كنوز اليمن القديمة...تذهل العالم!!
د.زينب حزام:افتتح مؤخراً معرض(كنوز اليمن القديمة) بالمتحف الوطني بصنعاء..وسط لفيف من المدعوين والباحثين والمتخصصين بالآثار وتاريخ اليمن القديم،/ويعد هذا المعرض والذي أقيم في أواخر الشهر الماضي، أكبر تظاهرة أثرية وفنية لم يشهدها اليمن من قبل..فمن أعماق تربة الجوف حتى شواطئ أرخبيل سقطرى تنبثق حضارة ما زالت تعبر عن نفسها،لتصبح حدثاً فريداً من نوعه.جزيرة سقطرى تبلغ مساحتها حوالي3665كم2 وتقع في خليج عدن والبحر العربي الذي يحتوي على سبع جزر كبيرة والبعض منها صغيرة. ويبلغ عدد سكانها حوالي مائة وعشرين ألف نسمة يمتازون بالفطرة العربية اليمنية خاصة بالكرم والضيافة..هذا الأرخبيل يحتوي على خصائص نادرة سواء كانت في البيئة من أشجار طبية نادرة أم مواقع تاريخية مميزة،وهذا الأرخبيل يجذب إليه السائح من جميع أنحاء العالم حيث يحتوي على كهوف عجيبة وتتميز بالأشكال الهندسية التي صنعتها الطبيعة اليمنية إضافة إلى الرسوم الأثرية على الكهوف المتوسطة الأعمار حيث يفتش الباحثون على الرسومات الأثرية فيها وقد وجدوا فيها الصخور والأحجار التي تشير إلى الحيوانات والنباتات الطبية النادرة التي وجدت في أرخبيل سقطرى،ودعا الباحثون إلى ضرورة حماية هذه الكهوف المهمة تاريخياً،حيث تعود هذه الرسوم إلى العصر الحجري،وهي تحتوي أيضاً على أشكال هندسية من صنع الطبيعة،أن هذه الكهوف المكتشفة في أرخبيل سقطرى تعد كنزاً أثرياً يتكون من الرسوم التي لا تضاهيها أي مجموعة أخرى بما في ذلك رسوم حوائط كهوف سقطرى.وهي ما زالت في حالة رائعة،ويبدو أنها لم تمس منذ زمن طويل،وتبين وجود الفنانين القدامى من خلال رسوماتهم وأدواتهم المتناثرة مثل السكاكين مصنوعة من حجر الصوان.وأدوات الحفر التي كانوا يستخدمونها لإشعال النار،والتي ما تزال هذه العادة الموروثة تستخدم في أرخبيل سقطرى رغم دخول الأدوات الحديثة إليها.ونعود إلى الصور المرسومة على جدران الكهوف في أرخبيل سقطرى نجد فيها رسوماً للحيوانات النادرة والمرسومة على الكهوف وهي مجموعة كبيرة من قط العنبر والظبي والغزلان والنمور والجياد وهذه الرسوم هنا أجمل،من أي رسوم وجدت على كهوف اليمن،وعندما يزورها السائح أو الباحث يشعر بالإيقاع والحياة على نحو رائع مع إيقاعات المياه العذبة التي تمر على هذه الكهوف التي تحتوي أشكالاً هندسية رائعة من صنع الطبيعة.وقد شاركت جزيرة سقطرى ببعض القطع الأثرية في معرض كنوز اليمن القديمة الذي أقيم في المتحف الوطني بصنعاء هذا المتحف الذي يضم500قطعة نادرة يتم عرضها لأول مرة في هذا المعرض الأثري وهي حصيلة عمل فريق من خبراء الآثار اليمنيين،وقد شاركت أيضاً في هذا المعرض الأثري،قطع أثرية قديمة يعود تاريخها إلى ما قبل85ألف عام،إضافة إلى أدوات من الفضة والذهب تعود إلى الممالك السابقة كالسبئية والحميرية وغيرها. حيث كان الإنسان اليمني يمتلك العديد من المهارات والقدرات في ذلك الوقت،والدليل على ذلك الأدوات التي وجدت في المواقع الأثرية في منطقة الجوف،وقطع أثرية من مأرب التي اشتهرت كمركز تاريخي وحضاري من عهد الملكة بلقيس،وبعدها بعهود طويلة اشتهرت الملكة أروى بنت أحمد الصليحي،وقد عرفت هذه الممالك بازدهار حضارتها،حيث كانت اليمن بلداً ديمقراطياً مزدهراً في الاقتصاد والصناعة والزراعة والتجارة.ويغطي معرض الآثار اليمنية القديمة الحقبة الزمنية التي ترجع إلى1500عام والتي شهدت أحداثاً تاريخية كثيرة،كما يقدم المعرض قطعاً أثرية في صنعاء القديمة تحت تراب القصور والمعابد،وليدوم الصمت 12قرناً من الزمان.ولكن لأن الأمل لا يغيب عن العلماء والباحثين اليمنيين المتخصصين في مجال الآثار والتاريخ،وكانوا على يقين من أن هذه المدن القديمة في اليمن والتي عرفت الازدهار،وما زالت كامنة وساكتة في قاع القصور والمعابد.كما يوجد في معرض المتحف الأثري أحجار رخام جلبت من المعابد والقصور التي انهارت بفعل عوامل التعرية،وهذه الأعمدة من الجرانيت والرخام،كما تم اكتشاف رأس تمثال من الرخام الأبيض،إلا أن نقص الأدوات اللازمة حال دون متابعة العمل بحثاً عن المدن القديمة الأثرية في صنعاء والجوف وذمار ومأرب وشبوة وحضرموت،غير أن الهيئة العامة للآثار تعمل لاستئناف العمل في جميع المواقع الأثرية،وتعين فريقا من الخبراء الأجانب واليمنيين لاكتشاف هذه المدن القديمة والتنقيب عن الحفريات فيها،وقد تم اكتشاف معبد يمني قديم في ذمار في أواخر العام الماضي وبالقرب منه عثر على مستودع تكدست فيه كميات من التماثيل،ثم كشفت الحفريات عن كنوز أثرية عبارة عن تمثال من الجرانيت الأسود لملك حميري،وتمثال آخر هو إله القمر.والمتحف الوطني بصنعاء يحتوي على العديد من القطع الأثرية والتي لا تخطر على بال زائريه ونظراً للتغيير الدائم الذي يحصل في مختلف أقسامه هناك كانت لنا وقفة مع التاريخ المتجسد في صور وأشكال متعددة الأجناس والألوان.وفيه أقسام المعمار- طبقات الأرض المعادن- الحفريات- الحيوانات- والقطع الأثرية.والمتحف الوطني بصنعاء من المتاحف القليلة في اليمن التي تجمع بين الفن والمعمار والعلوم تحت سقف واحد،ومن أهم العلامات البارزة في المتحف وهي مجموعة المخطوطات القديمة والإسلامية. والقطع الأثرية والفنية،وتشمل لوحات من الفن الدقيق،وتماثيل برونزية يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر الميلادي وهي آية من آيات الفن القديم والذي يبعث في نفس المتفرج مزيجاً من الشعور(بالوحشة) وإجلال العبقرية،يضاف إلى ذلك بعض الجواهر النادرة وصور للملوك اليمن،وبهائم خرافية وأسلحة وعظام يستخدمونها العرافون للتنبؤ بالمستقبل.ومن العلامات البارزة في المعرض جناح خاص بالعادات والتقاليد اليمنية والحلي والفضة مع الملابس التقليدية والنسائية في اليمن وهي في مجمل أنواعها وأصنافها وتقاليدها وفق تقاليد ارتداء الملابس ومناسباتها وتشكل رونقاً لافتاً.وكما يشمل الجناح عادات وتقاليد شرب القهوة اليمنية قديماً وحديثاً.والحلي الفضية والذهبية التي ترتديها المرأة قديماً وحديثاً مثل الأساور الفضية والذهبية وغيرها.والزائر لهذا الجناح يشاهد قطعاً من المصوغات اليدوية التي اشتهر بها الصاغة في اليمن والجواهر النادرة التي تعكس تاريخ اليمن القديم والحديث ودياناتها وحياتها اليومية.وفي المتحف أشياء كثيرة أخرى غاية في الروعة والإتقان وحسن الترتيب والتنظيم الأعمدة المنحوتة ولوحات فنية لفنانين تشكيليين يمنيين رسموا أهم المعالم التاريخية في اليمن.المعرض المقام حالياً في العاصمة التاريخية صنعاء،يحكي تاريخ اليمن القديم من الألف إلى الياء وهذا المعرض يضم تماثيل ولوحات وعملات ذهبية كشفت عنها البعثات الأجنبية التي قدمت إلى اليمن، بالتعاون مع الباحثين اليمنيين.وهذا المتحف دليل على مدى التحضر الذي تتمتع به اليمن، فهي تكرم علماءها وهم أحياء ولا تنتظر موتهم لتدللهم وهم في القبور،ولا تنسى عباقرة الحضارة اليمنية القديمة الذين شيدوا سد مأرب والصهاريج والقلاع والحصون والجوامع.أن أهم ما في هذا المتحف كنوز اليمن القديم،عظمة التاريخ والحضارة اليمنية القديمة والحديثة،وهو دليل على محافظة اليمن لكرامة الإنسان وكرامة الفنان الذي صنع هذه اللوحات الفنية.