الصديدي والرمد الحبيبي.كما أنّ حقن القمامة في البيئة وتركها للتخمر بواسطة بلايين الكائنات الحية الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجردة ونمو البكتيريا والقوارض يؤدي إلى انبعاث غازات الصوبة وفي مقدمتها غاز الميثان الناتج عن التحلل اللاهوائي للمواد العضوية، بالإضافة إلى غازات النشادر وأكاسيد النيثروجين والكبريت وإطلاق غازات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون الناتجة من نشاطات الكائنات الحية الدقيقة.. وغازات الصوبة لاسيما غاز ثاني أكسيد الكربون له تأثير شديد على تغير مُناخ الأرض، إذا ما زادت نسبته في الغلاف الجوي للأرض.. ولا ريب أن تغير مُناخ الأرض بغازات الدفيئة، يساعد على زيادة حرارة الأرض وبالتالي تحدث الأعاصير والفيضانات وارتفاع مناسيب مياه البحر مما يؤثر سلباً على حياة المجتمعات البشرية.إنّ عملية جمع النفايات والتخلص منها مسؤولية مشتركة بين البلدية والمواطنين، فإذا كان من واجب المواطن نقل نفاياته من مسكنه إلى أقرب مكان تحدده له البلدية وفي ا لمواعيد المعيّنة، فإنّ على البلدية جمع هذه النفايات إلى حيث الموقع النهائي لمعالجتها والتخلص من مضارها.والبيئة النظيفة، كما تؤكد بحوث علماء البيئة، تساعد في مقدرة المواطنين على الإنتاج بنسبة تتراوح ما بين 20 – 38 %، زيادة عن البيئة غير النظيفة، كما أنّها تقلل من نسبة الأمراض الاجتماعية مثل الإدمان والاكتئاب والانتحار والعنف ضد المرأة.وقد أثبت العلماء بالواقع الملموس والبحوث العملية ما تهدره النفايات الصلبة من مصادر الثروة الطبيعية، واستعادوا بعض الثروات الطبيعية من القمامة، إذ بأسلوب إعادة تدوير القمامة أمكن تصنيع الورق من ورق القمامة عبر تكنولوجيا إعادة تصنيع الورق وتوفير 50% من كمية الطاقة اللازمة في حالة تصنيعه من المصادر الطبيعية لإنتاج الورق.وبإعادة تصنيع الحديد من الخردة الموجودة في القمامة، فإنّ المصنع يوفر 60% من الطاقة.. كما يمكن إنتاج سماد عضوي من ا لقمامة كبديل لبعض الأسمدة الكيميائية ذات الضرر الخطر في تلويث البيئة، وذلك بواسطة التقدم المذهل في التكنولوجيا الحيوية.. ويمكن أيضاً حقن هذه الأسمدة بالأسمدة الحيوية لرفع قيمة هذه الأسمدة العضوية لتنافس الأسمدة الكيماوية في محتواها من عنصر الأزوت.وفوق هذا ومعه فإنّ العائد المنظور من تدوير النفايات هو صحة الإنسان، وإنّ حماية البيئة والاهتمام بصحة الإنسان بحاجةٍ إلى مجهود وتنظيم، وقد شهد العصر الحديث تطوراً مذهلاً في كمية النفايات الصلبة المنزلية الناتجة من النشاط الإنساني وتغير محتوى القمامة من المواد المختلفة، فبينما قلّت المواد العضوية زادت نسبة الأوراق والحديد والزجاج والمواد البلاستيكية، والمفاتيح الأساسية لحل هذه المشكلة البيئية من النفايات الصلبة المنزلية تتمركز على التشريعات البيئية والتربية البيئية والإدارة البيئية.ففي مدينة عدن، فإنّ كمية النفايات الصلبة المنزلية للفرد الواحد تتراوح ما بين 600 – 800 جرام في اليوم الواحد، وأنّ متوسط إنتاج الفرد من القمامة صيفاً أكثر من إنتاج الفرد شتاءً، وأنّ محتوى القمامة من بقايا الخضروات والفواكه صيفاً أكثر منه شتاء.. وأنّ بعض القمامات تجدها مرمية في الشوارع ومكدسة في المساحات الخالية بين المنازل مما يعكس السلوكيات البيئية المتدنية لرب الأسرة وجميع أفرادها.إنّ التشريعات البيئية في اليمن شملت موضوع القمامة ورسوم النظافة بيد أنّ تطبيق بعض الإجراءات لا يزال بعيداً عن الواقع المأمول.إنّ فرز القمامة في محافظة عدن يتم في المقلب بواسطة عمالة يدوية تابعة لشركة خاصة، أما الإدارة البيئية في محافظة عدن تبذل جهوداً حثيثة للقضاء على القمامة يومياً في المردم الصحي في بئر النعامة على طريق البريقة والمزودة بالكهرباء والماء والمعدات الثقيلة لطمر القمامة ودكها وتغطيتها بالأتربة.. فالنفايات سلاح ذو حدين فهي نقمة إذا أُهملت خدمتها ونعمة إذا ما استثمرتها اقتصادياً.
|
ابوواب
محافظة عدن ومصادر الثروة الطبيعية المهدورة في القمامة
أخبار متعلقة