عدن / إبتسام العسيريبرعت فئات من ذوي الإعاقة في تحطيم جدران المستحيل والقفز فوق أسوار اليأس والإحباط ، ليثبتوا على ارض الواقع قدرات ومهارات تفوق كل التصورات خاصة وأنهم “ معاقونا جسديا أصحاء روحيا ونفسيا وحياتيا ..هذا ما يقوله لسان حال معارضهم التي أقاموها مؤخرا لعرض منتجاتهم اليدوية الصنع المتقنة في الإبداع وكأن الآلة هي من أنتجها وليست يد الإنسان !! قدم الجميع في المعرض الأول للمشغولات اليدوية تحت مظلة الإتحاد الوطني للمعاقين هذه المرة والذي ضم 6جمعيات من ذوي الاحتياجات الخاصة عدداً من أعمال الزينة والتحف والهدايا وكذلك الملابس النسائية التي أبهرت الحاضرين بجودتها وتميزها ودقة صناعتها .أثناء تجولي بين أجنحة المعرض تساءلت عن الكيفية التي مكنت هذه الفئات من شغل هذه الأعمال وعن المواد التي استخدموها ومصادر تمويلها؟ فكانت الإجابة على لسان الأستاذة فوزية سيف ناصر رئيسة قسم الحرفيين في معهد النور للمكفوفين “ نقوم بتدريس الطلاب من فئات المكفوفين بتنمية حاسة اللمس لديهم وحركة اليد ، بحيث نعرفهم بملمس الأسطح الخشنة والناعمة أثناء فترة النشاطات ، ونقوم نحن بتنسيق الألوان هذا بالنسبة للكفيفين كليا ، أما الذي يعدون ضمن ضعاف البصر يقومون بنفس الأشغال مع القيام بمهام أكبر لا يتمكن الكفيف كليا من عملها .
من قاعة المعرض
وتقول حياة عبده محمد وهي مدرسة ومشرفة الأعمال اليدوية في جمعية “ أنا وليس إعاقتي “ للإعاقات المختلفة في البريقة “ نقوم بتدريب الطلاب على أعمال الصوف بحسب قدراتهم وقابليتهم على الفهم والاستيعاب لكون البعض منهم “ أصحاب إعاقة ذهنية “ كالمنغوليين الذين يتمتعون بذكاء يحتاج إلى وقت كي يستوعب ويعتاد على ما يتم إعطائه من المعلومات والتطبيقات “ ، وتقول الأخت أمل من المعهد المهني لفئات ذوي الإعاقة “ يتم توفير بعض المواد الخام والبعض الأخر نحصل عليه عبر بعض المستلزمات الاستهلاكية التي يتم رميها بعد استخدامها كالعلب وقنينات الماء والشراب .. ويتم إعادة استعمالها وتدويرها في صناعة تحف لا يصدق المرء أنها من أشياء مستخدمة سلفا أو صنعها أفراد من ذوي الإعاقات المختلفة ! كل هذه الملابس وهذه الدببة والمزهريات صنعها معاقون ولكن لأفرق بينها وبين الذي تم صناعته في المصانع والمعامل ومن قبل أناس أصحاء “ .. وتوضح أمل “ لدى المجمع المهني لذوي الإحتياجات الخاصة ورش متعددة تنتج أعمالا متفوقة مثل ورشة النجارة التي تدرب وتعلم وتخرج أفراد من ذوي الإعاقة قادرين على العمل في هذا المجال وغيره حتى يتمكنوا من الإعتماد على انفسهم ولا يكونوا عالة على غيرهم “ . وحاولت الأستاذة فوزية أن تريني نموذجا حيا لما يقوم بع الكفيف من تطريز أعمال الصوف وهنا كانت دهشتي ، حين أخذت أنامل فتاة لا ترى بصيص من النور بلف الخيط على قاعدة الحياكة ثم اتخذت تلف الخيوط الواحد تلو الآخر بحركات منتظمة ، لينتج عن هذه اللفات مفرش رائع من الصوف يمكن استخدامه على الطاولات أو تغطية التلفاز به ..ملابس، مزهريات، دببة، أشجار الزينة ومفارش الصوف والإشاربات حتى الجوارب ، وأعمال النجارة كالدواليب والأدراج والمكاتب والأسرة ، أعمال متعددة يقوم بها فئات ذوي الإعاقة ، أغلبها بتمويل ذاتي ، يحاولون من خلال هذه المعارض الترويج لأعمالهم وتعريف المجتمع بأنهم موجودون وفاعلون وقادرون على العمل في مختلف مجالات الحياة كل بحسب إمكانياته وقدراته وكفاءته ، طامحين إلى تعريف المجتمع بقدراتهم الإبداعية وتغيير النظرة القاصرة تجاههم وتجاه أعمالهم ، على ان تعطى الإهتمام والعناية والرعاية لهذه الفئات القادرة على العطاء دائما رغم الإعاقة ونظرة المجتمع لهم ، التي لم تقف حائلا أمام إبداعاتهم وعطائهم .